أقوالهم تناقض أفعالهم

جمال رابعة

المراقب للتطورات الأخيرة في سورية والعراق بعد أن بدأ التحالف الدولي الذي تقوده الإدارة الأميركية وحلفاؤها من الغرب والأعراب «مهمته العسكرية» لجهة تحديد بنك الأهداف، وبعد اتخاذ المجتمع الدولي القرار 2170 القاضي بمكافحة الإرهاب وجدولة «داعش» و»النصرة» على رأس قائمة الإرهاب الدولي.

من هنا… ما الذي يمكن أن نستقرئه ونستنتجه من دوامة العدوان على سورية التاريخ والحضارة؟

في وقت مضى، وبحسب مصادر متعدّدة، كانت هيلاري كلينتون بمناسبة إطلاق كتابها «الخيارات الصعبة»، قد أقرّت بأن «داعش» هي صناعة أميركية، ولا سيما بعد سقوط الإخوان في مصر. كذلك جاء اعتراف السيناتور الأميركي جون ماكين بعلاقاته الوثيقة مع تنظيم «داعش» الإرهابي وغيرها من التنظيمات الإرهابية في سورية، وذلك في مقابلة أجرتها قناة «فوكس نيوز» الأميركية.

نحن هنا في كلامنا لا نريد أن نتثبّت ونتأكد من نشأة ودعم هذه العصابات التكفيرية من قبل الإدارة الأميركية، لكن نريد أن ندينهم من أفواههم لدعمهم تلك القوى الإرهابية، إذ أكد نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ حلفاء أميركا في المنطقة هم المشكلة، كالأتراك والسعودية والإمارات، إذ قدموا المال والسلاح الذي وصل إلى «النصرة» و«القاعدة» وعناصر متطرفة أتت من مناطق أخرى في العالم، كلام بايدن يقطع الشك باليقين لمن لا يزال عنده اشتباه في شيء ما.

السؤال الأهمّ في ذلك ماذا تريد الإدارة الأميركية من هذه التنظيمات الإرهابية «داعش» وأخواتها؟

بعد فشل حركة «الإخوان» سياسياً في المنطقة، وعدم قدرتها على أخذ أيّ دور لها وفشلها في سورية، وسقوطها المدوّي في مصر… اخترعوا البديل الأكثر إرهاباً… ألا وهو «داعش».

وفي جولة سريعة على أحداث المنطقة نستطيع أن نستنبط العديد من الأهداف المهمة كمحاولة إسقاط الدولة السورية، العمود الفقري لحلف المقاومة، من خلال إحياء ما يُسمّى «أصدقاء سورية» من 40 دولة.

ومن جهة أخرى، فإنّ الضغط على أوروبا بتصدير الإرهاب يفيد في الحصول على موافقة أوروبية في فرض عقوبات على روسيا تشكل بدورها أزمات اقتصادية تطاول روسيا والصين، إذ كان للدولة السورية الدور الهام بحماية خطوط الطاقة الروسية استراتيجياً بعد رفضها مدّ خط الغاز الآتي من قطر مروراً بسورية إلى أوروبا الغربية.

– على المقلب الآخر هو استحداث المزيد من الضغط على مشيخات الخليج بالارتماء في أحضان الإدارة الأميركية، علماً أنّ آل سعود من المصادر الأساسية للفكر التكفيري والداعمين للإرهاب، وتالياً فالواجب مواجهتهم حتى يتمّ تجفيف منابع الإرهاب الفكري والمالي.

أستطيع القول إنّ أهداف هذا الحشد الدولي هي خلق ظروف جديدة لدول إقليمية تخدم مصالح الإدارة الأميركية والغرب الأطلسي من خلال التغيّرات التي قد تحدث في المنطقة. وليس هناك جدية في مكافحة الإرهاب، فطبيعة السياسة الأميركية في المنطقة تفسّر ذلك حيث التقت أهداف ومصالح المشروع الأميركي مع مشروع «داعش».

وإلا ماذا يفهم بعدم إشراك روسيا والصين وإيران في التحالف الدولي، إذ تعتبر إيران سباقة إلى مقاتلة «داعش» خارج الإطار الدولي، وفي اعتقادي أنّ استبعاد طهران هو هزيمة للتحالف الدولي. وهذا يذكّرنا بهزيمة التحالف عندما تمّ استبعاد إيران في محادثات جنيف 2، إضافة إلى كلّ ذلك فإنّ الغرب لا يريد القضاء على الإرهاب ولا يريد أن يعترف بأنّ موقفه تجاه القيادة السورية خاطئ وبأنه ساهم بدعمه لقوى الإرهاب في تدمير الدولة السورية أرضاً وشعباً، لذلك لا يريدون إشراك طهران ودمشق، علماً أنهما الأكثر قدرة على مقاتلة هذا التنظيم الإرهابي وتستطيعان لعب الدور الحاسم في القضاء على هذا التنظيم.

فهل نشهد تغيّراً في المواقف، ولا سيما على المستوى اللوجستي كما شهدنا تغيّراً في الأقوال مثلما جاء على لسان العديد من المسؤولين الأميركيين؟ لا أعتقد ذلك.

عضو مجلس الشعب السوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى