إعادة إصدار «تحرير المرأة» و«تربية المرأة والحجاب»

أصدرت مكتبة الإسكندرية طبعة جديدة تضم كتابي «تحرير المرأة» لقاسم أمين، و«تربية المرأة والحجاب» لطلعت حرب في إطار مشروع «إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامي الحديث في القرنين التاسع عشر والعشرين».

فكرة المشروع الذي تنفذه مكتبة الإسكندرية نبعت «من الرؤية التي تتبناها المكتبة حول ضرورة المحافظة على التراث الفكري والعلمي في مختلف مجالات المعرفة، والمساهمة في نقل هذا التراث للأجيال المتعاقبة، تأكيداً لأهمية التواصل بين أجيال الأمة عبر تاريخها الحضاري»، على ما كما أوضح د. إسماعيل سراج الدين في تقديمه سلسلة إصدارات المشروع. ويقول سراج الدين: «أملنا هو أن نساهم في إتاحة مصادر معرفية أصيلة وثرية لطلاب العلم والثقافة داخل أوطاننا وخارجها، وأن تستنهض هذه المساهمات همم الأجيال الجديدة كي تقدم اجتهاداتها في مواجهة التحديات التي تعيشها الأمة».

اختيار القرنين التاسع عشر والعشرين تحديداً يعود إلى رغبةً المكتبة في تصحيح الانطباع السائد بأن المساهمات الكبيرة التي قام بها المفكرون والعلماء المسلمون توقفت عند فترات تاريخية قديمة ولم تتجاوزها. فالحقائق الموثقة تشير إلى غير ذلك، وتؤكد أن عطاء المفكرين المسلمين في الفكر النهضوي التنويري إنما هو تواصل عبر الحقب الزمنية المختلفة، بما في ذلك الحقبة الحديثة والمعاصرة التي تشمل القرنين الأخيرين.

يرد الكتابان في سياق الرأي والرأي الآخر، في حقبة شهدت بزوغ وتطور فكرة الحرية وقضية التحرر كقضية وطنية شاملة تتضمن تحرر الإنسان وتحرر الوطن من قيود التخلف والتبعية والاحتلال. ثم جاءت قضية تحرر المرأة كجزء من سياق أشمل لتحرر الإنسان الفرد وتثبت قيم المساوة.

صدر كتاب «تحرير المرأة» للمرة الأولى عام 1899، وعقب نشره نشبت معركة فكرية واجتماعية في المجتمع العربي بأكمله، ونال قاسم أمين قدراً لا بأس به من الهجوم الشخصي والموضوعي بلغ حد منعه من دخول قصر الخديوي، وانبرى العديد من الكتاب للرد عليه، ومن أبرز هؤلاء طلعت حرب في كتابه «تربية المرأة والحجاب» الذي طُبع للمرة الأولى عام 1899.

ترك قاسم أمين ثلاثة كتب رئيسية هي: «المصريون» 1894 رداً على كتاب «مصر والمصريون» الذي هاجم فيه دوق داركور المصريين، ثم «تحرير المرأة» 1899 ، الذي تعرّض لهجوم من قطاعات مختلفة، ما استوجب أن يكتب أمين كتاباً آخر يفند فيه آراء معارضيه وهو «المرأة الجديدة» 1900 .

يبدأ قاسم أمين كتاب «تحرير المرأة» من منطلق أهمية وضرورة النهضة والإصلاح للأمة، ويشير إلى أن تحرير المرأة من أبواب إصلاح الأمة. ويعكس ترتيب كتاب «تحرير المرأة» الأفكار الرئيسية التي حاول قاسم أمين أن يطرحها ويدعو إليها، فهو يبدأ بالحديث عن «تربية المرأة» أي تعليمها، ثم «حجاب النساء» والدعوة إلى التخفف منه، ثم يتحدث عن «المرأة والأمة»، وأخيراً «العائلة»، ليبيّن أهمية التعليم لكلّ من الأمة أولاً ثم العائلة بصفتها اللبنة الأولى للأمة.

أما في ما يتعلق بطلعت حرب ورده على قاسم أمين في كتابه «تربية المرأة والحجاب» فغهو يعتمد على عدة مصادر، منها مقالات محمد فريد وجدي التي قال فيها بعدم مساواة المرأة للرجل، ويقتبس مقاطع مطولة من هذه المقالات. كثير من حجج هذا الرأي كانت من كلاسيكيات خطاب تحرير المرأة والخطاب المناهض له، بل إن الحجج ذاتها تستخدم في مطلع القرن الحادي والعشرين رغم تكرار نقدها على مر تلك السنين. علماً أن طلعت حرب لا يعارض دعوة قاسم أمين إلى تعليم البنات من حيث المبدأ، لكنه يختلف معه في التفاصيل، تبعاً لاختلافه عنه في الرؤية لناحية الأفضلية والأولوية بين الذكور والإناث، ونوع التعليم الذي يجب أن يتلقاه كلٌّ منهما.

الكتاب من تقديم د. أمينة البنداري، الأستاذة المساعدة في قسم الحضارات العربية والإسلامية في الجامعة الأميركية في القاهرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى