الصهيونية المتأسلمة الصهيوإسلامية ومنابع الإرهاب الدولي

د. حسام الدين خلاصي

هل هو آخر المطاف حيث نصل إلى تداعيات وتخبّطات في الموقف السياسي المعلن في أروقة الأمم المتحدة عبر مجالسها الغير ملزمة والتي تعتبر منابر خطابية وسلعة إعلامية لتصدير المواقف السياسية للدول التي تصاب بنكبات سياسية، وإلى دول تخلع عن وجهها برقع الحياء السياسي العروبي والإسلامي، ولدول تتحدث بلسان صهيوني صرف مصلحة وهدفاً وغاية ؟

هل هو آخر المطاف عندما ينطق اللسان العربي بمطالب صهيونية حقيقية واضحة لا لبس فيها ولا مواربة، هل هو آخر المطاف لتعلن دول الصهيوإسلامية حقيقة انتمائها وعلانية انحيازها لمصلحة الدولة المارقة «إسرائيل» بلا خجل؟

هل هو آخر المطاف أم هناك بقية من استحياء! فالخطاب الخليجي الذي تمثله السعودية ومن قبلها قطر وطرحها وتحديها بمساواة الجلاد مع الضحية ووضع المقاومة الوطنية والجيش العربي السوري المعنيان الوحيدان بصورة جدية بمحاربة ذيول الصهيونية المتسرّبة عبر الحدود والمدعومة من قبل دول باتت لا تخفى على أحد في كفة واحدة مع الإرهاب الداعشي المصنع أميركياً والمستورد عربياً وأوربياً وتركياً.

العاقلون يتساءلون هل بلغت حمى الغيظ أوجها لدى السعودية لأنّ الجيش العربي السوري ماضٍ مع المقاومة اللبنانية الوطنية في التصدي لكلّ إرهاب على أراضي البلدين، ولأنّ المخطط لا يسير بالسهولة المتوقعة ولأنّ التراجعات والمراجعات الدولية بدأت تظهر مللها من اللعبة الأميركية، أم هي الخطوة التالية في المخطط الرامي لإثارة الفتنة السنية الشيعية في كلّ من لبنان وسورية والعراق، وأنّ المطلوب تصعيد الخطاب الطائفي من جديد؟

العاقلون يتساءلون هل هي خطوة تشبه خطوة البغدادي في التحريض الطائفي والمذهبي عندما دعا إلى محاربة الشيعة في أرض الحجاز؟ ألا يشبه خطاب المندوب السعودي خطاب البغدادي التحريضي ولكن بلغة ديبلوماسية، فكلاهما المندوب السعودي والبغدادي وجهان لعملة واحدة غاظهما نجاح الجيش العربي السوري والمقاومة الوطنية اللبنانية على أراضي الدولتين، فيما يدّعي كل من السعودية و«داعش» الدفاع عن أهل السنة في البلاد مع العلم الدولي بأن غالبية ضحايا الإرهاب الصهيوإسلامي الداعشي هم من أهل السنة الشرفاء الذين لا يفرّقون في الوطن بين دين ودين، والذين يعرفون أنّ القدس هي قضيتهم ويرفضون اي خيار آخر .

ولأنّ النار التي اشتعلت بأيدي فلسطينية من عرب 1948 وباتت الانتفاضة وشيكة، وما وعد به الصهاينة حول انتفاضة في الضفة لربما بات قاب قوسين لتحقيق انتفاضة ثالثة، وبات تسليح الضفة الغربية واقع تفرضه الهيمنة الصهيونية واستبدادها واستخفافها بالأقصى وبالقدس التي غفل عنها البغدادي والسعودي والقطري والتركي وسائر أمصار أوروبا فيما عدا محاولات اسبانية وسويدية خجولة، لذلك أتت الأوامر من الكيان الصهيوني للصهيوإسلام السعودي بتحريك القديم الجديد ألا وهو الخطاب الطائفي من منابر محلية ودولية واستنهاض البواقي من عصابات القتل والتدمير الداعشية بمختلف أسمائها على الرغم من تمثيلية الإمارات في إعلانها قائمة الجماعات الإرهابية على مسامع العالم في خطوة لتبرئة دول الخليج، لأننا نعتبر الإمارات الناطق الإعلامي لمجلس التعاون الخليجي.

تأتي الخطوة السعودية القرعاء في خضمّ تجاذب سياسي من كلّ الأطراف حول ضرورة الحلّ السياسي للأزمة السورية، وفي ظلّ تصريحات للرئيس الأسد حول المرحلة المفصلية التي تمرّ بها المنطقة، والتي سترسم وجهتها وفقط علائم الصمود للشعب السوري والجيش العربي السوري، والمضيّ بمسيرة المصالحة الوطنية التي تخطو نحو تجريد الحركات الارهابية من السلاح وإعادة تأهيل السوريين الذين ارتكبوا بحق وطنهم الخطأ الأكبر، والسعودية هنا تشعر بحراجة الموقف لأنّ عمر الأزمة قد طال وسورية لم تنكسر، ولا بدّ من صبّ الزيت على النار، لذلك تعود إلى ذات الخطاب الذي يدّعي الدفاع عن السنة وعن الشعب العربي السوري من خطر الجيش والمقاومة و«داعش»!

إنه زمن العهر السياسي عندما تساوي دولة راعية للإرهاب وبكلّ وقاحة بين جيش عربي وحركة مقاومة وبين حركة إرهابية صهيونية أدانها العالم بأسره وشكل لها حلفاً وهمياً للتصدّي لها، والسعودية هنا تزامن تصريحها مع تصريحات جون كيري الذي يتسوّل الدعم المادّي لمشروعه الصهيوني فينفي انّ التحالف ما جاء لمساعدة النظام في سورية ليطمئن بعض الهزازين الممتلئين حقداً على سورية، والذين وصفهم رئيسها بأنهم أنصاف رجال ولربما لو عاد التاريخ إلى الوراء قليلاً لقالت عنهم القيادة السورية أنهم ليسوا برجال على الإطلاق.

في العموم إنّ الحركة البهلوانية السعودية لن تفضي إلا إلى خيبة أمل جديدة، فكلّ الوعي لدى دول محور المقاومة، والكلّ مجمع على عدم الانجرار إلى فتنة طائفية، وعلى الأخصّ في لبنان، وكذلك الأمر في سورية والعراق، وإيران ماضية في ملفها النووي نحو النجاح في ظلّ الإخفاق الأميركي الواسع، وما ذهاب وزير الخارجية السعودي هزاز أرض الحجاز إلى روسيا في زيارة قد تكون علاجية من الانفصام الحادّ الذي يعانيه من فقدانه القدرة على تحقيق أحلامه، وليستعمل نفوذه النفطي لعدم اشتعال الضفة الغربية في انتفاضة ثالثة مقدماً تنازلات على الأرض السورية ولن يهمّنا الاستعراض اللاأخلاقي لمندوبه في الأمم المتحدة وذلك للطلب من روسيا الضغط على إيران لتخفّف من دعمها لحركات المقاومة الفلسطينية وعدم حرف دفة الصراع إلى الداخل الفلسطيني، والاكتفاء بجبهة غزة بما يتناسب وقدرة الجيش «الاسرائيلي» خوفاً على «إسرائيل»، وبذلك يكون الصهيوإسلاميون الجدد قد تعرّوا تماماً… ولقادمات الأيام حق تقرير الصواب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى