التونسيون يختارون سيد قصر قرطاج… فمن يكون؟

توجه ملايين التونسيين أمس إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس الخامس منذ الاستقلال والأول بعد إقرار الدستور الجديد، في انتخابات تتميز بالحضور الأول للعنصر النسوي بترشح القاضية كلثوم كنو من بين 22 مرشحاً أبرزهم الرئيس الحالي المنصف المرزوقي ورئيس حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي ورئيس حزب التكتل من أجل العمل والحريات ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر.

ووسط توقعات بدورة ثانية، توجه اليوم نحو 5.2 ملايين ناخب تونسي نحو صناديق الاقتراع لاختيار أول رئيس منتخب عن طريق الاقتراع المباشر بعد الثورة. وتوزع هؤلاء على 11 ألف مكتب اقتراع موزعة بين تونس والخارج، حيث انطلق التصويت بداية من الساعة الثامنة صباحاً وحتى السادسة مساء بالتوقيت المحلي.

ويمنح القانون الانتخابي مهلة ثلاثة أيام بداية من إغلاق آخر مكتب اقتراع لإعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية، ولكن الهيئة ستسعى إلى اختصار هذا الأجل إلى يومين. وفي حالة عدم تحصل أي مترشح على غالبية 50 في المئة زائد صوت واحد، يتم اللجوء إلى دورة ثانية، يشارك فيها فقط المترشحان الحائزان المرتبة الأولى والثانية في الدورة الأولى، وهو الأمر المتوقع بحسب التقديرات غير الرسمية.

تقرير رقابي

إلى ذلك، كشف التقرير الأولي الذي أعدته شبكة «مراقبون» لمراقبة الاستحقاق لمناسبة الحملة الانتخابية الرئاسية عما أسمته «حالة من العزوف العام في التفاعل مع الحملات الانتخابية في جل مناطق البلاد خلال الأسبوعين الأول والثاني». وأضاف التقرير أن «حالة العزوف صاحبها ضعف في التواصل مع الناخبين بشكل مباشر».

وأشاد المنسق العام للشبكة رفيق الحلواني خلال مؤتمر صحافي بـالانتشار الأمني المكثف لتأمين سير الحملة الانتخابية الرئاسية في كل جهات تونس.

موضحاً أن «هذه الحملات كانت في مجملها فاترة في الأسبوعين الأول والثاني ثم تصاعدت وتيرتها من خلال تنظيم الاجتماعات العامة والاتصال بالناخبين». ولفت إلى أن «فرق المراقبين 620 مراقباً وهم متطوعون عاينوا بعض مظاهر التلاسن والعنف اللفظي بين أنصار بعض المترشحين لا سيما حين يتجولون في المكان نفسه تقريباً».

تحركات جزائرية

وعشية الانتخابات الرئاسية استدعت القيادة العليا للجيش الجزائري تعزيزات أمنية إضافية إلى الحدود الجزائرية التونسية لإحباط أية تحركات إرهابية ممكن حدوثها من وإلى الجزائر أو تونس.

وقال مصدر أمني إن تونس طالبت من الجزائر التنسيق الأمني على الحدود، بخاصة في النقاط الساخنة من أجل إفشال أية محاولة إرهابية تستهدف الانتخابات الرئاسية المزمع انطلاقها اليوم. وبرمجت القيادة العليا للجيش الجزائري حواجز أمنية إضافية وطلعات جوية وتحقيق مع أية حركة مشبوهة في الحدود، مع تكثيف الاتصالات مع الجيش التونسي المرابط هو الآخر على الحدود.

الرئيس الخامس بعد فترتين انتقاليتين

سيكون الرئيس التونسي المنتخب الخامس في تاريخ الدولة التونسية الحديثة بعد الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي اللذين حكما البلاد لمدة 53 سنة، فيما قاد فؤاد المبزع والمنصف المرزوقي الرئاسة الانتقالية.

وبدأت مرحلة الحكم في تونس بعد استقلالها في 20 آذار 1956 بإجراء انتخابات المجلس القومي التأسيسي في 8 نيسان 1956، حيث انتخب بورقيبة رئيساً للمجلس، قبل أن يتمّ تكليفه رئاسة الحكومة.

وشرع بورقيبة في القيام بإصلاحات عميقة وثوريّة في المجتمع التونسي. ثم ألغيت الملكية وأعلنت الجمهورية برئاسة الحبيب بورقيبة في 25 تموز 1957 وانتُخب بورقيبة أوّل رئيس بعد المصادقة على الدستور في 1 حزيران 1959.

وعرفت فترة حكم بورقيبة تجارب اقتصادية مختلفة، منها التجربة التعاضدية في الستّينات بقيادة أحمد بن صالح، وانتهت بأزمة اقتصادية خانقة، والتجربة الليبيراليّة مع حكومة الهادي نويرة في السبعينات. وشهدت فترة حكمه هزّات مختلفة كمحاولة الانقلاب الفاشلة في 1962، وأحداث كانون الثاني في 1978 وأحداث الخبز في كانون الثاني 1984.

وازداد تسلّط بورقيبة مع تقدّمه في السّن، وتمّ تنقيح الدستور وإسناده الرئاسة مدى الحياة في 1974.

وانتهى حكمه في 7 تشرين الثاني 1987 حينما قام الوزير الأول زين العابدين بن علي بإزاحته بشهادة طبّية ليُصبح بن علي رئيساً.

23 سنة حكم بن علي

وكما حكم بورقيبة تونس 30 سنة حكمها بن علي 23 سنةً، شهدت خلال فترته تقدماً في مجالات اقتصادية واجتماعية وفي مستوى البنية التحتية، غير أنها عرفت تضييقاً على الحريات العامة. وانتخب بن علي لخمس ولايات متتالية في 1989 و1994 1999 و2004 و2009 في ظل سيطرة الحزب الواحد.

وأطيح به في 14 كانون الثاني 2011 بعد انتفاضة شعبية عارمة، وتولى الوزير الأول حينها محمد الغنوشي رسمياً مهمة نائب الرئيس بشكل موقت لفترة لم تتجاوز 24 ساعة يومي 14 و15 كانون الثاني 2011، ليتقلد بعده رئيس مجلس النواب حينها فؤاد المبزع منصب الرئاسة لمدة 11 شهراً تطبيقاً لمقتضيات الدستور السابق.

وفي 13 كانون الأول 2011، انتخب المنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية من قبل المجلس التأسيسي رئيساً لتونس تنفيذاً لاتفاقية المحاصصة الحزبية التي أعقبت انتخابات 23 تشرين الأول وجمعت بين أحزاب «حركة النهضة» و«المؤتمر» و«التكتّل»، وتم بموجبها تقاسم الرئاسات الثلاث.

100 ألف عنصر أمن لتأمين الانتخابات

ذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية أن العدد الإجمالي للأمنيين والعسكريين الذين شاركوا بتأمين الانتخابات الرئاسية نحو 100 ألف عنصر.

وصرح محمد علي العروي بأن عدد الأمنيين المنتشرين في أنحاء البلاد لضمان السير العادي للانتخابات الرئاسية قد بلغ 62 ألف عنصر من مختلف الوحدات مقابل نحو 50 ألفاً كانوا أمنوا الانتخابات التشريعية قبل شهر.

وأضاف العروي أن العدد الإجمالي للقوات المسلحة المنتشرة على الأرض بما في ذلك قوات الجيش يقارب 100 ألف عنصر.

ويعد الرقم أعلى من القوات التي نشرت في الانتخابات التشريعية والتي فاقت 70 ألف عنصر.

وأوضح أنه نشرت قوات خاصة لمكافحة الإرهاب في أنحاء البلاد تحسباً لأي أخطار نوعية تستهدف العملية الانتخابية.

وزير الدفاع: الانتخابات تجرى في ظروف أمنية مثالية

قال وزير الدفاع التونسي غازي الجريبي إن الانتخابات الرئاسية انطلقت في ظروف أمنية «مثالية»، وأكد أن التهديدات «الإرهابية» لن تثني التونسيين عن ممارسة حقهم الدستوري.

ودعا الوزير في جولة تفقدية إلى عدد من المراكز الانتخابية المواطنين إلى التزام اليقظة والحذر، وذلك بهدف إفشال مخططات «الإرهابيين».

وأكد أن قوات الأمن اتخذت كل الاحتياطات من أجل ضمان السير العادي للعملية الانتخابية، وطالب المواطنين بالتنقل بكثافة إلى مراكز الاقتراع من أجل إفشال مخططات «الإرهابيين» الذين يعملون على زرع الخوف من أجل إفشال الانتخابات.

مقتل مسلحين شمال غربي تونس

أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع التونسية المقدم بلحسن الوسلاتي، القضاء على عناصر من المجموعات المسلحة المتحصنة بمرتفعات «ورغى» شمال غربي تونس، وذلك عشية الانتخابات الرئاسية.

وقال الوسلاتي في تصريح إعلامي إن المؤسسة العسكرية تؤكد سقوط مسلحين في عمليات القصف الأخيرة التي وصفها بـ»الدقيقة».

يأتي ذلك في وقت صرح مواطنون بالمناطق السكنية المتاخمة لجبال «ورغى» بانبعاث روائح كريهة من هذه المرتفعات في أعقاب قصف جوي يبدو أنها من جثث المسلحين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى