ازمة الجميّل الرئاسية عند الحريري

هتاف دهام

تؤكد مصادر دبلوماسية أن الملف الرئاسي غير مطروح على بساط البحث السعودي الإيراني راهناً، فالخلاف على أشده بينهما، ولذلك فإن رئاسة الجمهورية في ظل هذا الخلاف ليست أولوية عند طهران والرياض، على عكس الاستقرار الأمني والحفاظ على الحكومة وتجنّب عوامل تفكيكها، اللذين ينظر اليهما من جانب الدول الاقليمية والدولية على رغم كل التباينات عن أنهما خطان أحمران ممنوع المس بهما.

وتعتبر المصادر أن زيارة رئيس حزب القوات سمير جعجع المملكة السعودية، التي تزامنت أيضاً مع زيارة النائب سامي الجميّل اليها لم تحملا أي جديد إلى قصر بعبدا.

لا يخفى طموح رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل لرئاسة الجمهورية على أحد في الداخل والخارج. لم ييأس من محاولات تسويق نفسه اقليمياً ودولياً أكثر منها محلياً، لا سيما عند الايرانيين. فهل سيلجأ الكتائبيون الى التمجيد بالجمهورية الايرانية كما فعلوا في الفترة الممتدة بين حزيران وتشرين الثاني من عام 1976 حين أصدر الكتائبيون أغنية تمجد الرئيس حافظ الأسد «حافظ الأسد بالقلب بتنعبد، أرزتنا بتقلك حبك للأبد»؟

تبلغ الرئيس الجميّل بما يشبه الخديعة خلال لقائه رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في فرنسا أنه إذا استطاع الحصول على تأييد لترشيحه من قوى في 8 آذار فسيكون بالطبع مرشح تحالف 14 آذار وسيؤيده رئيس القوات، وعندما تنضج الظروف سيعلنه الرئيس الحريري مرشح فريق 14 آذار، إلا أن النائب الجميّل الذي عاد من الرياض أول من أمس أعرب عن قلقه من السياسة الحريرية. وقال أمام مقرّبين منه «إنه لم يلمس جدية سعودية في تبنّي ترشيح والده»، مبدياً خشيته أن يستعمل ورقة لاستهلاك الوقت كما استهلك ترشيح الدكتور جعجع، ضمن المعركة التي تخوضها السعودية في لبنان، في وجه وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، ريثما تنضج الظروف التي ستكون لمصلحة مرشح توافقي يحظى بإجماع الفريقين.

وتشير مصادر متابعة الى أن أزمة الجميل الرئاسية في بيت الوسط، وأن ترشيحه يأتي ضمن إطار التصفيات الداخلية داخل 14 آذار للإيحاء باستبدال جعجع به، ولإظهار أن هذا الفريق يقدم التنازل تلو الآخر للإسراع في انجاز الاستحقاق الرئاسي.

في موازاة ذلك، لا يضيع الرئيس الجميل الوقت. يحاول بين الفينة والاخرى بعث رسائل ود الى الجمهورية الاسلامية، وعمد خلال استقباله وزير الدفاع الوطني سمير مقبل الى تسليف طهران ورقة مفادها انه لا يضع أي فيتو على الهبة الايرانية لتسليح الجيش، وأن وزراءه في الحكومة سيصوتون لمصلحتها اذا تم الاتفاق عليها بالاجماع.

يتحدث الرئيس الجميل في دائرة ضيقة من أصدقائه المقربين الكتائبيين وغيرهم عن ثقته أن العقدة أمامه لدخول نادي المرشحين الفعليين لرئاسة الجمهورية، ليست عند حزب الله وفريق 8 آذار بل لدى حلفائه في 14 آذار، فالمعطيات التي يملكها وفق مقربين منه، «أن الايرانيين سيبذلون جهدهم وسيتحدثون مع السوريين وحزب الله، في حال تم ترشيحه بشكل جدي من فريق 14 آذار وليس على طريقة لا مانع من ترشيحك، وسحب ترشيح «الحكيم» بصورة نهائية، لتذليل عقد طريق الرئاسة أمامه في بيروت ودمشق».

يجزم رئيس الكتائب وفق مقربين منه انه يستطيع التفاهم مع الايرانيين، ويعول على العلاقة التي تربط أحد أقربائه الذي يملك شركة لاستجرار الغاز في الجمهورية الاسلامية، بعدد من المسؤولين الايرانيين. يزور رئيس الكتائب طهران مرتين أو أكثر في السنة، يعتبر نفسه قادراً على التواصل مع الدولة النووية بغض النظر عن التناقضات الاقليمية والدولية.

في موازاة ذلك، تؤكد مصادر دبلوماسية ان محاولات الجميل شبك علاقات مع المسؤولين الايرانيين، هدفها التربع على عرش بعبدا إلا أنه ليس موضع ثقة وقبول من حلفاء ايران في لبنان، وأن العلاقات التي تربط الايرانيين به لا تتعدى الأطر الدبلوماسية والبروتوكولية.

يعتبر الرئيس الجميل وفق مقربين منه «ان «الشارع السني» سيبقى مناوئاً لحزب الله، وأن «الشارع المسيحي» كما هي الحال عليه اليوم يتراوح بين خط مؤيد لفريق 8 آذار يمثله تكتل التغيير والاصلاح وآخر معارض يعبّر عنه حزبا الكتائب والقوات». ويقرأ في حال وصوله الى بعبدا تعزيزاً لموقع الصيفي الوسطي على حساب معراب التي لا تزال منذ عام 2005 تأكل الحصن الكتائبي على المستوى الشعبي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى