الزعبي: الإعلام المعادي يريد أن تتوقف عجلة الحياة في سورية

لورا محمود

بالتعاون مع اتحاد الصحافيين، أقامت وزارة الإعلام السورية ورشة عمل بعنوان: «دور الإعلام الاستقصائي في تطوير أداء المؤسسات ومكافحة الفساد»، وذلك على مدرج «دار البعث» في دمشق، بمشاركة مجموعة من الإعلاميين لمناقشة المدخل العام لمفهوم الإعلام الاستقصائي وآليات تفعيله في المؤسسات الإعلامية.

الزعبي

وأشار وزير الإعلام عمران الزعبي إلى أنّ الإعلام الاستقصائي ليس غريباً عن الإعلام الوطني، وإن لم يعنَ به كثيراً في المراحل الماضية. لافتاً إلى أن الإعلام المعادي يريد أن تتوقف عجلة الحياة في سورية ولذلك يبدي امتعاضه من اهتمام الإعلام السوري بكل الأنواع والألوان الإعلامية وحتى الدراما والبرامج المنوعة. وأضاف أن الإعلام الاستقصائي يحتاج إلى جهد كبير لأنه يبحث وراء قصص ثمينة ويتيح للصحافي والإعلامي العمل بأساليب متعدّدة.

وتطرّق الزعبي إلى الفساد ومظاهره في المجتمعات، موضحاً أنّ الفساد لم يولد فقط في الأزمة، بل إن الأزمة خلقت صورة جديدة من صور الفساد الممتد منذ الجاهلية. معتبراً أن الفساد مؤسسة، وكلما تطورت مؤسسة القانون تطورت مؤسسة الفساد، لأن الفاسدين يبدأون البحث حينئذ عن مواطن الضعف في أي قانون جديد وإن كان مصاغاً بحرفية عالية. ويفتشون عن أساليب جديدة للتحايل على هذه القوانين.

وبيّن الزعبي أن وزارة الإعلام لديها فريق يعمل في مجال الإعلام الاستقصائي بما له علاقة بالإرهاب، وأن هذا الفريق أنشأ مجلدات فيها معلومات وبيانات وتفاصيل عن عدد كبير من الإرهابيين في سورية من سعوديين وكويتيين ومن دول أوروبية وغيرها، وأنّ هذه المعلومات ستذاع على شاشات التلفزيون السوري بكلّ محطاته.

وأكد الزعبي أهمية تفعيل نتائج هذه الورشة والعمل على إقامة دورات تدريبية في هذا المجال. داعياً إلى أن يبدأ الإعلام الاستقصائي عمله في المرحلة المقبلة من مؤسسات الإعلام على جميع المستويات، وتقديم تحقيقات عن الإدارة أو الفشل الإداري، وجميع القضايا الاخرى بكل مصداقية وشفافية.

وأكد الوزير الزعبي أن الإعلام السوري الوطني إعلام مواجهة قدّم التضحيات الثمينة من شهداء وجرحى، وأن مؤسّساته تعرضت للاعتداءات الإرهابية حين لم تستطع مؤسسات ضخمة ذات إمكانيات كبيرة وتقف وراءها شبكة من العلاقات والشركات تحمل الحقيقة التي يقدّمها الإعلام الوطني.

الأحمد

ولفت عضو أكاديمية الازمات الجيوسياسية علي عبد الله الأحمد لما ورد في خطاب القَسَم للرئيس بشار الأسد عن تطوير الإعلام ككل، وقال في حديثه لـ«البناء» على هامش الورشة: «نعقد هذه الورشات للوقوف على مشاكل هذا النوع من الإعلام. فالإعلام الاستقصائي والذي يشكل رأس حربة لأنواع الإعلام الأخرى، وهو في سورية موجود منذ أكثر من 30 سنة، خصوصاً في الإعلام المكتوب».

وتابع: «اليوم تطورت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي يمكن إشراكها في العمل الاستقصائي. كان السؤال المطروح في جلسات النقاش هل هناك صحافيون استقصائيون في سورية لديهم المهارات الكافية للقيام بمثل هذا النوع من الصحافة؟ وتبيّن أن هناك قدرات صحافية ممتازة في سورية، ولكن مهما كانت الامكانات ممتازة، لا بدّ من إجراء عمليات تدريب دائمة لكي يقوم الصحافي بعمله الاستقصائي، ولا بدّ من توفير التمويل اللازم حتى ينجز موضوعه بشكل جيد».

وأكد الأحمد: «لقد تبين أن كل العالم العربي لا يشكل 10 في المئة من الصحافة الاستقصائية في سورية، ولكن هذا لا يعني أننا راضون عن عمل الصحافة الاستقصائية، ولا يعني أننا وصلنا إلى ما نريده من الصحافة الاستقصائية. فبإمكاننا تطوير هذه النوع من الصحافة، خصوصاً بوجود مبادرات جريئة للعمل في الصحافة الاستقصائية التي يجب أن يكون لها حضور وفعالية أكثر، وليس فقط لمكافحة الفساد، بل لحل قضايا مجتمعية مهمة وخاصة في المجتمع السوري كالمخدرات وقضايا الاتجار بالاعضاء البشرية والاتجار بالاطفال. فالصحافة الاستقصائية صحافة واسعة جداً».

وأضاف الأحمد: «إن مؤسسات الدولة تعمل تحت سقف القانون، والصحافي كذلك. والتعاون يجب أن يكون بصيغة قانونية. إن الصحافة الاستقصائية كانت متراجعة نوعاً ما ولم تلعب الدور اللازم خلال الأزمة، ولهذا كان لا بدّ من انعقاد مثل هذه الورشات التي اتفقنا خلالها على عقد مجموعة من الدورات التدريبية لرفع كفاءة الصحافي، خصوصاً الشباب منهم وممّن لديهم بعض الخبرات المتعلقة بالصحافة الاستقصائية، على يد مدرّبين من سورية والعالم العربي سيأتون للقيام بهذه الورشات التدريبة للصحافيين».

زغبور

عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحافين نضال زغبور قال لـ«البناء»: «الصحافة الاستقصائية أداة للوصول إلى الحقيقة. فعندما نريد أن نعمل في الصحافة الاستقصائية يعني أننا نعمل في سبر أغوار اقتصادية وسياسية وفكرية. وهذا يتطلب استبيانات تتطلب عند تجهيزها تشكيل رأي عام وإعلانه لقادة الرأي وهذا يتطلب استراتيجية إعلامية، والسؤال هل هذا موجود في مؤسساتنا الإعلامية؟ نعم ولكن ليس بشكل مؤطر أو معنوَن».

ولفت زغبور إلى أن هناك خلطاً بين التحقيقات الصحافية والصحافة الاستقصائية. فالتحقيقات حالة إجرائية لحظية، بينما الصحافة الاستقصائية علاجية وطويلة الأمد وتؤرشف للصحافيين الذين أجروا اختبارات وتحقيقات استقصائية. وقال زغبور: «إن الأزمة عرّت الكثير من قصص الفساد وكشفتها، فالمسؤول الفاسد أخطر على سورية من الإرهابي».

أبو عبد الله

ويؤكد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق الدكتور بسام أبو عبد الله أن الإعلام في العالم أصبح إعلاماً استقصائياً. وقال: «اليوم، لا أستطيع أن أكتب مقالاًَ من دون أن أدخل في عمق الموضوع الذي أتناوله. ومن خلال ورشات العمل قدّمنا تجارب صحافيين عملوا في الصحافة الاستقصائية. وركّزنا على أن يكون العمل الصحافي الاستقصائي بين مجموعة من الصحافيين يشكلون فريقاً استقصائياً. ونوقشت آليات عمل لتفعيل العمل الصحافي الاستقصائي.

وسأل: ما هي الطرق؟ هل عن طريق إحداث دائرة متخصّصة أم عن طريق الدعم المادي؟ أم بالارادة السياسية التي هي موجودة أصلاً وقد أكّدها خطاب القسم للرئيس بشار الأسد؟

ولفت أبو عبد الله إلى أن المجال متاح للعمل الاستقصائي، خصوصاً في الجانب السياسي. فمثلاً، من منّا يعلم كف يعمل البرلمان السوري؟ هل ذهب أحد واستقصى عن نوّابه ماذا فعلوا؟ وماذا أنجزوا في فترة وجودهم في البرلمان؟ وكيف ساهموا في إصدار القرارات؟ وكيف تعمل اللجان المختصّة فيه؟ هذا كان الجانب السياسي. وهناك جوانب أخرى من عمل الحكومات والوزارات التي لا بدّ من التعاطي معها استقصائياً.

وعن تعاون مؤسسات الدولة مع الصحافي الاستقصائي قال أبو عبد الله: «اتُفِق على أن تقوم وزارة الإعلام بتقديم تقرير سنوي يوضح مدى تعاون الجهات الحكومية مع الصحافة الاستقصائية، وهذا الامر يحثّ مؤسسات ووزارات كثيرة للعمل مع الصحافة الاستقصائية. وهذه الندوات كانت بمثابة مدخل سيعقبها الكثير من الندوات التخصصية والتدريبية. وأكد الصحافيون المشاركيون على أهمية حماية الصحافي وشهوده ومصادر معلوماته وإنشاء محكمة خاصة بقضايا الصحافيين».

نفاع

بدوره، قال مدير الإعلام التنموي وورشات العمل الدكتور مازن نفاع: «جرى التركيز على مداخلات ومشاركات الإعلاميين ممّن لديهم خبرة وممارسة في الإعلام الاستقصائي، وحائزين جوائز عربية وعالمية في الإعلام الاستقصائي، وإيضاً من الإعلاميين الشباب المتحمّسين ولديهم طموح للعمل الاستقصائي. فحاولنا مزج هاتين الشريحتين لنرى ما يمكن أن نفعله مستقبلاً في مجال العمل الاستقصائي، وما هي المعوقات أمام الصحافة الاستقصائية، وما هي متطلباتها، وحق الصحافي في الحصول على المعلومة. فنحن اليوم نحتاج إلى تعميم الثقافة الاستقصائية للتعامل معها على أنها إداة لتطوير منهجة عملنا في الإعلام».

توصيات

وخرجت هذه الورشات والجلسات بتوصيات ومقترحات من أربع محاور، وهي البيئة القانونية والتشريعية داخل المؤسسات الإعلامية وعلاقتها بالمؤسسات الأخرى، حماية الصحافي، الدعم المالي والمادي، والتدريب والتأهيل لكل نوع من أنواع العمل الصحافي تلفزيون، إذاعة، وصحف .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى