سلام: المصارف اللبنانية تحافظ على نسب الملاءة اللازمة لمواكبة المعايير الدولية

أشار رئيس مجلس الوزراء تمام سلام إلى أنّ «القطاع المصرفي اللبناني أظهر قدرة ملحوظة على مقاومة الضغوط، وحافظ في الوقت نفسه على وتيرة نموه في أصعب الظروف السياسية والأمنية»، لافتاً إلى أنّ «هذا الأداء يعود إلى تمكن المصارف دائماً من المحافظة على نسب ملاءة تواكب المعايير الدولية، وعلى مستويات سيولة شكّلت مظلة حماية لها في الأوقات الحرجة».

كلام سلام جاء خلال رعايته افتتاح المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2014، الذي ينظّمه اتحاد المصارف العربية والاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، وبالتعاون مع مصرف لبنان والمصرف المصري المركزي، بعنوان «أي اقتصاد عربي ينتظرنا»، في فندق فينيسيا، حضره وزراء الدفاع سمير مقبل، الإعلام رمزي جريج، المال علي حسن خليل، البيئة محمد المشنوق، والاقتصاد آلان حكيم، رئيسة بعثة المفوضية الأوروبية في لبنان انجيلينا ايخهورست.

كما حضر رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزف طربيه، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس جمعية مصارف لبنان فرنسوا باسيل،و محافظ البنك المصرفي المصري هشام رامز عبد الحافظ.

وأضاف سلام: «لقد نجح القطاع المصرفي اللبناني أيضاً في التأقلم مع التحولات العالمية الكبيرة، فواكب مسار التطور في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، والتزم التزاماً كاملاً النظم والمعايير الدولية، وخصوصاً تلك المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. إنّ حصة كبيرة من نجاح القطاع المصرفي اللبناني، تعود إلى كفاءة قياداته والعاملين فيه، لكن المساهمة الأكبر تعود إلى السياسة الحكيمة للمصرف المركزي، الذي وضع إطاراً ناظماً للعمل المصرفي، فرض احترام أرفع معايير الوقاية». وتابع: «مثلما نجح قطاعنا المصرفي في الصمود في وجه الأزمات، تمكنت القطاعات الاقتصادية الأخرى من النجاة ولو بأثمان كبيرة. وهذا بحد ذاته شهادة على إرادة المستثمرين ورجال الأعمال اللبنانيين وإيمانهم بمستقبل لبنان، الأمر الذي يستحق تحية لهم وللعاملين في القطاع الخاص في بلادنا. لكن الواقعية تقتضي القول إنّ هذا الصمود لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية إذا بقي مسلسل النزف مستمراً، في ظل عدم الاستقرار الاقليمي والتشنج الداخلي اللذين يلقيان بثقلهما على الحركة الاقتصادية».

وأشار سلامة من جهته، إلى «المسؤوليات الإضافية التي تتحملها المصارف المركزية في العالم وفي المنطقة، نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية التي امتدت إلى الأسواق الناشئة، حيث أرغمتها على توسيع موازناتها، ما يعرّض الأسواق التي تعمل فيها إلى تقلبات حادة نتيجة زيادة السيولة»، لافتاً إلى أنّ «المتنفس لهذه التقلبات سيكون حسن إدارة السيولة، وإدخال أدوات صادرة عن المصرف المركزي معنية باستيعاب هذا الكم من السيولة، وذلك بغياب إمكانية تحريك الفوائد لهذا الغرض بعد أن بلغت الصفر في المئة». وأضاف: «لقد اعتمدت المصارف المركزية العالمية مبدأ شراء سندات سيادية وسندات وأوراق من القطاع الخاص في البلاد التي هي مسؤولة عنها. وعلى المصارف التجارية والاستثمارية أن تتأقلم مع هذا الواقع الجديد، وعلى القطاعات الاقتصادية أيضاً استعمال العملات بفي شكل آمن حفاظاً على مداخيلها، إذ سنشهد تقلبات مهمة ما بين أسعار العملات الأساسية عالمياً».

واختتم: «نحن على كامل الثقة بأنّ نظامنا المصرفي وقطاعنا المصرفي، سيبقيان الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني، وسيبقى القطاع المصرفي قطاعاً منخرطاً في العولمة المالية».

كما كانت كلمة لباسيل، أشار فيها إلى أنّه غير مقبول «أن نكتفي بمعدلات نمو متواضعة يقدرها صندوق النقد الدولي بما بين 1.8 في المئة و2.5 في المئة للبنان، وبما بين 2.6 في المئة و3.8 في المئة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعامي 2014 و2015. فهذا المستوى من النمو ليس كافياً لاستيعاب القوى العاملة الشابة المتدفقة إلى أسواق العمل العربية». وقال: «واجبنا التحذير من هذا المنحى، وخصوصاً أننا نعاني في لبنان عجزاً سنوياً كبيراً من المتوقع أن يفوق الـ5 مليارات دولار هذه السنة، أي ما يوازي 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. لقد انعكست التطورات الإقليمية سلباً على الاستثمارات الداخلية والخارجية في لبنان. غير أنّ تحويلات العاملين في الخارج حافظت على مستواها المرتفع كما تابعت التسليفات المصرفية ارتفاعها بنسبة جيدة فساهمتا معاً. في المقابل، شهدت المديونية العامة في السنوات الثلاث الأخيرة تطوراً سلبياً، إذ ارتفع الدين العام إلى ما يقارب 66 مليار دولار أميركي، متجاوزاً 140 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي».

أما طربيه، فتطرّق إلى ما تشهده المنطقة اليوم، مشيراً إلى كلفة ما سمي بالربيع العربي، والتي قدرت بحسب دراسة أعدها مصرف HSBC، ما يتخطى الـ800 مليار دولار أميركي منذ انطلاقته في عام 2010 في الدول الأكثر تضرراً».

وعلى رغم هذه الوقائع والأرقام، أشار إلى أنّ «موجودات المصارف العربية تخطّت في نهاية الفصل الأول من عام 2014، الـ3.1 تريليون دولار أميركي، وبلغت الودائع تريليوني دولار أميركي، وتخطت التسهيلات التي ضخت في الاقتصاد مبلغ 1.75 تريليون دولار أميركي. كما قاربت نسبة نمو القطاع المصرفي ثلاثة أضعاف نسبة نمو الاقتصاد، مما يشير إلى المساهمة الكبيرة للصناعة المصرفية العربية في الاقتصاد العربي».

واختتم: «في المحصلة، إنّ التحديات التي تواجه عالمنا العربي الآن ليست اقتصادية فقط بل هي كيانية، في ظل خلط كل الاوراق وتغيير كل الثوابت. من هنا فإن قياداتنا ومسؤولينا في المنطقة العربية مدعوون للتعاطي مع مشهد آخر لم نعتد عليه. إن العمل على الاصلاحات السياسية والاجتماعية وحتى البيئية، بالاضافة إلى استحداث فرص عمل».

وأشار رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية محمد بركات من جهته، إلى أنّ «اتحاد المصارف العربية يواصل مسيرة لقاءاته ومؤتمراته الرامية إلى حشد القيادات المصرفية، والمالية، والاقتصادية، لمتابعة ومناقشة التطورات الاقتصادية، والمالية، والمصرفية العالمية، والعربية وانعكاساتها، وما خلفته من تحديات أمام اقتصاداتنا العربية وقطاعاتنا المصرفية العربية». وتابع: «نتطلع اليوم من خلال هذا المؤتمر، ومن خلال هذه النخبة من الباحثين والمفكرين والمحللين، للبحث في وضع استراتيجية موحدة لمواجهة التحديات الاقتصادية في ظلّ استقرار لم تتضح معالمه بعد، والنظر في الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة حالياً لمواكبة المرحلة، وتحديد دور القطاع المصرفي العربي في البناء للمستقبل، ووضع خطط وآليات لمعالجة البطالة العربية، إضافة إلى حشد الدعم الدولي لصياغة مشروع عربي – دولي مشترك لمواجهة التحديات المقبلة. آملين وضع الحلول التي تخدم اقتصاداتنا العربية، ومستقبل أجيالنا المقبلة».

ثم تم تكريم عبد الحافظ بمنحه «جائزة الرؤية القيادية»، كما كرم المؤتمر الرئيس سلام بتقديم درع تذكارية وفاء لجهوده.

ثم افتتح رئيس اتحاد المصارف العربية الوزير السابق عدنان القصار أعمال المعرض الذي ينظم على هامش المؤتمر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى