«داعش» شرق أوسطية

بلال شرارة

مطلع هذا الأسبوع أقدمت سلطات الاحتلال على اغتيال الشاب الفلسطيني يوسف الرموني، ما أشعل يوم غضب فلسطيني، وليست هذه المرة الأولى إذ أقدمت سلطات الاحتلال على قتل الشاب الفلسطيني حسين أبو خضيرة بعدها قتلت قوات الاحتلال بالنار والدمار غزة وأصابت، وقتلت ثلاثة عشر ألف فلسطيني للمرة الثانية في حربها الثانية.

من يحفز العنف في الشرق الأوسط؟

من يحفز العنف في فلسطين؟

من يحفز «داعش» والتطرف كلّه؟ من المسؤول عن إنتاج مسارح الجريمة العابرة للحدود والمسؤول عن عمليات ذبح الأجانب والعشائر والجنود والمدنيين؟

هل الحقيقة على ما تزعم صحيفة «يديعوت أحرنوت» الصهيونيّة «أن من أسباب الانتفاضة الفلسطينية الثالثة تنظيم «داعش» الذي أدخل الشرق الأوسط والعالم الإسلامي في هوس ديني عنيف غير منظم»؟ الجواب كلا بالتأكيد، والجواب بالتأكيد هو أن «إسرائيل» الرسمية بحكومتها وجيشها وأجهزتها الأمنية وقبل ذلك الدولة بعصاباتها واليوم بيهوديتها هي المسؤولة عن إنتاج العنف و«داعش» على مساحة الشرق الأوسط وبالإشارة الى الأمكنة.

في غزة:

وقعت عشرة تفجيرات أو ما يزيد، استهدفت منازل قياديين في حركة فتح ومسرحاً كان يعد للاحتفال بالذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وبعد ذلك أعلنت «داعش فلسطينية» مسؤوليتها عن الحوادث وابتعدت حركة حماس عن الواجهة وأعلنت أنها لن تتحمل المسؤولية إزاء الاحتفال برحيل عرفات، ما دفع فتح إلى إلغائه.

في مصر:

أعلنت جماعة «أنصار بيت المقدس» التي ارتكبت أعمالاً إرهابية ضد القوات والأمن النظامي المصري مبايعتها لتنظيم «داعش». وفي تسجيل صوتي يدعو زعيم «داعش» الى حرب ضد السعودية وحرب في اليمن والجزائر والمغرب.

طيّب أين أصل الشر الذي لم يتنبّه إليه أحد عندما كان محصوراً في الأراضي السورية ولم يشأ أحد التنبّه إليه حين انتقل الى العراق، الى حدّ أن فرنسا طلبت الى المسيحيين في سهل نينوى والموصل الهجرة إليها بدلاً من أن تبادر في حينه الى العمل على إعادتهم!

أزعم أن أصل الشر هو «إسرائيل» مذ وجدت، وأن الإرهاب بذرتها وَلَّدَها ووُلد معها وانتشر منها، وقبل ذلك وبعد ذلك قاتل الفلسطينيون بشرف حتى أن عملياتهم الفردية وصولاً الى غزة والقدس اتسمت باللاعنف وباللاانتقام مقابل حرق المسجد الأقصى عام 1969 يوم زعمت سلطات الاحتلال أنّ الحريق ارتكبه مجنون تمّ ترحيله، علماً أن سلطات الاحتلال ساهمت في الحريق وقطعت المياه عن منطقة الحرم حاولت منع المواطنين من إطفائه.

إذن كان إغلاق المسجد الأقصى قراراً رسمياً «إسرائيلياً»، والحصار اليوم قرار رسمي «إسرائيلي»، والاستيطان ومحاولة تغيير معالم منطقة القدس وتهويد المدينة وصولاً إلى محاولة تقسيم المسجد الأقصى وتهويده، وفي الأساس قرار يهودية الدولة قرار رسمي «إسرائيلي».

نذكر أنه قبل أربعة وعشرين عاماً، أي في تشرين الأول 1990، حَضَّرت السلطات «الإسرائيلية» الرسمية مسرح جرائم «داعش الإسرائيلية» التي كان اسمها آنذاك «جماعة أمناء الهيكل» عبر الحواجز العسكرية وإغلاق أبواب المسجد الأقصى وأقدمت على إطلاق النار براً وجواً على المحتشدين من المصلين، ما أسفر عن استشهاد واحداً وعشرين فلسطينياً وإصابة نحو ثلاثمئة.

إذن «الداعشية الإسرائيلية» الرسمية هي أم الإرهاب وأصل البلاء وأصل «داعش» العربية، فهي بارتكاباتها نسخة طبق الأصل عن العصابات الرسمية «الإسرائيلية». واليوم ليس سبب ما يحصل بروز العامل الديني على ما يزعم الإعلام «الإسرائيلي» ولا تأثير «داعش».

السبب هو الاعتداء على الناس وحرمة الأماكن الدينية ودور العبادة في مسار واحد من الحرم الابراهيمي إلى كنيسة القيامة إلى المسجد الأقصى فمسجد قرية المغاير قرب رام الله .

ونحن في لبنان، إن ننسى فلن ننسى الغارة الجوية «الإسرائيلية» في 15 آذار 1978 على مسجد بلدة العباسية و«حفلة» الإعدام الجماعية «الإسرائيلية» للمدنيين الذين احتموا في المسجد.

كما نذكر مجزرة المدفعية «الإسرائيلية» بقذائف الهاوتزر الحارقة والمسمارية على موقع معروف للكتيبة الفيجية في قانا في 18 نيسان 1996، ونذكر في لبنان عشرات المجازر «الإسرائيلية» من مجازر «الهاغانا» و«شتيرن» في صلحة وحولة عام 1948 إلى مجازر الحكومة «الإسرائيلية» خلال حرب عام 2006 .

كما لا تنسى مصر مجزرة بحر البقر ومذابح جنودها عام 1967 في سيناء، ولا ينسى السوريون المجازر في حق الناس والأرض في الجولان ولا… ولا…

واليوم ما يحدث في الجولان، في المقلب السوري من جبل الشيخ، من مذابح طالت الموحدين الدروز، ليس عملاً فردياً ترتكبه «النصرة» أمام نظر الجيش «الإسرائيلي». ولا السياحة الرسمية «الإسرائيلية» نحو الجولان للتفرج علينا عمل فردي يقوم به مستوطن شاطر بالتجارة، بل عمل حكومي، لذلك لن ينفع مع ذلك الكلام عن تحييد منطقة أو توحيد جماعة.

ما يحصل من حوادث في العراق وسورية حيث تركّز «داعش» دورها وقاعدة ارتكازها الجغرافية عبر حدود البلدين، فضلاً عن صور عمليات ذبح الرهينة الأجنبية والجنود السوريين، وصولاً الى التهديد باستباحة السعودية وإشعال فتنة مذهبية في اليمن، الى تهديد المغرب العربي… ذلك كلّه هو إيبولا أو إيدز «داعشي» «إسرائيلي» ومسؤولية «إسرائيلية». وما يحصل بالصوت والصورة في العالم العربي هو تقليد أعمى للإرهاب «الإسرائيلي».

«داعش» الشرق أوسطية هي في الحقيقة الوجه الآخر للعدوانية «الإسرائيلية» الرسمية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى