السعودية تدرس سحب جعجع وترشيح الجميّل… وسباق مفتوح مع ساعة الثلج في القلمون

 

كتبالمحررالسياسي

 

رفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سقف التفاوض مع الأميركيين برفض الصفقات الثنائية الوهمية، والإصرار على حلول متوازنة تلبّي الاحتياجات للخروج من الأزمات، فتمهّلت واشنطن بالردّ على رفض موسكو التعاون الاستخباري في الحرب على «داعش»، من دون إطار قانوني أممي تصرّ موسكو على أن يكون بقرار يصدر عن مجلس الأمن، وتعيين ناظر للقرار، يتولى تنسيق الجهود الدولية تتبع له غرفة عمليات تتمثل فيها كلّ الدول القادرة والراغبة بالمشاركة، وعندها يتمّ تبادل المعلومات وتنسيق الجهود الجوية والبرية واللوجستية، والتعاطي مع سيادة الدول التي تجري المعارك على أرضها من ضمن الصيغة التي يكفلها القانون الدولي لها، ويضمن الأمن والسلم الدوليين في وقت واحد.

 

وصلت رسالة بوتين إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا مركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أن لا داعي للقاءات ثنائية على هامش القمة ما لم تنفع الجهود المشتركة بالتوصل إلى تفاهم حول أوكرانيا، تلتزمه حكومة كييف المدعومة من الغرب تجاه حقوق أبناء شرق أوكرانيا ذوي الأصول الروسية، بقبول خصوصيتهم وفقاً للاستفتاء على صيغة فيديرالية للدولة الأوكرانية، وإدخال إصلاحات دستورية عميقة تتناسب مع هذا التغيير، بعد وضع الترتيبات التي تكفل وقف إطلاق نار ثابتاً ودائماً، وفقاً لما تمّ الاتفاق عليه في مشاورات ميلانو على هامش القمة الأوروبية ـ الآسيوية الأسبوع الماضي.

 

أوروبا التي تستعد لفصل الشتاء تعرف أنها لا تستطيع تجاهل حاجتها إلى الغاز الروسي الذي يعبر إليها من خلال الأراضي الأوكرانية، وتعرف أنّ كلّ الحلول البديلة نوع من أنواع الفانتازيا التي تضيّع الوقت والجهد، وروسيا لن تضخّ غازها عبر الأنابيب التي تعبر أوكرانيا ولا حكومة كييف ستكون جاهزة لتبرير التعاون مع موسكو، في أجواء التصعيد السياسي والإعلامي والعسكري.

 

الاتصال الهاتفي بين بوتين والرئيس الأوكراني جاء تتمة لتفاهمات ميلانو حول التسوية الأوكرانية، بمشاركة أوروبية لعبت ألمانيا دوراً بارزاً في التوصل إليها، وهي المستفيد الأول من إمدادات الغاز الروسية التي دارت حولها أول من أمس اجتماعات ثلاثية روسية أوكرانية أوروبية، للتوصل إلى تفاهم تقوم موسكو بموجبه باستئناف ضخّ الغاز المتوقف منذ حزيران الماضي، وبدا واضحاً أنّ التقدم في محادثات الغاز من الجانب الروسي يسير على إيقاع التقدم الأوكراني في تطبيق وعود ميلانو حول التسوية.

 

على خلفية التوازنات الدولية المتأرجحة تواصلت حرب الكرّ والفرّ على جبهات المنطقة، من اليمن إلى العراق وسورية، حيث سجل الجيش السوري تقدماً نوعياً على جبهات ريف حلب وصولاً إلى الاقتراب من عزل المدينة عن الريف بعد معركة حندرات، بينما عين العرب تشهد بروداً نسبياً على أساس التوازن السلبي الذي أنشأه المقاتلون الأكراد مستفيدين من غارات التحالف، التي جاءت في سياق التجاذب الأميركي ـ التركي على خلفية الغيظ التركي من استبعاد واشنطن لأنقرة عن مجريات التفاوض الإقليمي مع إيران. ومن إيران كان رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي يترجم المعادلة الإقليمية الجديدة باختيار طهران عنواناً لأولى زياراته الإقليمية، بينما العين في الخليج على مصير الحكومة اليمنية الجديدة التي كانت قيد الولادة بعد التفاهم بين الرئيس منصور هادي والحوثيين،

 

الذين صاروا عنوان الاشتباك مع تنظيم «القاعدة»، بينما أدّى التدخل السعودي إلى عرقلة صدور تشكيلة حكومية، وصفتها جماعة السعودية في اليمن بغير المتوازنة.

 

في السعودية نفسها بدأت الاستعدادات في المنطقة الشرقية وخصوصاً في القطيف والأحساء لإحياء مناسبة عاشوراء ابتداء من نهاية الأسبوع، حيث توافقت فاعليات المنطقة على جعل عنوان الإحياء التضامن مع الشيخ نمر النمر، الزعيم الأبرز في المنطقة ورجل الدين المعروف بمواقفه المعارضة والمتمسكة بسلمية التحرك المعارض، الذي صدر بحقه حكم بالإعدام قبل أسبوعين، بينما حشدت السلطات الآلاف من عناصرها ونشرتهم في شوارع المدن ومداخل القرى، يخشى أن تتحوّل بسببها أيام عاشوراء إلى مواجهات دموية. وتحت ذات العنوان التضامني مع الشيخ «النمر»، يعتصم ناشطون سياسيون وحقوقيون أمام مقرّ الإسكوا في بيروت بعد غد الجمعة الساعة الرابعة عصراً بدعوة من «لجنة التضامن مع الشيخ  النمر».

 

في قلب هذا الضباب الذي يلفّ المنطقة، يستعدّ لبنان لموسم الثلوج والمسؤولون الأمنيون يسابقون استعداداتهم مع مفاجآت يُخشى أن تكون قيد الإعداد من المجموعات المسلحة في جرود عرسال، بما فيها ما يتصل بمصير العسكريين المخطوفين، بينما بدت السعودية منهمكة بشخص الأمير مقرن في إدارة التفاصيل اللبنانية ودراسة فرص خلط أوراق رئاسية عبر تبنّي سحب ترشيح قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع وطرح ترشيح الرئيس أمين الجميّل في التداول التوافقي كتغطية للتمديد للمجلس النيابي من دون تبنّي هذا الترشيح  رسمياً من فريق الرابع عشر من آذار.

 

وبرز أمس تطوران على صعيد التمديد للمجلس النيابي الأول بإعلان  البطريرك الماروني بشارة الراعي موقفاً حاداً من هذا الموضوع لكنه أقرب إلى «رفع العتب» برمي الكرة في ملعب النواب وعلاقتهم بناخبيهم التي سيصادرها التمديد أصلا، واصفاً التمديد بأنه «مخالفة دستورية لا يعطيها بركته ولا يتدخل بهذه الأشياء ».

 

والثاني، إعلان تكتل التغيير والإصلاح رفض التمديد مع التوجه نحو الطعن به قضائياً. في وقت لم تخرج الاجتماعات التي شهدها المجلس النيابي أمس بنتائج حاسمة لجهة تحديد موعد جلسة التمديد.

 

وكان الراعي أوضح بعيد عودته إلى بيروت آتياً من روما، أنه عندما فاتحه الرئيس سعد الحريري بموضوع التمديد خلال لقائهما الأخير في العاصمة الإيطالية، ردّ عليه بالقول: «أنا لا أدخل في هذا الموضوع لأنه يشكل مخالفة، فإذا مدّدتم يعني ذلك مخالفة للدستور ولرأي الشعب اللبناني الذي انتخب النواب لمدة معينة (…) أنا لا أعطي رأياً بهذا الموضوع، وعلى مخالفة الدستور لا أعطي بركة». وسبق ذلك، موقف مماثل لتكتل التغيير والإصلاح الذي رأى بعد اجتماعه برئاسة العماد ميشال عون «أن الربط بين الانتخابات النيابية والرئاسية خطأ دستوري كبير ومرفوض». وأعلن «أن كل الإجراءات القانونية متاحة له في عملية رفض التمديد، ولن يستثني أي إمكانية دستورية وقانونية وديمقراطية»، مؤكداً أنه «جدي إلى آخر الحدود في احترام الدستور والفصل بين الاستحقاقات ورفض التمديد، وسيتابع هذا التوجه في الأيام المقبلة».

 

وأكدت مصادر وزارية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن «التكتل سبق أن طعن في عام 2013 بالتمديد، والغريب أن لا نطعن اليوم»، لافتة إلى «أن مواقف الجنرال الثابتة من التمديد للواء أشرف ريفي حين كان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، إلى التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، وصولاً إلى التمديد للمجلس النيابي». وأكدت أن الفراغ الرئاسي لا يعني أن التمديد بات شرعياً وقانونياً.

 

من جهته، أكد النائب الأسبق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي لـ«البناء» «أن الرفض الشعبي الكبير للتمديد للمجلس النيابي دفع تكتل التغيير والإصلاح إلى الإعلان عن اتخاذ كلّ الإجراءات القانونية الدستورية والقانونية والديمقراطية المتاحة له في عملية رفض التمديد».

 

ورداً على سؤال عن مدى الارتباط بين الانتخابات الرئاسية والتمديد، أكد الفرزلي أن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل قال: «ممنوع على فلان أن يصبح رئيساً للجمهورية في إشارته إلى العماد عون، ولم يحرك أحد ساكناً»، مذكراً «بما جرى عندما دعا الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى التمديد للرئيس الراحل الياس الهراوي، فعندها قامت القيامة».

 

وعما إذا كان رفض التمديد موجهاً ضد تيار «المستقبل»، سأل الفرزلي: «هل المسيحيون أجراء أم شركاء؟»، لافتاً إلى «أن النظام اللبناني لا يملك جواباً على هذا السؤال».

 

«المستقبل» يستعجل التمديد

 

وفيما لا يزال رئيس المجلس النيابي نبيه بري يتريث في موضوع التمديد بدا تيار المستقبل مستعجلاً عليه. وكان هذا الموضوع، إلى جانب موضوع سلسلة الرتب والرواتب والاستحقاق الأمني والاقتصادي، محور الاجتماع المطول بين بري ورئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة، نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري، وزير المال علي حسن خليل ومدير مكتب الرئيس الحريري، نادر الحريري، وذلك على هامش جلسة التجديد للجان النيابية.

 

وأفادت المعلومات أنّ الاجتماع لم ينته إلى نتائج حاسمة لجهة تحديد موعد جلسة التمديد، وقد استبعدت مصادر بري عقدها هذا الأسبوع وحتى قبل نهاية الشهر الجاري مشيرة إلى أنّ هناك أسباباً عدة تحول دون ذلك منها زيارة رئيس الحكومة تمام سلام إلى ألمانيا ومصادفة أكثر من عيد ومناسبة في نهاية الأسبوع مع العلم أنّ بري يرغب ضمناً بالاستماع إلى آراء كل الكتل في هذا الشأن. وبحسب المعلومات فإنّ تيار «المستقبل» بدا أنه يستعجل حسم هذا الأمر على حساب القضايا الأخرى، لا بل موقف السنيورة من السلسلة يميل إلى السلبية خصوصاً بعد ورود مشروع سلسلة العسكريين من وزارة الدفاع ووزارة المال وقد برّر السنيورة «ضرورة الاستمهال» في هذا الموضوع بأن السلسلة تحتاج إلى إنفاق إضافي، وبالتالي البحث عن موارد جديدة، وهذا يعني رغبة المستقبل في تجميد هذا الموضوع حتى ما بعد التمديد. وهذا ما أشار إليه السنيورة صراحة في تصريحه المقتضب بعد الاجتماع، إذ اعتبر أن «التمديد أكثر استعجالاً من السلسلة».

 

لكن طرحت مساء أمس علامات استفهام حول مصير التمديد بعد موقف تكتل التغيير والإصلاح. ونقل زوار بري عنه قوله إنه لا يريد التحدث عما دار في الاجتماع وإنه لن يتحدث في الموضوع قبل أن يعين موعد الجلسة النيابية، مكرراً موقفه الرافض التمديد لكنه في الوقت نفسه، ليس مع انتخابات تستثني مكوناً أساسياً في الانتخابات.

 

وفي المحصلة فان شكل إخراج التمديد لم يحسم بعد ويتطلب استمرار التشاور بين الأطراف السياسية.

 

الاستحقاق الرئاسي في السعودية

 

وفيما اشتدّ التشابك بين التمديد للمجلس النيابي وبين أزمة الاستحقاق الرئاسي، بقي الموضوع الأخير محور مشاورات سعوديةلبنانية في الرياض. ففي وقت يتابع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع محادثاته مع المسؤولين السعوديين، وصلها النائب سامي الجميّل الذي التقى ولي العهد مقرن بن عبد العزيز، والوزير الفيصل، والرئيس سعد الحريري و«تمّ التداول في الأوضاع المحلية والإقليمية، وسبل عودة الاستقرار إلى لبنان، وتحصين المؤسسات الرسمية وعلى رأسها الجيش اللبناني»، بحسب بيان للمكتب الإعلامي للجميل

 

مناورة «14 آذار»

 

وأشارت مصادر مطلعة في فريق «8 آذار» لـ«البناء» إلى مسعى يقوم به الرئيس أمين الجميّل لتبنيه مرشحاً وسطياً لرئاسة الجمهورية، فهو يعتبر انه قادر على تأمين نصاب الثلثين في جلسة الانتخاب، وانّ علاقات جيدة تربطه ببعض الافرقاء في «8 آذار». وأشارت المصادر إلى أنّ الفريق المذكور لا يعير ذلك أي أهمية مشبّهاً مبادرة الجميّل بالمبادرة التي أعلن عنها الرئيس السنيورة منذ نحو شهرين. واعتبرت «أن هذه المناورة تأتي على عتبة التمديد للمجلس النيابي، ففريق 14 آذار يريد أن يوحي بأنه يقوم بمساع جدية لإخراج الوضع من التجميد بالنسبة للرئاسة بالتزامن مع اتصالات التمديد».

 

وفي سياق متصل، قالت أوساط في تيار المستقبل إنّ لقاءات الحريري مع كل من جعجع والجميّل الابن ستركز على موضوع التمديد بالإضافة إلى ما أشيع عن توافق بين الحريري والراعي من حيث السعي لإحداث اختراق في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، مشيرة إلى أنّ اللقاءات ستشمل قيادات أخرى في قوى الرابع عشر من آذار .

 

وبرزت أمس زيارة نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل العائد من طهران، إلى الجميّل في إطار جولة قام بها على عدد من المسؤولين لإطلاعهم على نتائج محادثاته في إيران في شأن الهبة المخصصة لتسليح الجيش اللبناني.

 

وبعد الولايات المتحدة دخلت فرنسا على خط عرقلة الهبة، بذريعة العقوبات الدولية على إيران، وشدّد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال «ضرورة احترام العقوبات الدولية المفروضة على إيران في أي اتفاق تقترحه طهران لتقديم أسلحة إلى الجيش اللبناني»، مؤكداً في الوقت نفسه «دعم باريس للقوات المسلحة اللبنانية». وأعرب نادال في مؤتمر صحافي عن «استعداد باريس لمساعدة الجيش اللبناني في مهمة الدفاع عن الأراضي اللبنانية ومكافحة الإرهاب»، لافتاً إلى أنّ «وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أوضح أن كلّ الإجراءات المطلوبة لتوريد صفقة أسلحة إلى لبنان اكتملت».

 

الإفراج عن مخطوفين من آل الحجيري

 

أمنياً، وقبل أن يفرج مساء عن المخطوفين خالد ووليد الحجيري، خطف شخص خامس من آل الحجيري على طريق رياقبعلبك. وكانت مخابرات الجيش تسلمت المخطوفين المفرج عنهما فيما تتواصل المساعي لتحرير الثلاثة الآخرين.

 

وأكد النائب عاصم عراجي الذي يتابع قضية المخطوفين من آل الحجيري أنه على تواصل مستمر مع الرئيس بري لإيجاد حل لهذه المشكلة والمشاكل الحاصلة في البقاع جراء عمليات الخطف، مشيراً إلى أن الوضع خطير جداً. ولفت إلى أن الرئيس بري أبلغ «نادر الحريري خلال الاجتماع في ساحة النجمة أن اثنين من المخطوفين من آل الحجيري سيطلقون اليوم (أمس) وبقية المخطوفين اليوم».

 

من جهة أخرى، تواصلت الاعتداءات على القوى الأمنية في طرابلس حيث ألقى مجهولون زجاجتين حارقتين (مولوتوف) أصابت إحداها إطار سيارة جيب لقوى الأمن الداخلي، وأخرى سقطت بالقرب من باب مخفر التبانة، ولم تسجل أية إصابات.

 

وأعلنت قيادة الجيش أنه بعد ظهر أمس وأثناء قيام دورية تابعة لمديرية المخابرات بمحاولة توقيف المطلوب منير عدنان الأسمر (لبناني الجنسية) في محلة جب جنينالبقاع الغربي، بادر الأخير إلى صدم عناصر الدورية بسيارته ما أدى إلى إصابة اثنين منهم بجروح، ما اضطر عناصر الدورية لإطلاق النار باتجاهه لمنعه من الفرار فأصيب بجروح ونقل على أثرها إلى المستشفى حيث فارق الحياة.

وقد بوشر التحقيق في الحادث بإشراف القضاء المختص.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى