فيينا وكيري ولا تمديد

روزانا رمال

خلافاً لكلّ الكلام عن استبعاد وصول وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى فيينا، للمشاركة في المفاوضات الدائرة حول الملف النووي الإيراني، وصل كيري، ولم تصدق وزارته التي قالت إنّ برنامجه المليء بين لندن وباريس لا يسمح بالذهاب إلى فيينا.

وصل كيري وانضمّ مساءأوا من أمس فوراً إلى الاجتماع الذي ضمّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومفوضة شؤون الأمن والخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون، وقال إنّ التمديد ليس مطلوباً للمفاوضات رغم كلّ الإشاعات عن طلب إيراني للتمديد، وقد صرّح رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني بأن لا مصلحة للغرب في تمديد المفاوضات، والمنطلق الذي لم يصرّح به لاريجاني هو أنّ من يقرأ سيرة التفاوض النووي، سيكتشف أنّ إنجازات إيران النووية التقنية من التخصيب إلى رفع مستواه إلى تحسين أجهزة الطرد المركزي وصولاً إلى مفاعل الماء الثقيل، قد تمّت كلها في ظلّ مفاوضات سابقة، وأنّ ايّ تمديد سيحمل المزيد من هذه الإنجازات، وأنّ الغرب الذي كان يفاوض تحت سقوف منخفضة قياساً للسقف الحالي بعدما صارت الإنجازات الإيرانية أمراً واقعاً، سيجد نفسه كلّ مرة بعد التمديد يفاوض تحت سقوف أعلى لمصلحة إيران نوويا.

أما في السياسة فالواضح أنّ التفاهم إذا تمّ، سيضمن انخراطاً إيرانياً في بُعدين يمسّان مباشرة جوهر التحديات التي تعني الغرب وأميركا في المقدمة، وهما الحرب على الإرهاب وصناعة التسويات والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وكلّ تمديد للتفاوض يعني تأخيراً في انخراط إيران وحلفائها في هذه الحرب وتلك التسويات، بينما لا بدائل أميركية تعوّض الغياب، لا بل إنّ الغياب سيرتب بصراحة كما يقول باحثون أميركيون، تعاظماً في قوة «داعش» وتجذراً في بنيتها، خصوصاً داخل السعودية حيث البيئة الفكرية الحاضنة للوهابية، وحيث إذا وصلت قوى «داعش» سيصير صعباً الاجتثاث، وفي المقابل سيحقق في النفوذ الإقليمي أصدقاء إيران مزيداً من التنامي، تماماً كما حدث في اليمن، حيث فوجئ الجميع بحجم قدرة الحوثيين على رسم مستقبل اليمن، بعدما كانوا مجرّد فصيل صغير جلّ ما يملكه هو قدرة الصمود في صعدة، وقد يظهر أكثر من يمن في منطقة الخليج أو أفريقيا، يصبح على التفاوض السياسي والاستراتيجي أن يضعها في الاعتبار، تماماً كما دخل اليمن على خط الحسابات.

وحدها «نيويورك تايمز» عنونت اليوم أنّ الاتفاق الأميركي الإيراني بات قريباً، وأنّ وصول كيري إلى فيينا يعني أنّ الأمور تتقدم، وأنّ التمديد صار مستبعداً لحساب ترجيح الوصول إلى الاتفاق التاريخي المنشود، الذي سيغيّر وجه الشرق الأوسط وربما العالم برسم خرائط جديدة وتوازنات جديدة.

فيينا ويومان إضافيان أيضاً، وتفاوض شاق، وتمسّك إيراني برفع العقوبات مقابل توقيع الاتفاق، وضعف وارتباك أميركيان يستظلان بتعقيد التفاهم على القضايا التقنية، والمخرج المنتظر مبادرة حلّ وسط يتقدم بها وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، بعد تفاوض سري ثنائي مع كلّ من كيري وظريف لصياغة المخارج التي تجنّب الجميع مخاطر الفشل، والتمديد الذي يسعى إليه اللوبي الضاغط في واشنطن لحساب «إسرائيل» وتركيا والسعودية، والذي يعلم فريق الرئيس باراك اوباما أنّ هدفه منعه من تحقيق إنجاز بهذا الحجم، يدفع إدارته إلى موقع ربما يحسّن وضعها الانتخابي بتخفيف وطأة الأزمات والفشل السياسي اللذين تعاني من نتائجهما…

الاثنين المقبل يوم موعود.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى