ماذا لو أعدمت السعودية الشيخ النمر؟

حسام عيسى

قرار الحكومة السعودية إعدام المعارض البارز الشيخ نمر النمر، يفتتح مرحلة جديدة للتطورات داخل الجزيرة العربية وخارجها، فالقرار لم يأت في سياق مواجهة وضع داخلي متأزّم قامت خلاله انتفاضة تزعّمها الشيخ النمر، بعدما تحوّلت إلى مواجهة مسلّحة، وألقيت عليه مسؤولية التحريض على ذلك.

الشيخ النمر داعية نضال سلمي يرفض العنف، ويحرّم اللجوء للسلاح، وفي منطقته وبين أهله يدعو إلى الصبر على الظلم والاعتصام بالكلمة سلاحاً، وظروف قرار الإعدام ليست قضائية ولا داخلية، بل مجرّد استثمار لهوية الشيخ النمر المذهبية لاستعمالها رسالة تصعيدية في وجه إيران، بسبب هستيريا سعودية من قرب توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، لأنهم لا يجرأون على إشهار غضبهم في وجه الغرب، السعودية تعبّر عن غيظها تجاه إيران وتكريس مكانتها الجديدة في المنطقة والعالم، وحكم الإعدام تعبير عن تصرّف جنوني في ضوء القلق من أحداث اليمن وخسارة آل سعود لمركز الثقل الخليجي الذي يمثله اليمن.

يريد آل سعود ان يقولوا: سنبيد ثلث السكان، ولن نسمح بحراك ضدّ التمييز العنصري، لكن الحكم العنصري في جنوب أفريقيا لم يكتف بالقول بل فعل، ولم يعفِه ذلك من تذوّق كأس السقوط ومرارتها.

لن يتراجع الحوثيون عن الإنجازات التي حققوها في بلدهم لشعبهم، كي تهدأ نفوس آل سعود، ولن تتراجع إيران عن مطالبها في وجه الغرب، ولا عن توقيع الاتفاق النووي، ولا عن مكانة تستحقها بمواقفها الاستقلالية أمام تسليم حكام الخليج مفاتيح بلادهم للأجانب، وبثباتها مع المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق بينما يساند حكام الخليج الاحتلال.

ماذا عسى آل سعود يفعلون؟

خسروا في سورية لأنّ الكيد والحقد ارتفعا فوق السياسة والعقلانية، وخسروا في اليمن، وهم يعلمون أنّ شركاءهم الخليجيّين، يمدّون الروابط مع إيران تحسّباً لنهاية الحقبة السعودية، ويعلمون أنّ الأميركي بات يعاملهم كما يعامل «إسرائيل» كعبء استراتيجي بعدما فقدا معاً صفة القيمة المضافة، وأنه خلق لهم «داعشّ ليمتصّ ما تبقى لديهم من مال في صفقات سلاح واتفاقيات حماية، وبعدها سيرميهم كما رمى مبارك وبن علي وقبلهما شاه إيران.

يعلم آل سعود أنّ التطاول القطري على دورهم ومكانتهم، ليس تعبيراً عن قدرات إمارة الأقلّ من ربع مليون، بل استشعار لإيحاءات ما يجري في واشنطن، فكيف بالتطلع العثماني لحاكم أنقرة، ويعلمون انّ وهم إمساك مصر ليس إلا سراباً لا يزيدهم قوة، فماذا عساهم يفعلون؟

الطريق العقلاني الوحيد هو الانفتاح على الشعب وقواه وإنصاف أهل الحقوق، وقبول التغيير السلمي الذي يرتضي أهل الحقوق وفي مقدمهم الشيخ النمر ان يكون متدرّجاً، بانتخابات برلمانية حرة يشارك في نتيجتها الناس في تقرير مصيرها عبر حكومة أغلبية في ملكية دستورية، لا زال آل سعود يمنعون قيامها في البحرين.

الكيد والحقد قد يدفعان بآل سعود إلى إشعال الحريق الكبير بتنفيذ الإعدام، بالشيخ النمر، والنتيجة الطبيعية أن تتحوّل شهادته إلى حريق شامل في بلده وبين ناسه، ان يسقط الكثيرون من المعارضين الخيار السلمي وتبدأ دورة عنف لا يعرف أحد نهايتها.

يملك آل سعود آلة قمع دموية، لكن التاريخ يقول انّ أنظمة أشدّ قسوة وأكثر امتلاكا لمشروعية البقاء، سقطت عندما ارتكبت غلطة الشاطر، والمعنى في قلب الشاعر.

«توب نيوز»

نعم للاعتصام الجمعة

آل سعود أصدروا حكم إعدام بحق شخصية دينية ذات مكانة قيادية بين شعبها، تهتمه الوحيدة أنه صاحب رأي يرفض العنف ويرفض تسمية بلده باسم عائلة الحاكم.

الشيخ نمر النمر مناضل سلمي ضدّ التمييز العنصري على طريقة نيلسون مانديلا.

الجسم العربي فاسد ثقافياً وحقوقياً، فلا حياة لمن تنادي طالما صاحب حكم الإعدام هو صاحب المال.

لو كان الإعدام يطال شخصية معارضة سورية، وفي قلب حال الحرب على بلدها، وتدعو إلى العنف وتبرّره، لقامت قيامة المثقفين العرب والهيئات الدولية والحقوقية وامتلأت عواصم الأرض تظاهرات واعتصامات.

الرأي العام العالمي فاسد أيضاً ومنظماته وكلّ ما يُسمّى بالمجتمع المدني والإعلام الحرّ.

اسألوا حسن عبد العظيم كيف يدعو من قلب دمشق وهي تحت نار حرب عالمية لإسقاط النظام ويبرّر لحملة السلاح ولا يتلقى إلا الدعوات للظهور الإعلامي ومؤتمرات الحوار.

هل يجرؤ السفير الأميركي في الرياض على طلب زيارة الشيخ نمر في سجنه كما زار زميله فورد عبد العظيم في بيته.

الجمعة الرابعة بعد الظهر دعوة للاعتصام أمام الإسكوا فلنشارك.

التعليق السياسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى