مسار الحرب مع «داعش» و»النصرة» يبلور منصات التفاوض لا الحلول إحياء جنيف في سورية وتمديد المجلس لبنانياً… والكل بانتظار اليمن

كتب المحرر السياسي:

على رغم الكلام الكثير عن رئاسة لبنانية قريبة بعد إنجاز التمديد للمجلس النيابي، لا يبدو الأمر أكثر من دعاية تسويقية لتبرير التمديد وتمريره، وعلى رغم التداول ببعض الأسماء، الذي تريد بعض الأطراف جعله عنواناً لتأكيد صدقية المعلومات عن قرب الإنجاز والتشويق لمتابعتها، استثماراً لميل الصالونات اللبنانية للأخذ والردّ بالإشاعات، في زمن الغموض والخوف من المجهول.

الحديث عن ارتفاع أسهم قائد الجيش بعد أحداث طرابلس، كالحديث عن معلومات من واشنطن تشير إلى مقبولية ترشيح النائب سليمان فرنجية، أو تقديم اسم الوزير السابق جان عبيد كمرشح توافقي ممكن، كلها محاولات لتسهيل تجرّع اللبنانيين لكأس التمديد المرّ للمجلس النيابي لا أكثر ولا أقلّ.

هذا الكلام، لمسؤول أمني بارز على صلة بالقنوات الإقليمية والدولية، يؤكده كلامه عن اعتبار التحضير لمؤتمر جنيف جديد بين الدولة والمعارضة في سورية، مجرد ربط نزاع لا يملك روزنامة عمل، فلا خصوم الدولة السورية باتوا جاهزين للحديث عن انخراط جدي علني مع الرئيس بشار الأسد يشكل جنيف أو الحرب على الإرهاب مبرّراً أو مدخلاً أو غطاء له، ولا الدولة السورية ورئيسها وجيشها يستشعرون تغييراً في الموازين عكس مصالحهم وحساباتهم، يستدعي تغيير الموقف والبحث في تنازلات، وهم يرون فكرة «المعارضة المعتدلة» تحتضر على أيديهم في الوسط وعلى أيدي «داعش» و«النصرة» على الحدود.

ما يجري وفقاً لمرجع ديبلوماسي سابق، يتابع التطورات والمتغيّرات في المنطقة، هو أنّ مسار الشهور التي مضت من الحرب على الإرهاب بلورت القوى والتوازنات، وأظهرت المعادلات التي ستحكم المفاوضات المقبلة، فإيران وحلفاؤها العراقيون نجحوا في امتصاص صدمة المواجهة الأولى مع «داعش» وانتقلوا إلى الهجوم المعاكس سياسياً وعسكرياً، سواء بصيغة حكومة حيدر العبادي أو بنجاحات الجيش العراقي المتتالية، وذلك من دون تحسّن في العلاقة الإيرانية ـ السعودية ولا الإيرانية ـ التركية، بالتالي من دون اضطرار إيران لتسديد فواتيرها طلباً لها.

وفي سورية تمكن الجيش السوري من التعايش مع غارات التحالف وتوظيفها في رصيده العسكري لتتكفل باستنزاف «داعش» و«النصرة»، ليتفرّغ هو بقواته نحو تنظيف الجيوب المحيطة بالمدن الكبرى، فيحقق إنجازاته في حلب وحماة وحمص ودمشق، بينما يتلاشى «الجيش الحر» في كلّ المناطق، سواء بما يلتهمه «داعش» و«النصرة» أو بما يحسمه الجيش.

أما في لبنان فيرى المرجع الديبلوماسي السابق، أنّ نجاح العملية العسكرية النوعية للجيش اللبناني في طرابلس، قالت أهمّ ما كان ينتظره الخارج المعني بالاستحقاقات اللبنانية، وهو أنّ لبنان قادر بما هو عليه راهناً، أي من دون رئيس جمهورية ومن دون انتخابات نيابية، وبعلاقة الجيش وحزب الله، على رغم كلّ الاحتجاجات والاعتراضات، أن يكون خارج دائرة الخطر، إنْ لم توضع إنجازات طرابلس في خانة توصيف ما قام به الجيش أفضل مما يتوقع، فيما لو كان كلّ شيء وفقاً لما يراه الخارج المعني بلبنان وبعض الداخل ضرورياً.

يختم المرجع الديبلوماسي السابق بالقول، ثمة مكان وحيد لا يزال ينتظر، وينتظره الفاعلون الدوليون والإقليميون، وهو اليمن، حيث سيتحدّد الرصيد السعودي المقبل في التوازنات الإقليمية، بعدما نجحت واشنطن بدفع المكوّن الكردي إلى واجهة الحرب على «داعش» تهميشاً للدور التركي، وإبعاداً لقادة تركيا عن ملف التفاوض مع إيران، ورداً على تردّدهم في الموقف من «داعش» وسعيهم لإدارة مزدوجة للعلاقة معها، بينما إيران التي يتولى حلفاؤها مقاتلة «القاعدة» بتسمياتها المختلفة، من اليمن إلى العراق ولبنان وسورية، لا تحتاج ولا تنتظر شراكة السعودية وتركيا، يتكفل الحدث اليمني بإرباك وإشغال السعودية وإخراجها من السعي للدخول على خط التفاوض مع إيران، ويقف حلفاء السعودية وتركيا في خندق «القاعدة» مرة وفي مربع العجز مرات.

كما بات معلوماً، لم تثمر الجلسة النيابية العامة أمس انتخاب رئيس للجمهورية بسبب عدم اكتمال النصاب، في ظل عدم الاتفاق على مرشح توافقي. إلا أن اللافت إرجاء الجلسة إلى التاسع عشر من تشرين الثاني المقبل أي قبل يوم واحد من انتهاء ولاية المجلس الحالي، ليقفز موضوع التمديد للمجلس النيابي إلى صدارة الاهتمام خلال الأيام الفاصلة عن موعد الجلسة الانتخابية الخامسة عشرة.

الكتل المسيحية ستتمثل في جلسة التمديد

وقالت مصادر نيابية إن الطريق لانجاز التمديد بات سالكاً في شكل كامل بعد اللقاءين اللذين عقدهما رئيس المجلس نبيه بري أول من أمس مع كل من رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون وعضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان بحيث أنتج اللقاءان انعقاد جلسة تشريعية لإقرار التمديد في إطار الميثاقية التي يتمسك بها بري. وأضافت المصادر أنه بات من المؤكد حضور نواب عن كل الكتل المسيحية بما فيها كتلة الكتائب التي ستحضر الجلسة والتصويت ضد التمديد، على ما صرح عضو الكتلة النائب إيلي ماروني. ورجحت المصادر أن يحدد بري موعد الجلسة يوم الخميس المقبل.

ونقل زوار بري لـ»البناء» تشديده على الميثاقية في التمديد وعلى الميثاقية في إجراء الانتخابات النيابية. وإذ ذكّر «بحكومة الرئيس فؤاد السنيورة البتراء التي افتقدت الميثاقية في عام 2007»، أكد بري «أنه لن يقبل في عهده بتجاوز الميثاقية»، وحذّر من أن «إجراء الانتخابات النيابية من دون تيار المستقبل، سيوصل «الدواعش» إلى المجلس النيابي».

أما على صعيد الاستحقاق الرئاسي الذي ما زالت وجهته غامضة، فجدد بري تمسك فريق «8 آذار» مجتمعاً بترشح عون لرئاسة الجمهورية. فيما برزت معلومات من واشنطن نقلها مصدر نيابي في «تيار المستقبل» عن مسؤولين أميركيين التقاهم خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة ومفادها، بحسب ما قال لـ»البناء» إن «لا فيتو أميركياً على رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية». وأشار في المقابل إلى أنه لمس من الدوائر المحيطة بالبيت الأبيض، «أن العماد عون، لم يعد يحظى بقبول أميركي كرئيس للجمهورية، ولم يعد محبذاً، كما كان في الأشهر الماضية، لأسباب تتعلق أولاً بملف النفط والغاز، وثانياً بزيارة وزير الخارجية جبران باسيل إلى روسيا في نيسان الفائت وما رافقها من جولة استطلاعية على مصانع الأسلحة في موسكو». ورأى المصدر «أن واشنطن وطهران تبديان مرونة في الملف الرئاسي اللبناني، وتعتبران أن الفراغ في لبنان لم يعد مقبولاً».

وفي السياق، اعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي بعد تأجيل جلسة الانتخاب أن «الأمر يحتاج إلى عصا».

ورفض الراعي الذي يزور أستراليا أي بحث في المثالثة وأي كلام عن مؤتمر تأسيسي، لأن معنى ذلك التعرض للميثاق.

الموفد القطري يستأنف اتصالاته

على صعيد آخر، عادت قضية العسكريين المخطوفين إلى الواجهة في ضوء استئناف الموفد القطري المفاوضات في هذا الشأن.

وأشارت أوساط مطلعة لـ«البناء» إلى اتصالات يقوم بها الأخير بين المجموعات المسلحة والمعنيين بهذا الملف، مرجحة استمرار المهمة الجديدة للموفد القطري أياماً عدة طالما أن هناك «أخذ ورد». وأوضحت انه على رغم الضمانات بعدم تصفية أي من العسكريين خلال المفاوضات إلا أن نتائج المفاوضات غير واضحة وغير محسومة، بالتالي أي ضمانات قد تسقط في حال تعثر المفاوضات. ولفتت إلى أن «لا وقت محدداً لخروج المفاوضات بنتائج ايجابية تؤدي إلى إطلاق سراح العسكريين، فكل ما حصل سابقاً في قضايا تتعلق بإطلاق سراح مخطوفين استغرقت وقتاً طويلاً».

وكانت لجنة الأزمة الوزارية اجتمعت أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام وتداولت في مستجدات هذه القضية بينما كان أهالي المخطوفين يلوحون مجدداً بالتصعيد وأقدموا مساء على قطع طريق رياض الصلح بالإطارات المشتعلة.

أمنياً واصل الجيش ملاحقة الإرهابيين في طرابلس وعكار وصيدا وأوقف عدداً كبيراً منهم. وليلاً وسع من نطاق عملية مداهماته في صيدا حيث نفذ انتشاراً على طريق عين الدلب شرق المدينة ودهم أحد المجمعات السكنية.

وألقت مديرية أمن الدولة القبض على 12 سورياً في راشيا، وقد اعترف هؤلاء بأنهم كانوا في جرود عرسال وانتقلوا إلى شتورا في «بيك آب» للخضار ومنها إلى عين عطا في راشيا حيث تم القبض عليهم». وأفادت المعلومات أن «جزءاً من المجموعة اعترف بتقديم مساعدات لوجيستية لمقاتلي «داعش» في جرود عرسال والجزء الآخر اعترف بالمشاركة في القتال ضد الجيش من داخل مخيمات النازحين في عرسال».

وبالتوازي، أكد قائد الجيش العماد جان قهوجي خلال زيارته عائلتي الشهيدين جهاد الهبر وفراس الحكيم أن «لا اتفاقات سرية على دم الشهداء وكل من اعتدى على عناصر الجيش هو إرهابي وسيلاحق أينما وجد حتى توقيفه وتسليمه للقضاء مهما طال الزمن».

خليل: الرواتب في وقتها

في الأثناء برزت قضية دفع رواتب الموظفين والسلك العسكري في ضوء تأخير دفعها بضعة أيام. وبعد اللغط الذي أحدثه هذا الأمر، أكّد وزير المال علي حسن خليل أنّ الرواتب متوافرة وستدفع في وقتها، ولا مشكلة في شأنها وهي جاهزة للتحويل على حسابات الإدارات والمؤسسات العامة، بما فيها القوى العسكرية والأمنية.

أما في شأن التأخير فأوضح أنّه «ناجم عن تأخير صدور قانون تمويل الرواتب الذي أقرّ في مجلس النواب، ورفض وزراء الكتائب توقيع نشره في الجريدة الرسمية ما استدعى الانتظار شهراً ليصبح القانون نافذاً، أي في الثاني من تشرين الثاني المقبل، على أن ينشر في الجريدة الرسمية في اليوم التالي».

وقال وزير العمل سجعان قزي لـ»البناء» إنّ كلّ قانون يأتي من مجلس النواب لا نعترف به لأنه في الوقت الحالي هيئة ناخبة فقط.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى