تأثيرات محتملة لليسار في الانتخابات التونسية

ناديا شحادة

بدأ العدّ التنازلي للانتخابات التشريعة التونسية التي ستقام نهاية هذا الأسبوع. ثلاثة أيام تفصلنا عن انتهاء الحملات الانتخابية للأحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية المفصلية التي تشهد منافسة شديدة بين أهم مكونات الساحة السياسية وستكون نتائجها مؤشراً على شعبية الأطراف التي تخوضها ورجاحة خياراتها السياسية، ومن المتوقع أن تتجه الخريطة السياسية الجديدة نحو استقطاب ثنائي بزعامة حزبي النهضة ونداء تونس مع تأثيرات محتملة للأحزاب اليسارية والقومية.

فالجبهة الشعبية تعتبر من أهم الائتلافات اليسارية التي عُلّقت عليها آمال شعبية كبيرة. وبعد الصفعة التي تلقتها خلال انتخابات 2011، حاولت القوى اليسارية إعادة تشكيل كيانها الذي يضم قوى بعثية وقومية ويسارية وشخصيات سياسية مرموقة، لعل أهمها الشهيد شكري بلعيد والقيادي حمة الهمامي الذي يحافظ في خطابه على الخطاب اليساري القديم القائم على التنظير لأفكار وبرامج اقتصادية مختلفة، يرى المراقبون أنها لم تعد مقنعة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد والتي تحتاج الى حلول واقعية.

زعيم الائتلاف الحزبي اليساري والمرشح للانتخابات الرئاسية حمة الهمامي، الذي يعتبر أحد أبرز أعداء جماعات الإسلام السياسي، يؤكد فوز الجبهة الشعبية بما لا يقل عن 20 مقعداً في البرلمان بالرغم من إغراق الحملات الانتخابية بالخطاب الديني في المساجد والمال السياسي القادم من الخليج وشراء الذمم. ويشدد في حملته الانتخابية على طرح مسائل جوهرية، من أهمها ضرورة تطبيق العدالة الاجتماعية والحد من انتشار الرأسمالية والتقلص من الفوراق الاجتماعية، ويعمل على فضح فشل حكومة الترويكا ويحذر من الخطر الإرهابي الذي تمثله حركة النهضة الإخوانية بزعامة راشد الغنوشي الذي يعتبره لا فقيهاً ولا سياسياً، وإنما شخصية تمارس النفاق السياسي من أجل العودة للحكم وأنه لم يتخلَّ عن استراتيجية الإخوان المسلمين التي تستعمل الدين لغايات سياسية.

وجوهر خطاب الجبهة الشعبية يكمن في الحديث عن عدم التحالف مع الترويكا، وتحالفتها المستقبلية تحددها موازين القوى التي ستفرزها صناديق الاقتراع، كما وعن ضرورة انتصار القوى الديمقراطية التقدمية لضمان بناء جمهورية ديمقراطية تضمن الحقوق والحريات ويكون فيها القضاء مستقلاً ونزيهاً.

فبالرغم من أن الائتلاف اليساري يعتبر مكوناً أساسياً للمشهد السياسي التونسي، حيث نجح في أكثر من مناسبة في قلب موازين القوى، إلا أن الجبهة الشعبية، أكبر ائتلاف يساري في تونس، بقيت مجرد رقم في المعادلة، إذ يسهل الضغط عليها وحصرها من طرف حركة النهضة بفضل خطابها الديني المؤثر على شريحة شعبية واسعة.

والمتابع للشأن السياسي يلاحظ أن نشاطات الجبهة الشعبية في حملتها الانتخابية بقيت محدوة، الأمر الذي أثار تساؤل عديد المهتمين بالشأن السياسي، خصوصاً أن مسألة بحث التونسيين عن بديل سياسي ناجع لا يزال قائماً، وهذا كان سبباً أساسيا في امتناع عدد من التونسيين عن التسجيل في الانتخابات.

فهل ستضم قبة البرلمان كتلة يسارية؟ وإن حصل ذلك، هل ستعكس تطلعات اليسار التونسي بمختلف مكوناته؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى