استقالة وزير الدفاع الأميركي: لننتظر الوزير الجديد

حميدي العبدالله

كثيرة هي التحليلات حول الأسباب التي دعت وزير الدفاع الأميركي إلى الاستقالة، البعض يقول إنّ سبب الاستقالة هو خسارة الديمقراطيين في الانتخابات النصفية، ومعروف أنّ تشاك هاغل وزير الدفاع هو الوزير الوحيد الجمهوري في إدارة أوباما، فمن غير المنطقي أن يخسر الحزب الديمقراطي الانتخابات وأن يستمرّ الجمهوري في تحمّل الأعباء إلى جانب الديمقراطيين، فالاستمرار بات أقرب إلى الانتحار السياسي منه إلى أيّ شيء آخر، وبديهي في هذه الحال أن يقدم هاغل استقالته، والعكس كان غير متوقع على الإطلاق.

البعض الآخر، يرى أنّ هذه الاستقالة تأتي في سياق تغييرات متوقعة في إدارة أوباما، واستقالة وزير الدفاع هي البداية وقد يقدم وزير الخارجية أيضاً استقالته ووزراء آخرون مشرفون على ملفات كانت وراء انحسار تأييد الناخبين للديمقراطيين في الانتخابات النصفية في محاولة من إدارة أوباما وقيادة الحزب الديمقراطي الاستعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ستجري بعد سنتين من أجل الحفاظ على فرص إيصال مرشح ديمقراطي آخر إلى البيت الأبيض.

البعض الثالث ربط هذه الاستقالة بالخلافات حول السياسات الخارجية الأميركية، ولا سيما إزاء سورية والملف النووي الإيراني، إذ كان وزير الدفاع يعارض سياسة الحذر الشديد التي اعتمدها الرئيس أوباما إزاء أيّ اقتراحات قد تقود إلى تورّط الولايات المتحدة في حرب ثالثة في المنطقة، وكان وزير الدفاع يؤيد تقديم المزيد من الدعم العسكري للتنظيمات المعارضة، كما أنه كان أقرب إلى وجهة نظر الأطراف التي تدعو إلى إقامة مناطق حظر جوي ومناطق آمنة داخل الأراضي السورية قرب الحدود التركية، ولكنه كان يصطدم بمعارضة مستشار الأمن القومي والرئيس أوباما، وبعد يأسه من تغيير سياسة الرئيس أوباما قرّر الاستقالة.

قد تكون هذه الأسباب مجتمعة هي وراء الاستقالة، وقد يكون واحد منها، ولكن وزير الدفاع استقال، وتعيين وزير جديد هو الذي يكشف الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الاستقالة، فإذا اختار الرئيس أوباما وزير دفاع جديداً يعارض في المبدأ التورّط العسكري الأميركي في حرب جديدة، سواء في سورية أو العراق، أو أيّ مكان آخر، فهذا يعني أنّ استقالة هاغل جاءت نتيجة لمواقفه الداعية للتدخل العسكري الأوسع من قبل الولايات المتحدة والعودة إلى خيار الحروب تحت ضغط حزب الحرب الذي يتوزع على الجمهوريين والديمقراطيين ويتغذى من دعم الكيان الصهيوني وتركيا والسعودية وقطر، أما إذا كان وزير الدفاع الجديد من المؤيدين لخيار الحرب، فهذا يعني أنّ إدارة أوباما رضخت للضغوط، ولكن في هذه الحال ما مبرّر استقالة هاغل طالما أنه من أنصار التدخل الأوسع في سورية والعراق وفي أيّ مكان آخر؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى