«تجريم التطبيع» بالمغرب إجماع في الشارع وتعثر بالبرلمان

عاد مقترح قانون لتجريم التطبيع مع «إسرائيل» الذي سبق أن تقدّمت به بعض الكتل البرلمانية إلى واجهة الساحة السياسية المغربية، بعد أن بادرت المعارضة في مجلس النواب الغرفة الأولى للبرلمان إلى إدخال تعديل على مشروع قانون موازنة 2015، يتم النص بموجبه على منع تصدير البضائع لـ«إسرائيل» أو استيرادها منها، لكن سرعان ما رفضته الحكومة.

وبينما تبرّر المعارضة تعديلاتها المذكورة بالسعي إلى منع التداول التجاري مع الكيان الصهيوني، قال وزير الموازنة المغربي إدريس الأزمي الإدريسي إنه «لا حاجة لتخصيص هذا الكيان الغاشم بالنص عليه بالاسم في المدونة العامة للجمارك المغربية».

وأوضح أمام أعضاء مجلس النواب أثناء الجلسة العامة المخصصة للتصويت على موازنة 2015 أن المغرب سبق أن صادق على اتفاقات عربية وإسلامية بهذا الخصوص، ولذلك فإن المعاملات التجارية مع الكيان الصهيوني «ممنوعة نهائياً» عملاً بهذه الاتفاقات التي قال إنها «تسمو على التشريع الوطني».

إحراج وإجماع

وفي جوابه عن سؤال حول ما إذا كانت لدى المعارضة مؤشرات ومعطيات حول حجم المبادلات التجارية المفترضة بين أطراف مغربية و«إسرائيلية» دفعتها إلى التقدّم بهذا التعديل، قال النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي المعارض في مجلس النواب عبدالعزيز العبودي «نحن نسائل الحكومة، وهي التي عليها أن تزودنا بالتوضيحات اللازمة لأنها تتوفر على ما يكفي من المعطيات». وأضاف: «تقدّمنا بهذا التعديل ليكون منع التعامل التجاري مع «إسرائيل» واضحاً للمصدّرين والمستوردين».

من جانبه، انتقد رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية المغربية الفلسطينية عبد العزيز أفتاتي مقترح المعارضة، وقال إن الهدف هو إحراج مكونات برلمانية سبق أن تقدمت بشكل مشترك بمقترح قانون يجرّم التطبيع في مجالات أوسع من التجارة، وتشمل مختلف المستويات الاقتصادية والثقافية والسياسية، لكنّ المقترح مُجمّد.

وحرص أفتاتي – وهو نائب في الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الذي يرأس الحكومة – على تأكيد «إجماع الشارع المغربي والمكونات الوطنية على كون التعامل مع «إسرائيل» مسألة محظورة»، وقال: «كما نؤمن بزوال «إسرائيل»، بلا لفّ ولا دوران».

وكان المكتب المركزي للإحصاء التابع لرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو نشر معطيات حول حجم واردات «إسرائيل» من المغرب، وقال إنها بلغت عام 2012 ما قيمته ستّة ملايين دولار، وبلغت عام 2013 حوالى ستة ملايين ومئتي ألف دولار، في مقابل صادراتها إلى المغرب التي بلغت – بحسب المصدر نفسه – ما قيمته 23 مليون دولار عام 2012، و54.5 مليون دولار عام 2013.

وتعليقاً على هذه الأرقام، قال رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع أحمد ويحمان إنه لا يمكن إثبات صدقية هذه المعطيات، بل «إنها أرقام مضللة»، وأكد أن ذلك يأتي في سياق «مخططات تهدف إلى إدخال المغرب في أتون محاولات تمزيق النسيج الداخلي».

والأمر نفسه أكّده أفتاتي حين قال: «إن الكيان الصهيوني يحاول أن ينشط كلّما تمت محاصرته، وبخاصة بالمناطق التي عرفت صعود القوى الممانعة المعروفة بعدائها للكيان الغاصب».

غير أن هذا الأمر لا ينفي – من وجهة نظر ويحمان – وجود بعض التسللات والمخاتلات «فمثلما تم اغتيال الشهيد محمود المبحوح اغتيل في بداية عام 2010 في دبي على يد صهاينة يحملون جنسيات غربية، فإن الترويج لبضائع صهيونية يتم تحت مسميات وجنسيات أخرى».

وبينما أعاد الجدل المثار حول مبادرة المعارضة النقاش من جديد حول مقترح القانون الذي سبق أن تقدمت به الكتل البرلمانية لأحزاب العدالة والتنمية والاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، قال ويحمان «لا يساورنا شكّ في أن الذين قدموا هذا التعديل يقصد تعديلات المعارضة على قانون الموازنة ملتزمون بمواجهة التطبيع، وإذا ما كانت نياتهم صادقة فإننا ندعوهم، إلى جانب باقي الكتل، إلى الالتحاق بهذا المقترح الذي لا يزال مجمّداً في البرلمان».

وقال أفتاتي: «إننا نطمح إلى تحقيق أكبر قدر من التوافق بين كل الكتل البرلمانية من أجل إخراج هذا المقترح إلى الوجود»، متّهماً حزب الأصالة والمعاصرة المعارض للحكومة بقيادة حملة ضدّ المقترح والضغط على بعض الكتل لتسحب توقيعها عليه.

وفي السياق ذاته، قال النائب البرلماني عن الاتحاد الاشتراكي المعارض عبد العزيز العبودي إن حزبه يؤيّد القانون المقترح الذي يُجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني «على اعتبار أن القضية الفلسطينية بالنسبة إلينا هي قضية وطنية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى