اتفاق على توريد الغاز الروسي إلى أوكرانيا وكييف تقترح قطعه عن مناطق جنوب الشرق

دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تحديث القوات المسلحة الروسية، مشدداً في الوقت نفسه على أن روسيا لا تنوي التورط في مواجهة تفرض عليها.

وقال بوتين في كلمة ألقاها في اجتماع مع كبار ضباط الجيش الروسي في الكرملين أمس إن «عالم القرن الحادي والعشرين لم يصبح أكثر أمناً أو استقراراً، والأخطار السابقة لا تزال موجودة، وفي عدد من المناطق تفاقمت الأمور. وتبقى بؤرة توتر خطرة على حدودنا، في جنوب شرقي أوكرانيا».وأكد أن استراتيجية بلاده العسكرية تحمل طابعاً دفاعياً، مضيفاً أن مهمتها الرئيسية تتمثل في ضمان سيادة البلاد والسلام وأمن المواطنين، مؤكداً أن موسكو لا تنوي التورط في «المواجهة التي تفرض عليها»، وأنها منفتحة للحوار باحترام وعلى أساس متساوٍ بشأن قضايا الأجندة الإقليمية والدولية كافة.

وفي هذا الإطار، ذكّر الرئيس الروسي بأن قمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» الشهر الماضي أعلنت زيادة قدرات الحلف، مشيراً إلى زيادة استخدام القوة ووسائل الضغط الاقتصادي والإعلامي بدلاً من الحل الحضاري المشترك للقضايا الدولية.

ودعت موسكو جميع الأطراف داخل أوكرانيا وخارجها إلى الكف عن الخطوات غير المدروسة أو الاستفزازية وبذل الجهود لإطلاق حوار في البلاد.

وفي جلسة اختتامية لمجلس الأمن الدولي، أشار مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إلى أن أوكرانيا تعيش «مرحلة حساسة جداً تتطلب تصرفات دقيقة ومتزنة وحثّ الطرفين الأوكرانيين على مواصلة الحوار». مشدداً على أن الحوار الوطني الشامل على أساس الاتفاقات السابقة بين طرفي النزاع يبقى سبيلاً وحيداً «سيستطيع المجتمع الأوكراني من خلاله تجاوز انشقاقاته العميقة والعودة إلى طريق التطور المتكامل والمتواصل بما فيه مصلحة جميع الفئات السياسية والإقليمية والقومية».

من ناحية أخرى، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن المستشارة آنجيلا ميركل أبلغت الرئيس بوتين في اتصال هاتفي أن الانتخابات التي ستجرى في شرق أوكرانيا يوم الأحد غير مشروعة ولن تنال اعترافاً من قادة أوروبا.

وقال جورج شترايتر المتحدث باسم ميركل في مؤتمر صحافي أمس إن ميركل وبوتين أجريا الاتصال الهاتفي بمشاركة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والرئيس الأوكراني، مشيراً إلى وجود آراء مختلفة بشأن الانتخابات في دونيتسك ولوغانسك.

وقال المتحدث: «شددت ميركل وهولاند على أنه سيكون هناك اقتراع معترف به فقط إذا أجري وفق القانون الأوكراني» مضيفاً أن الاقتراع سيكون انتهاكاً لاتفاق مينسك ويعقد أكثر الجهود الرامية لإيجاد حل للأزمة في شرق أوكرانيا. وأضاف أن «الحكومة الألمانية لن تعترف بهذه الانتخابات غير المشروعة» معتبراً أن القادة الأوروبيين متفقون بشأن هذا الموضوع وأكدوا ذلك في قمة عقدت الأسبوع الماضي في بروكسيل.

وقال المتحدث إن القادة الأربعة رحبوا مع ذلك بالاتفاق الأخير بين روسيا وأوكرانيا بشأن إمدادات الغاز الروسي، مشيراً إلى أن الجميع اتفقوا على ضرورة أن يضع الطرفان نهاية للعنف في شرق أوكرانيا وأن يعززا وقف إطلاق النار الهش.

وفي شأن متصل، اقترح الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو على كتلته في البرلمان مساندة أرسيني ياتسينيوك لمنصب رئيس الوزراء مقابل اتفاق متكامل على الائتلاف الحكومي. وقال أمس خلال لقاء عقده مع نواب في كتلته: «تلقيت مقترحات كثيرة بترشيح فلاديمير غرويسمان لمنصب رئيس الوزراء، لكن من أجل وحدة البلاد، أرجو مساندة أرسيني ياتسينيوك».

وشدد الرئيس الأوكراني على «ضرورة الإعداد التفصيلي للاتفاق الائتلافي مع إطار زمني محدد لتنفيذ الأحكام التي سيتضمنها»، مؤكداً أن كتلته فازت بالانتخابات بضمها 150 نائباً بينهم 18 نائباً مستقلاً انتخبوا بالقوائم الحزبية.

ووقعت روسيا والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا أمس بروتوكولاً ملزماً بشأن شروط إمدادات الغاز الروسي إلى أوكرانيا ودول الاتحاد حتى أواخر شهر آذار عام 2015.

وجرى توقيع البروتوكول من قبل كل من وزيري الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك والأوكراني يوري برودان، والمفوض الأوروبي للطاقة غونتر أوتينغر، في حين وقعت شركتا «غازبروم» ونافتوغاز أوكرانيا» ملحقاً للبروتوكول يثبت شروط إمدادات الغاز الروسي إلى أوكرانيا حتى أواخر شهر آذار المقبل.

وأعلن ألكسندر نوفاك في مؤتمر صحافي ببروكسيل أن روسيا ستخفض لأوكرانيا سعر الغاز بمقدار 100 دولار لألف متر مكعب حتى آذار 2015، وفي وقت سابق أكد نوفاك أنه جرى تنسيق توريد أربعة مليارات متر مكعب من الغاز خلال شهرين، وأوكرانيا مستعدة لسداد قيمتها، كذلك أعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده لمنح ضمانات الدفع، وهو ما يجب تسجيله في أحد البروتوكولات.

ونقل وزير الطاقة الروسي عن ممثلين في المفوضية الأوروبية وأوكرانيا قولهم إنه تم توفير مبالغ لسداد قيمة الإمدادات الجارية، مضيفاً أن «المفوضية الأوروبية متفقة تماماً مع موقف روسيا».

وأكد الوزير أن الطرف الروسي لم يغير موقفه الأساسي، وهو لا يزال يتمسك بمطلب تسديد جزء من الديون الأوكرانية للغاز المستهلك في فترتي تشرين الثاني – كانون الأول عام 2013 ونيسان – أيار 2014.

وتبلغ قيمة هذه الديون 3.1 مليار دولار، يجب على أوكرانيا دفع 1.450 مليار منها في الأيام القريبة قبل استئناف توريد الغاز المتوقع في تشرين الثاني، بحسب الاتفاقات التي توصل إليها الطرفان، ويجب على كييف تسديد الجزء المتبقي من هذه الديون قبل نهاية العام.

على صعيد متصل ناقش الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل النتائج التي جرى التوصل إليها خلال المحادثات الثلاثية بين روسيا وأوكرانيا والمفوضية الأوروبية في بروكسيل، وأكد الطرفان ضرورة التوصل إلى تسوية تضمن توريدات الغاز إلى أوكرانيا خلال فصل الشتاء، وتضمن في الوقت نفسه أمن الطاقة الأوروبي.

ومن ناحية ثانية، اقترح رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك الجمعة، النظر في جدوى إمدادات الغاز إلى مناطق الصراع غير الخاضعة لسيطرة كييف في جنوب شرقي البلاد.

وقال ياتسينيوك خلال اجتماع خلية الأزمة الخاصة بشؤون الطاقة: «أقترح طرح هذه المسألة خلال اجتماع الأمن القومي والدفاع الأوكراني»، لافتاً إلى أهمية الموضوع كون السلطات المركزية في كييف لن تتمكن من جبي ثمن الغاز من المستهلكين في مناطق الصراع في جنوب شرقي أوكرانيا، الذي يقدر بمئات الملايين من الدولارات.

وكانت شركة الغاز الأوكرانية «نفطوغاز أوكرانيا»، قد أكدت في وقت سابق أنها لم تتلق خلال الشهر الجاري نحو 54 مليون دولار من ثمن الغاز من المستهلكين المحليين، مقدرة حجم خسائرها خلال موسم التدفئة المقبل ما بين 460 و540 مليون دولار.

وفي حال قيام كييف بوقف إمداد الغاز الطبيعي إلى مناطق الصراع في جنوب شرقي البلاد، فإن سكان تلك المناطق مهددون بالبقاء من دون تدفئة خلال فصل الشتاء القارس.

ويأتي هذا الاتفاق في وقت وصلت قافلة المساعدات الإنسانية الروسية الجديدة إلى مدينتي دونيتسك ولوغانسك شرق أوكرانيا بعد إكمال الإجراءات الجمركية على الحدود.

ونقلت هذه القافلة حوالى ألف طن من الأغذية ومواد البناء إلى المناطق المتضررة من القتال في شرق أوكرانيا.

وكان فلاديمير ستيبانوف نائب وزير الطوارئ الروسي قد أعلن في وقت سابق أن الوزارة ستنقل إلى مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك خلال أسبوع ما يقارب 3 آلاف طن من المساعدات الإنسانية.

من جهة أخرى، أفاد موقع المكتب الإعلامي لجنوب شرقي أوكرانيا بأن مدنياً قتل وأصيب 6 آخرون إثر قصف القوات الأوكرانية لمناطق في مقاطعة دونيتسك.

وجاء في بيان صادر عن مسلحي القوات المحلية أمس، أن الجانب الأوكراني خرق الخميس اتفاق وقف إطلاق النار 12 مرة على الأقل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى