لماذا يصمت الحريري عن أحداث طرابلس ويترك لنوابه شتم الجيش؟

جهاد أيوب

كشفت معارك طرابلس عيوب «تيار المستقبل» السياسية والاجتماعية في أكثر من موقع، وتحديداً زيفه الإعلامي الطائفي والعنصري الذي أوصل العديد من مناصريه إلى التطرف الطائفي، ومنذ أكثر من خمس سنوات أتخمنا ذلك التيار ونوابه ووسائل إعلامه بأنّ المشكلة في الشمال سببها أبناء جبل محسن، وأنّ كل رصاصة تطلق في طرابلس هي من الجبل، وتحديداً من آل عيد، وبأمر من الرئيس بشار الأسد، وبتسليح من حزب الله، وراحت ألسنة هذا التيار تكبّر في الليل وفي النهار، وبمناسبة أو من دونها أخذت تشحن العصب المذهبي، وصولاً إلى حدّ المطالبة بتدمير الجبل، لأنّ القضاء عليه كما ادّعوا ينهي كلّ المشاكل الطرابلسية.

ومن أجل ذلك قام أرباب المستقبل بتضخيم أيّ حدث وصولاً إلى دعم الإرهابيين والمتطرفين والتكفيريين وحمايتهم بحجة حربهم على أهل جبل محسن، ولكن اليوم أصبح هذا الجبل هو الطريق الوحيدة الآمنة لخروج أبناء التبانة من نيران الغدر وسلاح الزمر التكفيرية التي دعمها تيار المستقبل ونوابه، الذين تلاشت خطاباتهم أمام عظمة دماء الشهداء من الجيش والمدنيين!

بعد العملية الاستباقية في الضنية من قبل الجيش اللبناني، والتي تشبه في توقيتها عملية إلقاء القبض على الإرهابي أحمد جمعة تسارعت أحداث التبانة، وكشفت المستور من خطط إرهابية وإجرامية كانت تحاك بهدوء ضدّ لبنان وجيشه، وبعلم قيادات شمالية، وهذه الخطط لو نفذت من قبل زمر مغطاة من تيار المستقبل ونوابه، وبالأخص خالد الضاهر، لحدثت الفاجعة الوطنية، ولكانت الأمور أسوأ مما يتصوّره العقل، وتحديداً في إعلان طرابلس إمارة للإرهابيين التكفيريين، والغريب العجيب أنّ نواب تيار المستقبل وإعلامه، ورغم انكشاف الحقائق، وسقوط الأقنعة يصرّون على إظهار المعركة التي دارت بين الجيش وبين المجموعات الإرهابية في الشمال وما سبقها من معارك في عبرا وعرسال على أنها «موجهة ضدّ أهل السنة في لبنان»، فيما هي في الحقيقة ليست كذلك، بل ضدّ فئة تستغلّ أهل السنة لمصلحة مشروع إقليمي غربي، وأول ضحايا هذا المشروع هم المعتدلون ومدنهم بما فيها من دورة عمل وإنتاج واقتصاد، خصوصاً في عاصمتي الشمال والجنوب طرابلس وصيدا وأيضاً منطقة عكار وعرسال، وذلك من أجل مفاقمة الأزمة الاجتماعية وجعل أبناء تلك المدن والمناطق يسيرون خلف المشروع نتيجة العوز والحاجة.

للأسف روّج تيار المستقبل لهذا الواقع عن قصد أو من دونه، ولكن من دون شك أنّ عدداً من نوابه ووزرائه ليسوا بعيدين من هذا المشروع الفتنوي الخطير!

أهل طرابلس يسألون بعد كلّ هذا الذي أخذ مدينتهم إلى الهاوية لماذا لا يأخذ سعد الحريري وتياره الأزرق موقفاً واضحاً من خالد الضاهر بعد انكشاف أمره وسقوط قناعه، وبالأخصّ أنّ كلّ العمليات التي استهدفت الجيش اللبناني شمالاً تنفذ في مناطق تحسب على تيار المستقبل، حيث لم يتورّع الضاهر عن القيام جهاراً برعاية وحماية الإرهابيين المستترين تحت عباءة أهل السنة، كما لم يتورّع عن التحريض في شكل فاضح ضدّ الجيش؟

كذلك، فإنّ الصوت المعتدل من أهل طرابلس يسأل: لمصلحة من تدمير المدينة، والتنكيل بالأرزاق وبالعباد؟ وهل لهذه المعركة أبعادها الجغرافية الخطيرة، وهل كانت معركة طرابلس من أجل إشغال الجيش اللبناني والرأي العام والدولة لتحضير شيء ما أكبر وأخطر في جرود عرسال؟

كما أنّ كلّ مواطن لبناني شريف يسأل: كيف وقف أعضاء كتلة المستقبل في اجتماعهم الأخير دقيقة صمت على كل شهداء الشمال من دون تحديد شهداء الجيش والمواطنين الأبرياء من أهل الشمال، بل جعل القتلى الإرهابيين الذين دمّروا وخرّبوا وخطفوا طرابلس في ذات المنزلة مع شهداء الجيش والمدنيين الأبرياء، أليس هذا اعترافاً بضلوع المستقبل في الحرب هناك؟ وفي كل حرب ضدّ الجيش، وبأن هذا الفريق لا يزال يؤمّن البيئة الحاضنة سياسياً وإعلامياً ومالياً للإرهابيين؟

الأسئلة كثيرة ومقلقة وتنتظر إجابة الرئيس سعد الحريري الذي رفض الانتخابات النيابية بعد دراسات استبيانية أقامتها مؤسسة فرنسية بطلب منه، تؤكد أنّ شعبيته في الشمال لا تبشر بالفوز، ولا يستطيع أن يأتي بغير عدد ضئيل من الأسماء إلى المجلس، وبذلك لن تكون له الكتلة الأكبر، وبأنه يحتاج إلى لجم التيارات «السلفية والتكفيرية الداعشية» والمنتمية أيضاً إلى «جبهة النصرة» بأسرع ما يمكن… فهل صمته حيال ما يجري في الشمال وتركه لنوابه يتطاولون على الجيش علاقة بإضعاف الجميع هناك كي تعود قاعدته الشعبية إليه؟ أم انه يترك الأمور على حالها ليُقال إنّ سعد الحريري هو المعتدل؟ أو أنه يساند الإرهاب بطرق ملتوية ظناً منه أنّ ذلك يجعله نداً أمام حزب الله؟

الأيام ستجيب فلننتظر القريب منها!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى