البارزاني وأردوغان وعين العرب

حميدي العبدالله

يصنّف مسعود البارزاني من أكثر حلفاء أردوغان في العراق بعد طارق الهاشمي وجماعة «الإخوان المسلمين»، فما يربط بين الرجلين ليس الاعتبارات القومية أو النزعة العقائدية، بل يجمع بينهما مصالح اقتصادية قوية، فقد نما قطاع البزنس المرتبط بحزب العدالة والتنمية في شمال العراق، حيث يرأس مسعود البارزاني إقليم كردستان العراق منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا، ويمكن الاستنتاج أنّ قطاع البزنس بين الجانبين لم يكن له وجود على الإطلاق قبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، وذلك لسببين… الأول أنّ نظام الرئيس العراقي صدام حسين كان يشكل عقبة في وجه أيّ تطوّر كبير في العلاقات بين الجانبين الكردي والتركي، والسبب الثاني أنّ نظام الحكم في تركيا الذي كان العسكر التركي يشكل عماده الأساسي كان في حالة حرب دائمة في شمال العراق في المناطق ذات الغالبية الكردية بذريعة ملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وفي ظلّ هذا الوضع كان من الصعب أن يزدهر قطاع الأعمال وتنشأ مصالح اقتصادية مشتركة، ولكن بعد سقوط نظام صدام حسين وبعد احتلال الأميركيين للعراق، وسقوط حكم العسكر في تركيا ومجيء حزب العدالة والتنمية إلى الحكم باتت الأبواب مشرّعة أمام وجود هذا القطاع في شمال العراق، وبديهي أن يكون المستفيد منه الجماعتان المسيطرتان على الحكم في إقليم كردستان العراق وفي تركيا، وهنا يكمن الأساس المتين للعلاقة بين مسعود البارزاني وبين الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان.

من الواضح أنّ حجم المصالح المشتركة يرشح من الناحية الافتراضية مسعود البارزاني لتقديم دعم فعّال لأكراد عين العرب عبر الضغط على حكومة أردوغان للسماح بوصول دعم عسكري، بشري وسلاح، لقوات الحماية الكردية لصدّ هجوم «داعش» على عين العرب وعلى القرى المحيطة بها، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث، حتى تصريحات البارزاني وتحركاته القوية والمدوّية التي بدأها في كركوك، واستيلاء البيشمركة على هذه المنطقة الغنية بالنفط لم يكن هناك ما يشبهه أو يرتقي إلى مستواه في ردّ فعله إزاء ما يتعرّض له الأكراد.

لماذا اختلف موقف البارزاني من أكراد عين العرب بالمقارنة مع أكراد كركوك؟ إنها المصالح، وتكمن هذه المصالح في أمرين أساسيين… الأول مصلحة البارزاني في أن لا تتضرّر علاقاته ومصالحه التجارية مع تركيا، وعلى الرغم من أنّ المتضرّر الأساسي سيكون تركيا لو لجأ البارزاني إلى سلاح الاقتصاد لأنها هي صاحبة الشركات الناشطة في إقليم كردستان، حيث تحصل على النفط الرخيص وتجني من بيعه أموالاً طائلة، إلا أنّ البارزاني لم يستخدم هذا السلاح. والأمر الثاني العداء المشترك لحزب العمال الكردستاني الذي يجمع أردوغان وسلطته مع مسعود البارازاني، أي أنّ البارزاني لا يريد تقديم دعم للأكراد في عين العرب لكي لا يعود ذلك بالفائدة والقوة على حزب العمال الكردستاني الذي يشكل منافساً له على زعامة الأكراد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى