إبراهيم: لا جدوى من حراك دي ميستورا في المدى المنظور

دمشق ـ سعد الله الخليل

أهداف جولات المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا في المنطقة ومغزى كلامه بأن الحوار السوري سيكون تحت سقف محاربة الإرهاب، وماذا ينتظر لإطلاق الحل السياسي؟ أسئلة عديدة ونقاط استفهام نحاول الإجابة عليها من خلال اللقاء مع المحلل السياسي ثائر ابراهيم:

بعد أشهر من تعيين ديمستورا، الى أي مدى تبدو مهمته واضحة المعالم؟

– منذ قدوم دي مستورا كمبعوث دولي خليفة للابراهيمي لتنفيذ خطة كوفي عنان، بدى أن القضية في الأساس إرادة دولية لفتح ثغرة في جدار الأزمة السورية بانتظار لحظة الوصول لتفاهم سياسي يؤمن تلك التسوية السياسية. حراك دي مستورا يعبر عن استمرار إرادة للمجتمع الدولي لإبقاء المنفذ مفتوحاً للوصول الى حوار سياسي، وهو ما يدل عليه دي مستورا في أحاديثه واللقاءات التي أجراها في الدول المعنية بالقضية السورية وما وصل اليه من اطمئنان وإيجابة للدولة السورية ومن المجتمع الدولي الى أن هناك آفاقاً للحل السياسي ما زالت موجودة ضمن هذا النطاق.

قال دي مستورا إن الحوار سيكون تحت سقف محاربة الإرهاب، فماذا ينتظر لإطلاق الحل السياسي؟

– لنكن واقعيين، دي مستورا يمثل الرأي الدولي لا رأيه الشخصي، فهو موظف في الأمم المتحدة. وبالتالي إن لم يكن هناك من توافق في المجتمع الدولي لإنهاء الأزمة السورية عبر إيقاف تمويل المجموعات الإرهابية وتسليحها، فسيكون عمل الرجل صعباً، واليوم لدينا القرار 2170 الذي يجرّم الإرهاب ويدعو الدول للتعاون بشكل منطقي والتعامل مع الإرهاب بشكل منطقي أيضاً للقضاء عليه، وتجريم الدول التي تتعامل معه، لذلك فإذا كان دي مستورا يستطيع أن يقدم شيئاً فعليه التوجه الى مجلس الأمن والمجتمع الدولي والجمعية العمومية ليؤكد على القرار 2170 وعلى انصياع الولايات المتحدة الأميركية وعدم اتباع الازدواجية في التعاطي مع بعض القضايا في المنطقة، والقضية السورية بالذات للقضاء على الإرهاب، وكي يصل المجتمع الدولي بتوافق كما يقول الروسي وكما يقول الإيراني وكما يقول محور المقاومة للوصول الى هذه النقطة، وإيجاد هذا الحل، وبدون هذا الاتفاق من المجتمع الدولي وبدون هذا الانصياع لن يكون هناك اتفاق، وأعتقد في المدى المنظور ألا جدوى من حراك دي مستورا الفاشل كما أفشل من قبله الأخضر الابراهيمي وكوفي عنان.

هل يمكن اعتبار حركة دي مستورا لملئ الفراغ لحين تسليح المعارضة المعتدلة. كيف يمكن إطلاق عملية سياسية مع تعويل أطراف على التسليح؟

– صحيح أن الولايات المتحدة لديها مشروع لتدمير الدولة السورية واستنزافها إلى حين وصولها إلى نقطة لا تستطيع الاستمرار بعدها فتقدم التنازلات، أو ينجح المشروع الأميركي في انهيار الدولة السورية وتتقدم في سيناريو تقسيم المنطقة.

وهذا واضح بالنسبة لكل أصدقاء سورية، إلا أن الولايات المتحدة تدرك أن سورية لديها محور مقاوم وأصدقاء لا يمكن أن يتركوها وحيدة، بالرغم من أن الإجراءات المتخذة لم تنجح في وقف المشروع الأميركي، ولكن هذا الصمود، ووحدة المحور ما يجعل الولايات المتحدة تبقى على يقين بأنه لا بد من حوار سياسي في نهاية المطاف لتسوية تظن الإدارة الأميركية أنها تنفذ مصلحتها على حساب مصالح الشعب السوري.

هذه هي البوصلة، وبالتالي فإن مهمة دي ميستورا مرهونة بالإرادة الدولية، وبالنسبة للدولة السورية وجود هذا الشخص مقبول طالما أن هذا الباب مفتوح، وأمام هذا الطرح يتحدث وزير الدفاع الأميركي السابق بانيتا عن أن الحرب طويلة.

ولكن ما هو الحدث الذي قد ينهي عمليات التحالف والذي قد يطلق العملية السياسية؟ ما يوقف العمليات هو إغلاق صنبور المال المتدفق من محميات الخليج العربي، فطالما أن المال يتدفق ستسعى الولايات المتحدة لتعويض الكسر الحاصل في الميزانية والاقتصاد الأميركي على حساب شعوب المنطقة، وسيستمر الحراك باتجاه بث الرعب في نفوس حكام الخليج ليعتقدوا أن الولايات المتحدة هي الحامي الوحيد الذي يجب أن يلوذوا به، ليستمر شلال المال يتدفق نحو الولايات المتحدة.

ويتزامن كل ذلك بانتصارات حقيقية للجيش السوري في اكتساح مناطق تواجد الإرهابيين ووقف تقدمهم، وهو ما سيمنع في استمرار تسليح هؤلاء الإرهابيين ودعمهم. فالمسؤولية إذاً مشتركة بين المجتمع الدولي في جزئه الموالي لسورية، والمجتمع الدولي الموالي للإمبريالية ومشاريع التقسيم.

المتابع لضربات التحالف يجدها غير جدية في القضاء على «داعش». ما الذي يضمن ألا تكون العمليات استخباراتية أو تجميع معلومات ضد سورية وحزب الله؟

– لا شيء يمنع الولايات المتحدة إلا القدرة السورية على صدّ هذا الإرهاب، خصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية لديها ثوابت لا تستطيع تجاوزها في كل المعارك التي تقوم بها، وطالما لا يوجد هدف استراتيجي تحققه على الأرض، فهي لا تتدخل في عمليات برية. والعمليات الاستخباراتية التي تتحدث عنها، والتي يجب أن تكون تهيئة للتدخل العسكري في الأراضي السورية، وطالما أن الشعب يقاوم وطالما هناك صمود وأن هذا المحور متكاتف ويرص صفوفه، فأميركا بكل تأكيد ستمتنع عن هذا الإجراء. لذلك نرى اليوم كل تلك العمليات التي تقوم بها الولايات المتحدة هي استعراضية، لأنها تنضوي على استنزاف المال الموجود في الخليج العربي، ولإنهاك الدولة السورية على المقلب الآخر لفرض شروطها على الدولة واقتناص ما تريد اقتناصه في تحقيق غاياتها وسياساتها الموجودة في المنطقة التي تعتمد أولويتها على المصلحة الأميركية والكيان الصهيوني.

يبدو أن المعارضة حتى الآن لا قدرة لها بمقاتليها على قلب الموازين على الأرض، فمتى ستقتنع الولايات المتحدة بذلك وبالذهاب لعملية سياسية؟

– أؤكد أنه منذ تصريح الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه لا توجد قدرة حالية قادرة على كسر الجيش العربي السوري، وتعلم واشنطن أن المعارضة فشلت بذلك، وهي تحاول التغيير المستمر في التكتيك، وأوكد أن الثابت الوحيد لدى أميركا هو الاستراتيجية التي تتبعها بينما هناك حالة جنون في التكتيك التي تتبعه، وهو ما يربك المجريات التي تراها على الأرض.

واليوم الولايات المتحدة تحاول العودة بالأزمة السورية إلى النقطة الأولى تحت مسميات إدخال المجموعات الكردية التي تقاتل «داعش» في المنطقة الشمالية لتنفيذ مشروع تقسيم ابتدائي، وهذا ما لا ترضاه الحكومة السورية وتتجه نحو إنهائه بما يعطي الصورة السابقة عن أن الدولة السورية تحارب شعبها.

إذاً، هناك حراك تكتيكي تقوم به الولايات المتحدة، وهذا الحراك يستلزم منها أن تتدخل أحياناً عبر تهويلات لاجتياح بري، أو عبر تحالفات دولية، ولكن طالما أن صمودنا موجود في القضاء على الإرهاب، لن تستطيع أميركا أن تهزمنا، والتغيير التكتيكي التي تتبعه أميركا يجب أن يواجهه تغيير تكتيكي بالنسبة لمحور المقاومة بما يقلق أميركا ويهدد مصالحها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى