المجادل… لكلّ قطعة أرض فيها ألف حكاية

تحقيق: محمد أبو سالم

هي واحدة من تلك القرى في جنوب لبنان. وإن تحدثنا عن الجنوب فإننا نلفت إلى الجمال والبساطة، جمال الأرض والشجر والبشر، حكاية طالت وما زالت تستمد العطاء من أناس لهم في كل قطعة من الأرض حكاية.

هي قرية المجادل التي تقع في محافظة الجنوب قضاء صور، وتبعد حوالى 98 كيلومتراً عن العاصمة بيروت، والتي ما زالت تحمل صورة ذلك الفلاح المجاهد، وتلك المرأة المقاومة التي تكدح في العمل حتى أنفاسها الأخيرة.

يشتهر أبناء هذه القرية بحبهم الأرض والعمل فيها لتحصيل المنتوجات الزراعية، فهي ترتفع عن سطح البحر حوالى 450 متراً فقط، ويتجاوز عدد سكانها 5200 نسمة وتمتد على مساحة تُقدَّر بـ 225 هكتاراً 2.25 كيلومتراً مربّعاً .

يرجّح البعض عودة أصل اسم المجادل إلى اللفظة السريانية «magdle»، وهي تفيد معنى الأبراج والأماكن العالية المشرفة.

في المجادل عدد من العائلات، كبيرة وصغيرة مثل: رميتي، حمادي، درويش، بيلون، عواضة، فريدي، سلامي، حاوي، عيسى، يونس، منّون، عبد الحسين، وعكاش.

وعلى رغم أن لهذه القرية اكتفاءها الذاتي، إلا أن 1500 من أبنائها سافروا بهدف العمل، فأصبحوا مغتربين.

وتُعدّ المرجعية الدينية أهم ثروة ثقافية تاريخية يفتخر بها أبناء المجادل على صعيد العالم تتمثل برجل من أبناء هذه القرية. هو الشيخ حسن رميتي الذي يعتزّ به الوطن والتاريخ وهذا ليس بجديد على أرض جبل عامل.

وخلال لقائنا بالمرجعية الشيخ حسن رميتي، أكد أن رئيس البلدية ينوب عنه في الكلام.

وفي زيارتنا لرئيس بلدية المجادل أبو علي رميتي، أكدّ أن الانسان يوجد الإنماء، وهم وجدوا لتسهيل أمور البلدة بكل صدق واندفاع، أما النشاطات التي قامت بها البلدية فهي: اشتراك كهرباء 24/24، بئر ماء، أعمدة كهرباء تصل إلى أبعد بيت في البلدة، تأمين بنى تحتية، إنشاء ملعب كرة قدم للشباب، تأسيس جمعية خيرية «مركز روضة للأطفال».

بعد المساعدات المتتالية المقدمة لقريتهم، يشكر رميتي رئيس مجلس النواب نبيه برّي على أفضاله الكثيرة، ووجدنا في رميتي حب خدمته أبناء بلدته، وهذا ما قرّبه منهم، فبادلوه المحبة نفسها، ووصفوه بالرئيس الجيد جداً والمميز والمساعد والمحب والمتواضع.

وأثناء تجولنا في القرية ولقائنا العائلات فيها، عبّر أهالي البلدة بكل عفوية عن محبتهم لأرضهم وانتمائهم العميق إليها، إذ يعتمدون على عملهم الذاتي في زراعة التبغ، الزيتون، والقمح.

النساء في البلدة أكدن أنهن ينتجن مونة السنة بأيديهن، من صعتر، زيتون، كشك، قمح، عدس، زيت، سميد، مربى، وحرّ.

وهناك من كان لهم حكايات أعادتهم روحها الجميلة بالزمن إلى الوراء عند ذكرها، مثل قصص الزواج والارتباط ولحظات كثيرة مرّت بها القرية وحُفظت في ذاكرة أبنائها.

ولا ننسى الحداثة التي طرأت على المجادل مثل باقي الجوار، في ترميم المنازل، وبنائها بطرق معاصرة، إلّا أن أصالة التراث لا تزال موجودة في بعض منازلها القديمة التي تتميز بلمسات الماضي الغنية والزاخرة، والتي توحي لنا بالقول إن المجادل قطعة من الماضي العتيق، ما تزال راسخة وستبقى.

وإن تغير لون الزمان، فستبقى البساطة والألفة تضفيان لوناً من الحب والتواضع والبراءة على بشر غيّروا مسار التاريخ بأيديهم، وصنعوا من أرض جنوبهم لباساً يكسوهم، ولقمة عيش من عرق جبينهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى