الحرب على صفيح ساخن

عدي رستم

تتسارع الأحداث الدراماتيكية على المسرح السياسي لتبلغ مشهداً ربما لم يعد سوريالياً على من يتابع الأحداث ويقرأها بهدوء وعقلانية.

ثمة مجموعة من الإشارات التي تساهم في توضيح صورة الذي يجري:

فعين العرب تشتعل بأهلها، وعيون بعض العرب نائمة على مخططاتها، فها هي «داعش» تتقدم لتخترق الخط الأمني وتضع الآلاف من الشيوخ والنساء والأطفال في دائرة الإبادة على خلفية رفض تركيا إمداد وتسليح الأكراد بناء على طلب من قيادات كوباني، ذلك لمحاربة داعش ذلك الكائن الهلامي الفضفاض الذي يستوعب في داخله كل القوى التي تنتمي إلى خط أصولي تكفيري عريض.

لم تكتف تركيا بذلك فقط وإنما قتلت الكثير من الأكراد المنتفضين على سياسة أنقرة مما يحدث في عين العرب في المواجهات الدائرة بين الشرطة التركية والأكراد، الأمر الذي فتح شهية أردوغان وأطلق العنان لمخيّلته المريضة بالحديث عن إنشاء منطقة عازلة، لكنه ربما يدرك بطريقة ما أن الجيش الذي صمد لسنين في مواجهة العصابات المرتزقة لن يكون رده يتعلق بالمساحة الجغرافية التي ستشغلها تركيا لإنشاء المنطقة العازلة وإنما سيتعدى ذلك.

لكن الحقيقة التي هي أقرب إلى المنطق البراغماتي تفصح عن نفسها بأنه لا قوات ستدخل سورية وإن كل ما يحدث من ضجيج إعلامي عن ذلك إنما هو بقصد الحصول على مجموعة من المكاسب الإضافية بإطالة أمد الأزمة السورية، فيبدو أن تركيا باتت تتحكم بمفاصل ما يدعى بـ»تنظيم الدولة الإسلامية» داعش وباتت قادرة بشكل لا يدع مجالاً للشك على إعادة توجيه مخططاته والدليل ما يحدث في عين العرب خاصة أن تركيا ذائعة السيط في أنها ساهمت في تدريب وإعداد وإرسال المسلحين لدخول الأراضي السورية عبر حدودها.

على المقلب الآخر من المشهد السوري غارات التحالف التي جاءت من أجل إيقاف انتشار وباء داعش يبدو أنها لم تعْدُ كونها أكثر من غارات إعلامية، فهذه الغارات والتحالف جاءت على خلفية حشر أوباما في المربع الحرج بين التحالف مع «داعش» لكسر الجدار السوري أو التحالف ضد داعش، الأمر الذي عبّر عنه روبرت فيسك لأوباما قائلاً: «أوباما انتبه أنت تضع نفسك والقاعدة في خندق واحد، جورج بوش جاء بالقاعدة بأعين مغمضة أما أنت فتأتي بها بأعين مفتوحة».

لكن يبدو أنّ هذه الغارات جاءت بنتيجة عكسية فبدلاً من الحدّ من تمدّد «داعش» إنما تزيد من انتشار فيروسه.

عين العرب تواجه عيون الغرب.

الحليف الإيراني الصامد بثبات على موقفه في الدفاع عن سورية وعن وحدة أراضيها.

اليد الطولى لتركيا بتحكمها في تنظيم الدولة الإسلامية.

التحالف الدولي والغارات التي ليست أكثر من غارات صورية.

الحرب على صفيح ساخن…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى