اليمن أول غيث مسقط

روزانا رمال

ثلاثة أشياء صارت واضحة المعالم في المشهد الإقليمي بعد مفاوضات فيينا بين إيران ودول الغرب، وخصوصاً أميركا من بينها، الأول أنه سواء كانت الحصيلة هي اتفاق غير معلن أم مجرّد تمديد للمفاوضات، فإنّ في التمديد اتفاقاً على بدء حوار سياسي قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إنه سيستمرّ لأربعة شهور مقبلة، ما يعني انه يجب أن يصل إلى نتائج ملموسة في الربيع المقبل، والشيء الثاني أنّ الحوار بين إيران والسعودية يشكل بنداً على جدول الأعمال في المنطقة، وفقاً لما قاله الرئيس الأميركي باراك أوباما، والثالث أنّ مسقط هي الجهة الوسيطة التي قال الأميركيون والإيرانيون وأوضح وزير خارجية مسقط، أنها ستتولى التحضير للحوار السعودي ـ الإيراني، وتتولى دور الوساطة فيه، مضيفاً أنّ ذلك يتمّ برضا وتشجيع من قيادتي البلدين.

الواضح أنّ الوساطة التي تتولاها مسقط بين السعودية وإيران ستقوم بتحديد تسلسل للبنود التي سيقوم الجانبان بمناقشتها، وبالتالي اختيار الملف الأشدّ حساسية والأقلّ تعقيداً في آن واحد.

والمقصود بالأشدّ حساسية، عدم بدء الحوار في وقت دقيق حول ملف خلافي ثانوي لا يغيّر التفاهم حوله من المعادلات الصعبة التي تحكم المنطقة أو يمكن أن تحكمها إذا فشل الحوار، ومعيار الحساسية هنا هو القضية التي يشكل التفاهم حولها ترسيخاً للاستقرار الإقليمي من جهة، وتعزيزاً لجبهة الحرب على الإرهاب من جهة أخرى.

ليست قضية الجزر المختلف عليها بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإيران هي الملف المقترح إذن رغم أهميتها.

القضايا التي تتسم بالحساسية هنا تتمحور على لبنان وسورية والعراق واليمن والبحرين حصراً.

المطلوب بين القضايا الأشدّ حساسية اختيار الأقلّ تعقيداً، أيّ التي يمكن التقدير أنّ التفاوض حولها يؤدّي إلى حلول في زمن قصير قياساً بسواها، ويفيد التفاهم حولها في تمهيد الطريق لتفاهمات مماثلة في الملفات الأخرى.

في الملفين البحريني والسوري التباعد كبير والطابع المصيري بالنسبة للطرفين فيهما واضح وحاضر، فالخلاف أقرب إلى أن يكون استراتيجياً، وبدون توافر عناصر مساعدة دولية يصعب حلحلة الخلاف حول سورية، بينما بدون نوايا إصلاحية سعودية داخلية يستحيل تقبّل السعودية لحلّ في البحرين يعتمد الديمقراطية.

في العراق لا يبدو بعد المشاركة الفاعلة للمكونات العراقية في الحكم رغم الخلاف الساخن بين إيران والسعودية، أن لدى الرياض الكثير الذي يمكن تقديمه لمزيد من المناعة العراقية بوجه الفتن ولا لتعزيز جبهة مكافحة الإرهاب.

وحده اليمن يشكل النافذة الجاهزة لنجاح حوار سعودي ـ إيراني برعاية مشتركة لحكومة وحدة وطنية حقيقية تقوم على الإنصاف الشامل للمكوّنات اليمنية وعزل العشائر المدعومة من السعودية وبعض قوى الحكم عن «القاعدة» وامتداداتها كما هي الحال اليوم.

الحوثيون يشجعون مثل هذا المسعى ويدعمون إنجاحه، وكذلك الغرب، أما التشجيع السعودي فمردّه إلى أنّ هذا المسعى يحمي خاصرتها من تمدّد القاعدة إليها عبر اليمن، أما إيران فتشجعه لأنها تفتتح عهدها في الخليج الجديد بالإنجاز اليمني.

قال وزير خارجية عُمان إنّ اليمن يحتاج إلى مبادرة خليجية جديدة تأخذ في الاعتبار المتغيّرات اليمنية والإقليمية.

إلى مسقط أيها اليمنيون.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى