لجنة الانتخاب: الهوة لا تزال بعيدة

هتاف دهام

لا تزال الهوة بعيدة بين طروحات الكتل النيابية في ما يتعلق بقانون الانتخاب، حيث أن كل فريق يتمسك برأيه ويزعم أن مشروعه الأفضل لتمثيل صحيح للمسيحيين. التأمت اللجنة المكلفة دراسة قانون الانتخاب أمس في ساحة النجمة برئاسة النائب روبير غانم وحضور النواب الأعضاء باستثناء ممثل الحزب التقدمي الاشتراكي النائب مروان حماده الذي غاب للمرة الثالثة، في حين حضر النائب سامي الجميل الذي غاب الأسبوع الفائت بحجة التحضيرات لذكرى اغتيال شقيقه بيار، متحمساً، مطلقاً تهديدات ضد أي مشروع يطرح القضاء دائرة في النظام الأكثري، باعتباره أن القضاء هو قضاء على التمثيل المسيحي.

أكدت مناقشات الجلسة أن ما يجري لا يتعدى حوار الطرشان، فالمواقف لا تزال متباعدة، بغض النظر عن أن النواب التزموا الصمت لكي لا يعكروا الجو العام، لا سيما بعد ما شهدته الجلسة من توتير افتعله النائب المستقبلي أحمد فتفت، على خلفية إعلان عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض في دردشة مع الصحافيين «أن طرح اقتراح قانون «المستقبل» في الجلسة الماضية خروج عن جدول الأعمال ولدينا ملاحظات عليه لأنه منحاز ونريد سماع رأي الحزب التقدمي الاشتراكي».

لم يتراجع فياض عمّا قاله في بهو المجلس، لا بل أكد لفتفت أن مشروعه غير متوازن طائفياً، فبدا النائب عن كتلة لبنان أولاً غاضباً جداً، وقال للنائب عن حزب الله: «اتفقنا ان لا نتحدث، وانا مضطر أن أرد»، فقال له فياض «إذا قررت الرد، سأرد عليك، عندها تدخل النواب الاخرون وتمنوا على فتفت عدم التصريح».

لم ينتهِ الأمر عند هذا الحد. أعاد فتفت طرح مشروعه القائم على انتخاب 68 نائباً وفق النظام الأكثري، و60 نائباً وفق النظام النسبي، لافتاً إلى «أن التوازن مفقود في أي قانون انتخابي لوجود سلاح حزب الله وضربه للحرية السياسية في بعض المناطق».

وشدد فتفت على «أن تياره تنازل كثيراً في موضوع النسبية والمشروع الذي قدم من قبلهم هو أقصى أقصى أقصى ما بإمكانه أن يقدمه، فمن حقنا الحفاظ على ثقلنا السياسي، نحن نرى في مشروع النائب علي بزي القائم على انتخاب 64 نائباً وفق النظام الاكثري و64 نائباً وفق النظام النسبي، استهدافاً لمناطق ثقل المستقبل الانتخابي».

لم يمر كلام فتفت مرور الكرام عند فياض الذي قال لزميله «الأزرق»، «لا أفهم الرابط بين القانون الانتخابي واختلال النتائج بوجود السلاح، ما تعلنه اعتبره استفزازاً»، ولفت فياض إلى «أنه من غير المقبول مقاربة مشروع الرئيس نبيه بري، بمشروع المستقبل القوات، لأن هناك مغالطات منطقية في المشروع واستنسابية في الجنوب وتحديداً في صيدا». وتابع: «لقد اعترضت على مشروع الكتائب الذي اعتبرته منطقياً ومتماسكاً، سياسياً، لكنني اعترض على مشروعك ليس فقط سياسياً بل لأنه غير متماسك وغير منطقي، فمشروعك يعطي وفق الأكثري 17 مقعداً للسنّة، و14 مقعداً للشيعة، ويعطي وفق النسبي 13 مقعداً للشيعة و10 للسنّة، لقد سحب مشروعك ستة مقاعد من الشيعة، في حين أن مشروع الرئيس بري يحقق المساواة في المقاعد».

لم ينته الأمر عند فياض، فاستمر في حشر زميله في الزاوية، سائلاً إياه عن «الاستنسابية في تقسيم مناطق بشري، صيدا، البترون على أساس النظام الأكثري، في حين أن المادة 49 في الفقرة ج من البند 3 تعتبر الترشيحات الفردية لائحة مستقلة تخضع للنظام النسبي».

الا أن فتفت الذي لن يحضر جلسة الغد الخميس بداعي السفر، لم يجب عن تساؤلات فياض الذي دعا في نهاية مداخلته الجميع إلى تقديم مشاريع قابلة للتوافق، قائلاً: «نرفض الانزلاق إلى المماحكة، اطرحوا أفكاراً توافقية، وواهم أن يعتقد أي طرف منا أن بامكانه أن يفرض نظاماً انتخابياً على الآخرين».

تضامن النائب الكتائبي مع نائب حزب الله في النظرة الى مشروع فتفت. وشن هجوماً على مشروع المستقبل ــ القوات ــ الاشتراكي، مؤكداً «أنه أكثر مشروع استنسابي ومنحاز، وأن ذلك يظهر جلياً في تقسيمات جبل لبنان، حيث ان الاقتراح يعمد إلى تقسيم محافظة جبل لبنان إلى دائرتين، لكن بطريقة غير متساوية أي ثلث بثلثين: الشوف وعاليه دائرة واحدة، وبعبدا والمتن وكسروان وجبيل دائرة واحدة، حفاظاً على التمثيل الجنبلاطي الأمر الذي يضرب كل المعايير».

ووفق الجميل بحسب المحضر الذي حصلت عليه «البناء»، «فإن المعايير التي اعتمدت في السابق لا تؤدي إلى تمثيل صحيح للمسيحيين، والمعضلة الأساس تكمن في التوزيع الحالي القضاء ، ونحن لا نزال على قرار الكتائب باعتماد الدوائر الصغرى، ولذلك هناك حاجة لإعادة النظر في المعايير في طريقة توزيع المقاعد بين الأكثري والنسبي».

وأكد الجميل في الاجتماع «أن ملاحظاته تشمل أيضاً اقتراح القانون المختلط المقدم من النائب علي بزي»، وأشار إلى «أن مشروع الكتائب قسّم الدوائر إلى دوائر صغيرة، وكل دائرة يوجد فيها أكثر من ثلاثة نواب، تقسّم إلى دائرتين، انطلاقاً من الديمغرافيا والجغرافيا».

يبدي نائب بكفيا انزعاجاً، لعدم اعطاء مشروع حزبه الوقت الكافي لدراسته في الاجتماعات السابقة، متمنياً على النواب زملائه إعادة قراءة المشروع».

غضب النائب عدوان من اعتبار حليفه الكتائبي مشروع حزبه استنسابياً، قائلاً: «هل المفروض «أن نشكل قانوناً على مزاج كل واحد ليضمن النتائج المربحة له»؟ ومن الرد على سامي إلى الكلام عن «المنهجية القواتية»، أشار نائب «القوات» إلى «أن بعض المطالب محقة كمشروع اللقاء الارثوذكسي، ومشروع الكتائب، فنحن جميعاً مع المناصفة الحقيقية وعدالة التمثيل، لكن يجب أن نقرر في النهاية، في حال لم نصل إلى ما نريده، هل نعود الى قانون الستين»؟ هنا قال بقرادونيان: «للتاريخ، نحن نتحدث عن قانون الدوحة، ولا نتحدث عن قانون الستين، الذي أقله في بيروت كان يؤمن تمثيلاً مسيحياً أفضل من اليوم». عندها قال رئيس اللجنة «لماذا لا نناقش باقتراح الرئيس بري، ويدلي كل نائب برأيه ويطرح تعديلات»؟ وسأل فياض: «كيف نبدأ بإحداث خرق؟ لقد لاحظت أن النقاش المسيحي يتركز على الدوائر، فلماذا لا نبدأ بمشروع بري ثم ننتقل إلى الدوائر»؟ فرد بقرادونيان: «وفي حال لم نتفق على الدوائر»؟ فأشار الجميل: «لا مانع عندي من المناقشة شرط تقسيم الدوائر». ليتدخل النائب سيرج طور سركسيان ويتحدث عن «الصوت التفضيلي للأقليات انطلاقاً من مقعد الأرمن الكاثوليك الذي يضيع في بحر 500 ألف صوت في بيروت». ليؤكد النائب غانم « يجب ألاّ ننطلق من الخصوصية، بل يجب اللجوء إلى اعتماد معايير منطقية على الجميع»، فأجابه بقرادونيان: «مع احترامي للجميع لا يمكن أن نستثني موقعاً أو طائفة، ونرضي استنسابياً طائفة أخرى».

وفي الجلسة أيضاً أيد النائب آلان عون طرح النائب عن الهانشاك «أن تبقى المناطق التي لا توجد فيها مشكلة كالأشرفية وفق تقسيمات الدوحة»، وقال: «ان الفكرة جيدة، فالهدف الاساسي هو التمثيل المسيحي الصحيح».

ولما كانت هذه أجواء النواب داخل القاعة في مكتب لجنة الادارة والعدل، فإن النائب إميل رحمة كان الأكثر صراحة حين قال: «إن المداولات لن تؤدي إلى نتيجة، وسنذهب الى الهيئة العامة من دون أي اتفاق».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى