استراتيجية الوقت لتحقيق المصالح الأميركية

جمال رابعة

عندما أطلق الرئيس الأميركي باراك أوباما تصريحاته بعد تشكيل التحالف الدولي لمواجهة «داعش» وأخواته، قال إنّ ليس لديه استراتيجية لقتال التنظيم.

هذه سمة لا لبس فيها تعبّر عن حقيقة سياسة الإدارة الأميركية، لجهة إدارة الملفات الدولية والتخبّط الذي تعاني منه لإنتاج العديد من المخارج بقرارات فاشلة من مداخل مصادرها غير صحيحة. كذلك تفرز حالة من عدم الانسجام بين صنّاع القرار السياسي في المطبخ الأميركي لإنتاج القرار الذي ينسجم مع مصالح تلك القوى مجتمعة لتقرّ ذلك.

هذا ما نستطيع فهمه من التصريحات المتعدّدة لأوباما وعدد من المسؤولين الأميركيين، حيث قال الرئيس الأميركي إنّ الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية قد تستغرق ثلاث سنوات والضربات الجوية لا تكفي للقضاء على «داعش»، وإنّ قوات من المعارضة السورية قد تفيد في إكمال ضربات التحالف الجوية، لأنّ عدد 12000 مقاتل على الأرض قد لا يكون كافياً لتنفيذ ما تخلفه الضربات الجوية. وتؤكد مصادر متعدّدة دخول أكثر من ألف إرهابي يومياً إلى سورية، عبر تركيا.

فهل يعني ذلك أنّ أوباما في لا يملك استراتيجية حقيقية لمحاربة «داعش»؟

في اعتقادي، حدّدت الإدارة الأميركية استراتيجيتها وأولوياتها لتحقيق مجمل الأهداف في سورية والعراق ومجمل المنطقة العربية. ولا بدّ من الإشارة إلى أمر غاية في الأهمية، وهو أنّ من يحدّد استراتيجيات الإدارة الأميركية ليس البيت الأبيض، بل هناك قوى كبيرة فاعلة في القرار السياسي الأميركي كأجهزة الاستخبارات الأميركية ومكتب الأمن القومي الأميركي ومجمع الصناعات العسكرية والنفطية ومجمع البنوك، وأهمها اللوبي الصهيوني الذي يعتبر الأساس في ذلك.

ومن الواضح تماماً أنّ الاستراتيجية الأميركية في العالم محدّدة المعالم، ومن ضمنها المنطقة العربية وخصوصاً في سورية والعراق حيث أنها لا تهدف إلى القضاء على «داعش»، بل تريد تقليم أظافرها فهي من أوجدتها أصلاً لالتقاء مصالح الإدارة الأميركية مع مصالح «داعش»، فكلاهما لا يريد استقرار ووحدة التراب في سورية والعراق، ويريد تصوير الإسلام للعالم، عبر ممارسات «داعش» الإرهابية، أنه دين إرهاب و قتل و تدمير للحضارة الإنسانية ونشر للفوضى في المنطقة العربية، وكانت الوزيرة السابقة للخارجية الأميركية كوندوليزا رايس تحدثت عن الفوضى الخلاقة التي تهدف إلى تفكيك الدول و تدمير مجتمعاتها لتحويلها إلى مجتمعات عرقية وطائفية ومذهبية ليس لها كيان الدولة، كل ذلك من دون تورط الجنود الأميركيين في حرب برية في الظروف الحالية.

ويبدو أنّ الخلاف حول هذه الاستراتيجية يتعلق بالأهداف التكتيكية في هذه المرحلة أو تلك لتنفيذها.

في الختام، فإنّ الاستراتيجية الأميركية هي استراتيجية الوقت لتحقيق المصالح الكبرى على حساب الشعوب المظلومة والمقهورة.

عضو مجلس الشعب السوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى