الكلاسيكو اليوم: هجومان في مواجهة دفاعين وكاسيّاس أمام السيناريوات الفاصلة

يلتقي ريال مدريد خصمه اللدود برشلونة اليوم في كلاسيكو الأرض، لقاء ترسم حوله تكهنات كثيرة، وتقرأ من أجله مباريات سبق أن أجريت. ولعل التوصيف الأفضل الذي قاله أحد الأصدقاء عن تحضيرات مدرّبَيْ الفريقين للكلاسيكو، «آب تو دايت»، فبعد الحديث منذ أسبوع عن الترسانة الهجومية لدى كل فريق، انتقل الحديث أمس عن الإمكانيات الدفاعية، وعن إشراك أسماء جديدة ودفعها إلى لجّة المعركة. ويبقى أن تناول الحديث أيضاً السيناريوات التي سيواجهها حارس الريال إيكر كاسيّاس.

هجوم مدريد ودفاع برشلونة

استطاع مدرّب برشلونة لويس إنريكي في مواسمه الأولى مع الفريق، إظهار جوانب مبشّرة في خطوط الدفاع، بعدما عانى الموسمين الماضيين من اهتزاز هذه الخطوط، فكلّفته الموسم المنصرم الخروج خالي الوفاض.

ويُحسب للمدرب الشاب أن رصيد فريقه من استقبال الأهداف بعد ثماني جولات ما زال «صفراً». لكن لا يُمكن الجزم بمدى صلابة برشلونة الدفاعية حتى اللحظة، لا سيما أنه محلياً لم يخض مباريات صعبة من الطراز الأول، كما أن الفريق استقبل أربعة أهداف في المباراتين الأوليين في دوري أبطال أوروبا، من بينها ثلاثة أهداف من باريس سان جيرمان، وارتكب حينذاك الفريق الكتالوني أخطاء دفاعية عدّة، أعادت الشكوك حول مدى قوة الدفاع.

هذه الشكوك من شأنها أن تضع ضغوطاً على برشلونة، لردّها وإثبات قدرة الفريق في الصمود دفاعياً أمام الكبار والفرق القوية.

هذه القوة الدفاعية لم تأتِ على حساب الهجوم، فالفريق سجّل 22 هدفاً بمعدل 2.75 هدف في المباراة، ما يعني أن الفريق يمتلك حتى اللحظة الجودتيْن الهجومية والدفاعية.

لذلك ستضع مواجهة الكلاسيكو اليوم ضد ريال مدريد في برنا بيو دفاعات برشلونة في اختبارٍ حقيقيّ لرؤية مدى صلابتها وصمودها أمام ماكينة أهداف الريال، صاحب أقوى هجوم حتى الآن في الدوري الإسباني برصيد 30 هدفاً، لكنه استقبل ثُلثهم تقريباً 9 أهداف .

الريال وجد نفسه مؤخّراً بعد بداية صعبة كلفته ست نقاط بالخسارة أمام أتليتيكو مدريد 1-2 ، وريال سوسيداد 2-4 ، بعدما عانى كثيراً على صعيد الكرات العرضية والثابتة، واستقبل منها عدداً من الأهداف، من بينها رباعية كاملة من سوسيداد.

رونالدو وحده سجّل نصف الأهداف المدريدية في الدوري 15 هدفاً ، وضعته في صدارة ترتيب الهدافين بفارق كبير عن نيمار ثانياً 8 وميسّي ثالثاً 7 أهداف ، بعدما تغيّرت طريقة لعب الأخير نسبياً مع مدرّبه إنريكي متراجعاً قليلاً للخلف لاستخدامه كصانع ألعاب.

قوة ريال مدريد الهجومية بهذا الشكل المفرط تعود لعدّة أسباب تتعلق أولاً بتوهّج النجم رونالدو الذي يعيش أحد أفضل أيامه، إضافة إلى تنوّع مفاتيح اللعب في الفريق من العمق والأطراف.

حاجة ريال مدريد إلى الفوز على برشلونة لتقليص الفارق بينهما، من شأنها أن تدفعه ليلعب بأوراقه الهجومية بقيادة رونالدو، لكن هذه المهمة ستواجه صعوبة نظراً إلى ضرورة مساهمة الفريق ككل في الجوانب الدفاعية أمام فريق يمتلك مفاتيح هجومية قوية.

إيسكو إلى المعركة

عقد مدرّب ريال مدريد كارلو آنشيلوتي مؤتمراً صحافياً عن الكلاسيكو، استهلّه مازحاً من جديد بشأن لويس إنريكي ورفض ليونيل ميسّي الخروج عندما طلب منه ذلك، إذ قال: خروج رونالدو من ليفربول كان مفاجأة، لم أسأله عن رأيه.

المدرّب الإيطالي صدم إيسكو عندما قال: «لو كان جاريث بايل غير مصاب فهو من سيلعب، هناك 11 لاعباً فقط على أرضية الملعب وإيسكو يعرف ذلك ويتفهّمه.

وكشف المدرب الإيطالي أنه شاهد مباراة برشلونة الأخيرة أمام آجاكس للبحث عن أخطائهم، لكنه فشل في الوصول إلى عيوب واضحة، ما جعله يؤكد أن اللعب أمام الفريق الكتالوني سيكون صعباً للغاية دوماً.

ورفض مدرّب ميلان السابق الكشف عن الأسماء التي سيبدأ بها، لكنه أبقى الباب مفتوحاً أمام مشاركة سامي خضيرة كأساسيّ، مؤكداً أنه في حال تعافي بيبي من الكدمة التي تلقاها في مواجهة ليفربول فإنه سيبدأ اللقاء إلى جانب سيرجيو راموس.

آنشيلوتي اعترف بأن الأرقام تظهر برشلونة وقد أصبح أقوى من الموسم الماضي، مذكّراً بعدم تلقّيهم أيّ هدف حتى الآن.

أكثر من سيناريو لكاسيّاس

أخطاء لا تتناسب مع الخبرة والتاريخ، وربما تكلّف الكثير محلياً وأوروبياً. موجة انتقادات عنيفة من وسائل الإعلام وصافرات استهجان متواصلة من الجماهير. هي فترة صعبة عاشها إيكر كاسيّاس، وربما تكون الأكثر قسوة منذ بداية مسيرته، فقد حولّته من «القدّيس» إلى «شيطان»، وعلت الأصوات المطالبة برحيله.

بدأت أزمة «القدّيس» تتفاقم مع انطلاق الموسم بخسارة كأس السوبر ثم تلقّي شباكه ستة أهداف خلال المباريات الثلاث الأولى من الدوري. لكن الأمر تطوّر لمرحلة جديدة مع الهزيمة التاريخية للمنتخب الإسباني أمام نظيره السلوفاكي 1ـ2 في تصفيات يورو 2016.

فقد شنّت وسائل الإعلام الإسبانية حينذاك حملة شرسة على المنتخب وركّزت على كاسيّاس، وتوالت النداءات بأنّ دور كاسيّاس انتهى كحارس أساسي للماتادور، ليجد فيشنتي ديل بوسكي نفسه مضطّراً للاعتماد على ديفيد دي خيا أمام لوكسمبورغ، وكذلك كان الحال لدى جماهير الريال التي طالبت بإنهاء حقبة «القدّيس» ومنح الفرصة لكيلور نافاس لعدم المغامرة بطموحات الملكي.

ألمح كاسيّاس قبل أيام بالفعل إلى أنه لا يستبعد اعتزال اللعب الدولي، لكن سرعان ما تغيرت الملامح من جديد. فإلى جانب قدرته على التعامل مع الضغوط بشخصيته القيادية ورغبته في الحفاظ على مكانته وكبريائه، لقي «القدّيس» دعماً هائلاً من زملائه في المنتخب، ومدرّبه ديل بوسكي وكذلك آنشيلوتي.

أكّد ديل بوسكي بشكل صريح أن كاسيّاس لا يزال الحارس الأساسيّ للماتادور، وأنّ دور دي خيا كحارس أساسيّ للمنتخب لم يحن وقته بعد. كذلك قلّل آنشيلوتي من شأن ما يتردّد حول اقتراب نهاية مشوار كاسيّاس مع الريال، خصوصاً في ظل اهتمام ليفربول وآرسنال، عندما أكد استمرار «القدّيس» مع الفريق الملكي، متوقعاً أن يواصل إنجازاته بين صفوفه.

وفعلاً، كان لهذا الدعم أثره على كاسيّاس الذي قدّم أداء مقنعاً خلال المباراة التي انتهت بفوز الريال على ملعب ليفربول 3ـ صفر مساء الأربعاء في دوري الأبطال. وبدا كاسيّاس في طريق العودة وهو ما ظهر أيضاً من خلال تصريحاته عقب المواجهة.

اليوم، يواجه كاسيّاس الاختبار الأكثر أهمية وخطورة، إذ يتأهب الملكي للكلاسيكو الأوّل في الموسم أمام غريمه برشلونة. ويشكّل اللقاء علامة فارقة في مشوار الفريق وكاسيّاس هذا الموسم. إذ أكدت صحيفة «ماركا» الإسبانية على أن هذه المواجهة، سيكون لها الدور الأكبر في حسم بقاء كاسيّاس أساسياً، أو عودته إلى مقاعد البدلاء.

تضع المباراة كاسيّاس أمام أكثر من سيناريو، إذ تشكّل فرصة ذهبية أمامه لاستعادة مكانته والتربّع على عرشه من جديد مع الريال، وبالتالي أمام جماهير المنتخب، خصوصاً في ظل القوّة الهجومية التي يتمتع بها برشلونة مع وجود ميسّي ونيمار في مستواهما، والمشاركة الأولى المنتظرة للويس سواريز، إلى جانب أهمية الفوز الذي سيقلّص به الريال الفارق مع برشلونة إلى نقطة واحدة.

وفي هذه الحالة، يكون كاسيّاس قد عزّز العودة التي بدأها أمام ليفربول ووضع بالفعل قدميه على أرض صلبة لمحو آثار الانتقادات، واستعادة ثقة الجماهير لتنتهي الأزمة، وتبتعد فكرة الاعتزال بشكل أكبر.

أما إذا اهتزّت شباكه، حتى لو كان السبب إخفاق دفاع الملكيّ في الصمود أمام هجوم البارسا، فربما توجَّه أصابع الاتهام على الفور نحو كاسيّاس لتنتعش من جديد التكهّنات والنداءات المطالِبة بإزاحته من الصورة كأساسيّ، وربما توقظ لديه فكرة السير على خطى آلونسو وتشافي باعتزال اللعب الدوليّ، لصبّ تركيزه على إنقاذ مشواره مع الفريق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى