درباس: سنسهّل أي برنامج للحكومة السورية لعودة النازحين

رأى وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن «طرابلس هي أفقر مدينة على شاطئ المتوسط ودورتها الاقتصادية تكاد تكون معدومة وهذا سببه الإهمال المتمادي للتنشيط الاقتصادي والتنمية»، مشدداً على ان «الافكار الإرهابية لا يمكن أن تجمع حولها إلا فئة قليلة من الناس، لأن المدينة كانت ولا تزال مثالاً للاعتدال»، لكنه أعلن عن مشاريع حيوية ستنفذ قريباً في المدينة.

وكشف انه عندما كان الإرهابي شادي المولوي موقوفاً في ايار عام 2012، اتصل برئيس الحكومة آنذاك نجيب ميقاتي وطلب منه تلفيق براءة للمولوي لإخماد شرارة اي انفجار في البلد، لكنه استدرك قائلاً: «للأسف عندما خرج من السجن تحوّل الى إرهابي وتسابق الأفرقاء لكسب وده».

ورفض درباس الخوض في تفاصيل ملف العسكريين المخطوفين، مشيراً إلى ان «الارهابيين يريدون إرباك الحكومة والدولة والجيش»، مناشداً «أهالي العسكريين المخطوفين عدم الاستجابة لنصب المتاريس في ما بينهم».

وأعلن انه «اذا كان لدى الحكومة السورية برنامج لعودة النازحين سيجدون منا كل التسهيلات اللازمة»، لكنه أكد انه «لن يجبر اي سوري على ترك لبنان لكي لا يواجه المجتمع الدولي».

حاورته روزانا رمّال

وفي ما يلي نص الحوار كاملاً الذي استهله درباس بالقول: «أنا لا أمثل تيار المستقبل في الحكومة مع اعتزازي بصداقتي مع الرئيس سعد الحريري، فالحكومة مقسمة ثلاثة أثلاث وأنا من الفريق الوسطي. ولو كنت أمثل فريق المستقبل لاختل التوازن».

ثانياً، إن مدينة طرابلس ظلمت في الإعلام وفي الحروب التي كانوا يولدونها فيها وفي إهمال الدورة الاقتصادية فيها. كما ألصقوا بها تهمة التطرف والتعصب.

هل هناك من يريد لهذه المدينة ان تبقى متوترة؟

– لو لم تكن توجد بيئة حاضنة للجيش اللبناني لما استطاع دخول باب التبانة وتطهيرها من المجرمين، ولم تطلق رصاصة على ظهره بل رحب به الأهالي، لذلك كلمة بيئة حاضنة كلمة بذيئة ويجب أن تخرج من قاموس اللغة السياسية.

فريق 8 آذار يعتبر ان قسماً من تيار المستقبل يسهل عمل هؤلاء الارهابيين خصوصاً تصاريح بعض النواب التحريضية ضد الجيش، ما رأيكم؟

– أريد ان أذكر بموقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري من الإرهاب في أحداث الضنية الذي كان مسانداً للجيش من دون أي تردد، وموقف الرئيس سعد الحريري أيضاً في أحداث نهر البارد، وكيف تحوّل اهالي المناطق المحيطة بنهر البارد إلى فرق تساند الجيش وتلاحق الإرهابيين، وكذلك الموقف الأخير لمختلف أطياف المدينة من الاحداث الأخيرة في طرابلس بأن باب التبانة لا يمكن أن تكون بؤرة لمن يريدون أن يقيموا إمارة. فعن أي إمارة يتحدثون؟ ما هي ثقافة هذه الإمارة التي يريدونها؟ ثقافة جزّ الرؤوس؟

طرابلس هي أفقر مدينة على شاطئ البحر المتوسط ودورتها الاقتصادية تكاد تكون معدومة وهناك ظروف غير انسانية ونزوح من الأرياف إلى المدينة، وهذا سببه الإهمال المتمادي للتنشيط الاقتصادي والتنمية، لأن التنمية عدو للارهاب والأفكار المريضة بحيث أن من لا يجد قوت يومه يجد من يدفع له لقاء إطلاق النار فيستسهل ذلك، وكل هذه الافكار الارهابية لا يمكن ان تجمع حولها الا فئة قليلة من الناس، لأن المدينة بحكم موقعها الجغرافي وتاريخها وثقافتها كانت مثالاً للإعتدال واعتادت أن يتصادق ويتصاهر الخصوم، فهذه المدينة كيف يمكن أن نصفها بالإرهاب!

هل توافق على كلام وزير العدل اللواء أشرف ريفي الذي يقول عن هؤلاء المسلحين إنهم شباب محبط؟ أوليس هذا استصغاراً للموضوع؟

– الإرهابيون الذين قاتلوا في أحداث طرابلس الأخيرة لا يتجاوزون العشرات. شادي المولوي واسامة منصور وإمام مسجد هارون في بحنين خالد حبلص، فارون من وجه العدالة وهم الوحيدون الذين جاهروا بأنهم من «جبهة النصرة» ولا يمكننا أن نبني على ذلك بأن طرابلس مدينة تحتضن الإرهاب.

لماذا أُخرج شادي المولوي من السجن سابقاً في حين أنه ثبت الآن انه ارهابي؟

– أنا اتصلت برئيس الحكومة نجيب ميقاتي في أيار عام 2012، وقلت له إن الوضع الأمني في البلد لا يحتمل ان يبقى هذا الرجل في السجن. وطلبت ان تلفق له البراءة وكنا نهدف إلى إخماد شرارة أي انفجار، ولكن مع الأسف الشديد، لما خرج المولوي من السجن تحوّل إلى إرهابي وتسابق الأفرقاء لكسب وده، علماً أن الجيش ألقى القبض على كثيرين أخطر من المولوي.

لماذا بعد كل معركة يختفي قادة المسلحين؟ أليس ما حصل أخيراً في طرابلس هو السيناريو نفسه الذي حصل في صيدا مع أحمد الاسير؟

– ليس المهم الأشخاص بل تأثيرهم، ولن يستطيع هؤلاء المسلحون أن يبنوا مجدداً بؤرة أو يشكلوا حالة أمنية متوترة كما كان سابقاً. الآن بان المستور، ولم تعد هذه الأفكار تجد لها أرضاً صالحة للزراعة، وطرابلس سترد على المستهدفين بمشاريع حيوية ستنفذ قريباً من جانب مجلس الإنماء والإعمار، وهذه المشاريع هي مد سكك حديد من طرابلس الى الحدود اللبنانية لكي تصل المرفأ بسورية والبلاد العربية وأوروبا، والمشروع الثاني ردم 550 ألف متر مربع في البحر في نطاق مرفأ طرابلس لتكون مكاناً للمنطقة الاقتصادية الخاصة التي صدر بها قانون، وهذا سيوفر آلاف فرص العمل شبيهة بجبل علي في دبي. الثالثة هي إنشاء محطة تسفير في وسط المدينة في التل واستعادة الوسط التجاري الذي يجمع المدينة والمناطق المحيطة، اضافة الى منحة جاءت من الصندوق العربي في الكويت لإنشاء مسلخ في طرابلس ما يحرك النشاط الاقتصادي ويوفر فرص العمل. فالوسيلة الناجعة لصد الإرهاب هي التنمية وإيجاد فرص عمل.

هل تؤيد المقايضة في ملف العسكريين المخطوفين مع موقوفي سجن رومية؟

لا أحب أن أتحدث في هذا الموضوع ولا أعلم ولست مطلعاً عليه، وهناك من يعمل بصورة مضنية وبالسر مع قوم لا يقيمون للشرف ولا للمبادئ أي اعتبار ويتسلون بقتل الرهائن ويستدرجون أهاليهم لكي ينكلوا بهم وبالمخطوفين. وخلية الأزمة هي موضع ثقتنا الكاملة، ورئيس الحكومة تمام سلام سيبلغنا عند الوصول الى نتيجة لكي يتخذ مجلس الوزراء القرار المناسب، ومن حق الأهالي ما يقومون به وهم بذلك يشترون لأبنائهم مزيداً من الحياة وينفذون تعليمات الخاطفين لكنهم لا يرغبون بذلك. الخاطفون يريدون إشاعة الفوضى في كل مجتمع منتظم وهذا ما حصل في سورية والعراق وحاولوا أن يلحقوا لبنان بما فعلوه هناك ولكن كان لبنان على موقف رجل واحد، والإرهابييون يريدون إرباك الحكومة والدولة والجيش ولبنان كله في هذه القضية كأنه مخطوف وإرادتنا مصابة بعجز كبير فأبناؤنا بين أيديهم وطلباتهم صعبة التحقيق، وعلى رغم كل ذلك، أناشد الأهالي «إياكم ان تستجيبوا لنصب المتاريس في ما بينكم لأن المخطوفين ينتمون إلى كل المذاهب وهذا يوحد لبنان. وإياكم ان تجعلوه سبباً للتفرقة».

إلى متى سيبقى التواصل والتنسيق مقطوعاً مع الحكومة السورية وخصوصاً في ملف النازحين؟

– ليس صحيحاً ان ليس هناك تواصل بين لبنان وسورية، لأن السفير السوري دائماً يتواصل مع وزير الخارجية اللبناني، ومعظم السوريين الذين دخلوا الى لبنان دخلوا من دون تأشيرة، وسجلتهم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وكذلك الذين كانوا يعملون في لبنان سجلوا أسماءهم. وأثناء أحداث عرسال قرر 1700 سوري العودة إلى بلدهم لكن لم تسهل عودتهم بسبب عدم حيازتهم هويات ما أضطر وزير الخارجية ان يتحدث مع السفير السوري لإعادتهم.

هناك قرار من حكومة الرئيس ميقاتي بالنأي بالنفس وعدم الانغماس في الصراع العسكري في سورية، ونحن كحكومة رأينا أن هذه السياسة صائبة والحكومة بكل مكوناتها متفقة على ذلك، لكن هذا لا يعني أنه إذا كان لدى الحكومة السورية برنامج لعودة النازحين سنرفض، بل بالعكس سيجدون منا كل التسهيلات اللازمة ومستعدون لاستئجار حافلات للركاب ووضع محطات للتسفير وأماكن استقبال موقتة واعفائهم من اي رسوم لإعادتهم الى سورية، وهناك مناطق كثيرة في سورية آمنة والذين يسكنونها هم من مؤيدي النظام والحياة فيها عادية وإذا قررت الحكومة السورية استعادتهم فستلقى منا كل المساعدة، لكن لن أجبر أي سوري على ترك لبنان لكي لا أواجه المجتمع الدولي.

هل هناك إحصاءات للنازحين؟ وكيف تتعاطى المؤسسات الدولية في هذا الامر؟

– عدد المسجلين رسمياً حالياً في مفوضية اللاجئين هو مليون ومئة ألف شخص، والجهات المانحة تعطي المال للمفوضية السامية وهي تصرف على السوريين من دون المرور على المؤسسات اللبنانية، والآن هناك تراجع في هذه المنح وهذا مؤشر خطير والخوف ان يصبح لبنان مسؤولاً عن شعب آخر من دون مساعدات.

ما هو موقفك من وجود حزب الله في سورية وهل صحيح أن الحزب أبعد خطر الإرهاب عن لبنان؟

– لا أريد الدخول في هذا الموضوع ولكن أسال: هل هناك مسألة حسمت في مكان ما؟ لم يحسم أحد معركته والدماء ما زالت جارية والخطر متفاقم، وأنا الآن لن أطلب من حزب الله ولا من كل المسلحين اللبنانيين الذين حاربوا إلى جانب القوة المناهضة للنظام في سورية ان ينسحبوا، لكن أطلب من كل القوى السياسية أن نذهب لانتخاب رئيس للجمهورية وهو الذي يصون الدولة، فنحن في حالة قلق لأن الدولة من دون رئيس. رئيس الجمهورية سيكون الواحة الصحية التي يلتقي فيها الأطراف ويبحثون عن حل، وفي لحظة من اللحظات يمكن القوى الداخلية أن تتخطى الخارج وتنتخب رئيس جمهورية، وعملياً لا أحد يستطيع أن يوصل مرشحه للرئاسة لذلك فإن حظوظ المرشح التوافقي أعلى لأن لا حظوظ للمرشحين غير التوافقيين.

هل ترى أن التمديد للمجلس النيابي كان ضرورة للبلد حالياً؟

– الرئيس سعد الحريري قال لي علناً «إنني لن أذهب إلى الفراع بل سأذهب إلى التمديد لأنه إذا انتهت ولاية المجلس ولم نجرِ انتخابات نيابية أصبحنا في الفراغ المطلق واذا أجرينا الانتخابات فسندخل في الفراغ ايضاً، لأن الحكومة ستصبح مستقيلة فمن سيقوم بالاستشارات حينها؟ فهذه الصلاحية لا يمكن أحداً ان ينوب عن رئيس الجمهورية بها، وفي حال اتفق على حكومة من سيوقع مراسيمها غير رئيس الجمهورية؟». فلو حصلت الانتخابات لكنا وقعنا في مأزق أكبر.

الا تعتقد أن مدة سنتين وسبعة أشهر مبالغ بها؟

– لن أدافع عن التمديد ولست من الذين اشتركوا في طبخه، وقلت إن هذه المدة طويلة لأنها تدعو للاسترخاء. لكن هناك تواطؤاً حميداً من الأطراف المتخاصمة على التمديد، وهذا التواطؤ ندعو لأن يكون تواطؤاً أكثر حمداً في انتخاب رئيس للجمهورية والكل له مصلحة في التمديد، ولكن، هناك من كسب على ظهر غيره.

ما رأيك في السجال الذي يحصل على صعيد ملف الفساد الغذائي؟

– السجال إيجابي للبحث عن الحلول، والمسؤول عن الفساد ليس فقط التجار. فهناك المياه الملوثة أيضاً والكهرباء التي تنقطع في شكل متواصل وتؤدي الى تلف المواد الغذائية وإغفال الرقابة البلدية ورقابة الوزارات المختصة، وهناك منظومة بحالة اضطراب بسبب الاضطراب السياسي الموجود في الدولة وما بدأه وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور يبنى عليه.

يبث هذا الحوار كاملاً الساعة الخامسة من مساء اليوم ويعاد بثه الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» تردد 12036

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى