بارودي: شركات النفط الكبرى تنتظر تسوية وفق مبادئ الأمم المتحدة

بدأ وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل زيارة إلى قبرص مساء أمس، وعلى لائحة المواضيع الثنائية، ملف الطاقة بما فيه التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية، حيث سيعرض «اتفاق مبادئ» للاستناد إليه في حال تم الاتفاق على استخراج القبارصة النفط والغاز من الحدود البحرية اللبنانية القبرصية، فيحصل لبنان على حصة عادلة من المخزون النفطي.

من جهة أخرى، كانت تركيا أعلنت منذ نحو شهر نيّتها تنفيذ مسوحات بحرية في الفترة الممتدة من 20 تشرين الأول الفائت إلى 20 كانون الأول 2014، قبالة السواحل الجنوبية والشرقية لجزيرة قبرص.

وأثنى الخبير الدولي في قطاع الطاقة والنفط رودي بارودي لـ«المركزية»، على زيارة باسيل، مشدداً على وجوب «الانتهاء من مسألة ترسيم الحدود مع قبرص»، ومشيراً إلى مشكلة تخلق فتوراً في إنجاز الموضوع، تكمن في «تدهور العلاقات القبرصية التركية في الوقت الراهن نتيجة «انتفاضة أنقرة اللافتة والمستغربة على نفسها، بإعلانها منذ نحو شهر نيتها تنفيذ مسوحات بحرية قبالة السواحل الجنوبية والشرقية لجزيرة قبرص، لاعتقادها بأحقية الاستكشاف في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، وذلك على رغم رفض المجتمع الدولي بكلّ مؤسساته القانونية، والسياسية، وفي شكل قاطع، المحاولات المستمرة من تركيا لإعطاء الشرعية القانونية للقسم الشمالي من جزيرة قبرص، أو ما يسمّى بـ«جمهورية شمال قبرص التركية».

وتجدر الإشارة إلى أنّ قرارات مجلس الأمن الدولي أكدت مراراً وتكراراً عن كون هذا الجزء لا يتمتع بأي استقلال أو كيان معترف به دولياً، ودعت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى حجب الاعتراف الديبلوماسي به.

كما أنّ جميع الأحكام والقرارات القانونية الإقليمية والدولية الصادرة عن مختلف الهيئات والمنظمات، منها الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، والمحكمة الأوروبية للإنسان، رفضت منذ 40 عاماً السياسة التركية، تجاه هذا الجزء من قبرص وشجبتها، وأقرّت بأنّ حكومة نيقوسيا هي الحكومة الشرعية الوحيدة في الجزيرة».

وإذ شدّد بارودي على «ضرورة نشر التفاوض ونشر السلام لتستفيد الشعوب من الذهب الأسود وخصوصاً اللبنانيين»، اعتبر أنّ «في حال حصول حرب بين الطرفين إذا مضت تركيا في قرارها، فستطاول تداعياتها دول الجوار كافة، من بينها لبنان، وسورية، و«إسرائيل»، ومصر، معوّلاً على الاجتماع المرتقب في كانون الأول المقبل بين رئيسي وزراء اليونان وتركيا».

وأضاف: «من المعلوم أنّ مواقع المسوحات التركية تقع ضمن الجانب القبرصي من المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري المعترف بهما دولياً، وهي تتداخل في شكل كبير مع المنطقة حيث تعمل الشركات العالمية للطاقة على استكشافها، ومنها الشركة الإيطالية «ايني» و«الكورية الجنوبية» و«كوغاز».

وأبدى أسفه «لاستعانة الأتراك بسفينة حربية، وأخرى للدعم لمرافقة سفينة المسح «بارباروس» بتحدٍ واضح للقرارات الدولية، خصوصاً أنها أعلمت السفن الأخرى بمهمتها استكشاف الأراضي القبرصية».

ولفت بارودي إلى أن «الوقائع والحقائق تبطلان مرة جديدة إجراءات تركيا في هذه المنطقة من العالم، خصوصاً أنّ المسح الزلزالي الذي تزمع القيام به، يقع ضمن المنطقة الاقتصادية لقبرص وفق اتفاقات ترسيم الحدود وأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، على رغم أنّ تركيا إلى جانب سورية و«إسرائيل»، لم تنضم إلى هذه الاتفاقية، على عكس دول عديدة في المنطقة مثل لبنان عام 2007 ومصر عام 2003 ».

واعتبر أنّ «استمرار تركيا في سياستها الراهنة، قد يعطيها القليل من الأرباح الموقتة، إنما سيكبّدها حتماً خسائر في وقت لاحق، خصوصاً في علاقاتها مع جيرانها من الدول الأوروبية والعربية». وتابع: «من هنا ضرورة أن تعيد تركيا النظر في سياستها «التصادمية» لتعود إلى سياسة واقعية تقوم على حوار تفاعلي، ما ينعكس إيجاباً على علاقاتها مع دول الجوار، وسيكون المواطن التركي المستفيد الأول من إجراء تسوية بين الدول، إضافة إلى المستهلكين في الاتحاد الأوروبي». وقال: «إنّ الشركات الكبرى مثل «ايني» الايطالية و«توتال» الفرنسية و«فلمبورجيه» و«نوبل» و«هاليبرتون» الاميركيتين وغيرها من الشركات، تنتظر بفارغ الصبر بل تعمل على إقرار تسوية وفق مبادئ الأمم المتحدة وبالتعاون مع الاتحاد الأوروبي».

من هنا لدينا فرصة تاريخية أن يعمل جميع الأطراف عبر ضغط مباشر وغير مباشر من الولايات المتحدة وأوروبا، على تحويل الصراع الحالي إلى عمل إيجابي، وبالتالي أن يكون المجتمع الدولي أمام فرصة لتحقيق الإستقرار عبر الإفادة من ثروات الطاقة وإنهاء النزاع المستمر في ما بين دول المنطقة منذ عقود، فيكون النفط عاملاً رئيسياً في إطفاء النزاعات بدل إشعالها.

واختتم: «لدى تركيا فرصة حقيقية لتتمكن من الحصول في نهاية المطاف، على الفرص ذاتها للإفادة من إمدادات الطاقة على مثال الدول الأوروبية، وكلّ ذلك مرتبط بعودة السفن الحربية إلى الموانئ وإطلاق مبادرات سلمية وإيجابية، خصوصاً أنّ الولايات المتحدة الأميركية طلبت أخيراً من السلطات التركية، سحب بواخرها من المنطقة القبرصية التي لا يحق لها دخولها، كما أنّ من المرتقب انعقاد اجتماع بين رئيسي الحكومة اليوناني والتركي بين 4 و5 كانون الأول المقبل لمعالجة الموضوع الذي تفاقم مع رسو بارجتين وغواصة من الجانب اليوناني في مواجهة السفن التركية».

يُذكر أنّ اجتماعاً عُقد لهذه الغاية، منذ ثلاثة أسابيع جمع وزراء خارجية اليونان وقبرص ومصر، كما عُقد اجتماع مماثل الأسبوع الفائت في القاهرة بين رؤساء مصر، وروسيا، وقبرص، ورئيس الحكومة اليوناني، تدارسوا في خلاله الوضع الخطير المستجدّ في قبرص.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى