أوباما يهدّد بمعاقبة المشاركين في اضطرابات فيرغسون

أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه ستجرى معاقبة المشاركين في الاضطرابات بفيرغسون وفق القانون، معلناً استشارات بين المجتمع المدني والأمن بهدف منع تكرار مثل هذه الأحداث.

وقال أوباما في كلمة ألقاها في شيكاغو: «لا أتعاطف مع من يعتبر الأحداث في فيرغسون تبريراً للاعتداءات». وأضاف: «لا يوجد تبرير لهذه الاعتداءات، ولإضرام الحرائق والنهب، يجب أن يعاقب من يتصرف بطريقة غير قانونية».

وأعرب الرئيس الأميركي في الوقت نفسه عن دعمه للموقف البناء في حل المشكلة. وقال: «أدعو وزير العدل إيريك هولدر ليس إلى التحقيق في ما حدث في فيرغسون فحسب، بل وإلى تحديد الخطوات التي يجب أن نتخذها معاً لتنظيم سلسلة لقاءات إقليمية لرفع الثقة المتبادلة في المجتمع»، لافتاً إلى أن ممثلي المجتمع المدني والقادة الروحيين في كل ولاية أميركية سيبحثون مثل هذه الخطوات مع ممثلي أجهزة الأمن والسلطات الفدرالية.

ولليوم الثاني على التوالي، انهمك أوباما في تقييم الوضع في بلدة فيرغسون حيث قررت هيئة محلفين عليا عدم توجيه اتهامات جنائية إلى ضابط شرطة أبيض في واقعة وفاة شاب أسود الصيف الماضي. وأثار قرار هيئة المحلفين موجات من الاحتجاجات العنيفة.

ومضى الرئيس الأميركي قائلاً: «الإحباطات التي شاهدناها لا تتعلق فقط بحادث بعينه. إن لها جذوراً عميقة في مجتمعات كثيرة من الملونين الذين لديهم إحساس بأن قوانيننا لا يجرى دائماً تنفيذها بطريقة موحدة أو منصفة».

في السياق، قال جيمس نولز رئيس بلدية فيرغسون أنه لم يتخذ قرار بشأن مستقبل ضابط الشرطة دارن ويلسون في أعقاب قرار هيئة محلفين عليا بعدم توجيه اتهامات جنائية إليه عن واقعة إطلاقه الرصاص على الفتى الأسود مايكل براون ما أدى إلى وفاته.

و قال نولز في مؤتمر صحافي إن ويلسون في إجازة إدارية مدفوعة الأجر منذ التاسع من آب، وهو اليوم الذي أطلق فيه الرصاص على براون وسيبقى في إجازة لحين الانتهاء من تحقيق داخلي.

وكانت فيرغسون قد شهدت ليلتين متتاليتين من الاضطرابات، فيما عمّت تظاهرات سائر أرجاء الولايات المتحدة، واحتجزت الشرطة 44 شخصاً، في حين أعلن رئيس شرطة سانت لويس جون بلمار أن الشرطة «ضبطت نفسها» إلى حدّ كبير على رغم المستوى العالي من العنف من قبل المحتجين.

وقالت الشبكة الإعلامية الأميركية NBC إن اثنين من عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي أصيبا بنيران مجهولين قرب حاجز في سانت لويس، كما نشر 2200 جندي من الحرس الوطني لمنع تكرار إشعال الحرائق وعمليات النهب.

وأمام مركز الشرطة، قام رجال أمن بلباس مكافحة الشغب يساندهم عناصر من الحرس الوطني مجهزون بالهراوات والدروع، بصد نحو مئة شخص يحملون لافتات كتب عليها «لن يسكتونا». وتراجع الحشد نحو مقر البلدية حيث أحرقت سيارة دورية، وأطلق عناصر الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، فيما أحرق متظاهرون في سانت لويس سيارة للشرطة وأعلنت السلطات أن التجمع «غير قانوني» مهددة بتوقيف المحتجين والصحافيين.

في الإطار نفسه، أعربت موسكو على لسان قسطنطين دولغوف، مفوض وزارة الخارجية الروسية لشؤون حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون، عن قلقها إزاء تصاعد وتيرة الأحداث في فيرغسون الأميركية.

ونقل موقع الوزارة على شبكة الإنترنت عن دولغوف قوله إن موجة الاحتجاجات التي أثارها قرار العدالة بعدم توجيه اتهامات لشرطي قتل مايكل براون، الشاب الأسود الأعزل في شهر آب الماضي، «تدل مجدداً على إهمال مشكلة رواسب العنصرية وانتهاك حقوق الأقليات العرقية في الولايات المتحدة».

وذكر دولغوف بهذا الصدد أن خبراء يعتبرون أن ظاهرة العنصرية في الولايات المتحدة «اتخذت أبعاداً بنيوية وتحمل في طياتها خطراً جدياً من إثارة التوتر والتشققات في المجتمع، الأمر الذي تدل عليه سلسلة احتجاجات شهدتها المدينة خلال عام 2014».

ويضيف الدبلوماسي الروسي أن الأحداث الأخيرة في المدينة تعد «إشارة جديدة ومقلقة جداً إلى السلطات الأميركية، مفادها أن «الوقت قد حان أخيراً لأن تركز على معالجة المشكلات الداخلية الكبيرة في مجال ضمان حقوق الإنسان، مع الأخذ في الاعتبار توصيات المنظمات الحقوقية الدولية بهذا الخصوص، بدلاً من توجيه تعليمات غير مبررة وغير مثمرة أو إرشادات دعائية إلى دول أخرى».

وما تشهده المدن الأميركية بين حين وآخر، هو نسخة عن أواخر أحداث الستينات حيث انفجر الغضب الأسود بعد اغتيال الناشط الأميركي من أصول أفريقية مارتن لوثر كينغ. فاضطر الرئيس الأميركي ليندون جونسون لنشر نخبة الجيش الفيدرالي في الشوارع. وكانت الخسائر البشرية كبيرة، إذ قتل العشرات وقدرت الخسائر المادية بملايين الدولارات.

وفي فلوريدا عام 1980، وبعد تبرئة ضابط شرطة قتل سائق دراجة نارية، اندلعت أعمال شغب سقط خلالها 18 قتيلاً. أما في لوس أنجليس عام 1992 وبعد تبرئة أربعة ضباط شرطة بيض أطلقوا النار وقتلوا سائق سيارة أسود، ثار غضب الأميركيين الأفارقة وامتد العنف إلى سان فرانسيسكو وأتلانتا ولاس فيغاس ونيويورك وسقط 59 قتيلاً.

في عهد الرئيس الحالي باراك أوباما، اشتعلت نيران العنصرية الكامنة تحت الرماد فعلى مدار أربعة أيام استشرى العنف في أوهايو عام 2010 على خلفية مقتل شاب أسود أعزل على يد شرطي أبيض. ولم يعد الهدوء إلا بعد إعلان حال الطوارئ وحظر التجول.

ما يحدث اليوم في فيرغسون يعتبره الكثيرون فضيحة في تاريخ أوباما. تقارير إعلامية كشفت استخدام الشرطة أسلحة خاصة بالجيش الأميركي المخالفة للقانون في قمع التظاهرات الغاضبة وأطلقت الشرطة قنابل مسيلة للدموع وقنابل صوت واضطر حاكم الولاية إلى فرض حظر التجول لمدة يومين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى