لافروف والمعلم: السيادة السورية أولاً حصار الثلوج يدقّ باب حرب القلمون الثالثة

كتب المحرر السياسي:

محادثات سورية روسية ذات أهمية خاصة وفي توقيت شديد الخصوصية، مع تغيّر المناخات الدولية والإقليمية، الاستعداد للحوار والحلّ السياسي عبر مبادرة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، والحرب على الإرهاب وملاقاة مناخ التسويات في العلاقات الإيرانية بالغرب وتعزيز العلاقات الثنائية، محاور لقاءات موسكو التي بدأت مع زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم والوفد السوري إلى روسيا، لكن السيادة السورية هي المعيار الذي لا حياد عنه في مقاربة كلّ هذه العناوين، في القراءة المشتركة للدولتين الحليفتين، كما قالت تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فلا مكان لحوار يستثمره الإرهاب، ولا لتجميد عسكري ينال من مهابة الجيش السوري، وخصوصاً التأكيد على أنّ غارات التحالف لا تزال غير قانونية وغير شرعية برأي الفريقين السوري والروسي، طالما لا تستوفي كامل شروط التنسيق الواجبة بين دولتين سيدتين.

محادثات موسكو لم توقف حركة الجيش السوري في حلب، ولا في غوطتي دمشق، وجنوب سورية تجاه بصرى الشام، وكلها شهدت تقدماً نوعياً للجيش السوري، والأهمّ بدا ما يجري في القلمون حيث تكفلت الثلوج بمحاصرة المواقع التي يتمركز فيها مسلحو «النصرة» و«داعش»، امتداداً من جرود عرسال حتى خراج عسال الورد ورنكوس، وحيث الجيش اللبناني من الجهة الغربية والجيش السوري من الجهة الشرقية ومقاتلو حزب الله من الجهتين وبينهما، في حركة استعداد للمفاجآت المتوقعة من خروج للمسلحين بهجمات سيفرضها إيقاع العواصف الثلجية وتكفّلها بتضييق الخناق وقطع الطرق وإمكانيات التواصل بين المواقع المختلفة لمجموعات المسلحين، والحرب الثالثة في القلمون تدقّ الباب.

في الداخل اللبناني كانت مخابرات الجيش ووحدات الأمن العام تتابع ملاحقة مجموعات الخلايا النائمة لـ«النصرة» و«داعش» وجماعة أحمد الأسير وتتتبّع آثار شادي المولوي وأسامة منصور الفارّيْن من ملاحقة الجيش في التبانة.

سياسياً، يتقدم طريق الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله بلا تقارب مواقف، وبمباركة سعودية مكرّرة، وبضيافة رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورعايته، فيتراجع قانون الانتخاب النيابي إلى ما بعد الرئاسة بدلاً من أن يتقدم لتبدو كلمة السرّ عند الرئيس بري في خريطة الطريق المعتمدة لفكفكة عناصر التأزم الداخلي وتراتب السير فيها، من الحوار المتعدد الاتجاهات على إيقاع المتغيّرات الدولية والإقليمية، خصوصاً في العلاقة الإيرانية بالغرب ومنعكساتها على العلاقات السعودية الإيرانية ومواقيت التحقق من التقدم، وصولاً إلى قانون الانتخابات والرئاسة المعلقة على حبال الانتظارات، ليرسم صورة تفاؤل غامض، يحفظ في سرّه أسبابه ومصادر معلوماته، التي عندما يبدأ بكتمانها يؤكد جديتها، كما حدث في تحويله لقاء الأربعاء النيابي إلى حديث الفساد الغذائي وتعليقه بالقول: حسنا نجحنا بألا نقول كلمة سياسة اليوم، وكأنه يقول: بدأ شغل السياسة، فأدرك شهريار الصباح، وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح.

تراجع النشاط السياسي أمس مع صمت للمواقف من الاستحقاقات الداهمة، حتى أن لقاء الأربعاء النيابي خلا من السياسة، وهذا ما لفت إليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري «النائم» على جملة مؤشرات إيجابية لدفع استحقاق رئاسة الجمهورية إلى الأمام، بالتوازي مع اهتمامه بترتيب الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل من ألفه إلى يائه.

وفي الموضوع الأول لفت الانتباه ما صرّح به بري أمام زواره أمس، فهو بعدما أبدى عدم ارتياحه لأجواء مناقشة قانون الانتخابات في اجتماعات اللجنة النيابية، شدد على «أن الذهاب إلى الهيئة العامة للتصويت على اقتراحات ومشاريع القوانين الانتخابية في حال لم يتم التوصل في اللجنة إلى اتفاق على قانون انتخابي بعد شهر، لن يحصل قبل انتخاب رئيس للجمهورية، نزولاً عند مطلب المسيحيين، الذين يريدون أن يكون لرئيس الجمهورية رأي في القانون الانتخابي».

وأشار بري بحسب ما نقل زواره عنه لـ«البناء» إلى «أنه ليس في وارد ترك اللجنة تمضي في عملها إذا كانت تريد الغرق في مشاريع واقتراحات القوانين المختلف عليها»، مشدداً على «الانطلاق والتركيز على ما جرى تأكيده في الهيئة العامة للمجلس النيابي لجهة درس اقتراح القانون المختلط المقدم من عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي».

التياران يستبعدان انتخابات قريبة

وفيما بدا كلام بري حمّال أوجه، علقت مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر لـ«البناء» على كلامه بالقول لـ«البناء»: «إن ما يجري ليس أكثر من عملية فولكلورية، فلا إرادة سياسية داخلية في لبنان لإحداث خرق في جدار الأزمة الحاصلة. فالتمديد للمجلس النيابي حصل بقرار خارجي، والانتخابات الرئاسية تعطلت بانتظار التسويات». وإذ لفتت إلى «أن المحادثات النووية بين إيران والدول الست أرجئت إلى حزيران، شددت على «أن الكلام عن انتخابات رئاسية قبل قانون الانتخاب، تأكيد على ربط الملف اللبناني بالتطورات الإقليمية».

وهذا أيضاً ما يراه تيار المستقبل، إذ أكدت مصادره لـ«البناء» أن الانتخابات الرئاسية لا تزال بعيدة، لافتة إلى أنها كانت ضحية الوضع الأمني الذي شغل الاهتمام الدولي.

ولم تعوّل المصادر كثيراً على نتائج الحوار، إن حصل، بين التيار وحزب الله مشيرة إلى أن الغاية منه تخفيف الحدة المذهبية لا أكثر.

وأوضحت أن الرئيس سعد الحريري سيعلن خلال مقابلته التلفزيونية اليوم الموقف الفصل في شأن الحوار وأنه سيقترح حواراً من دون شروط.

ولفتت المصادر إلى «أن أجندة الحوار سيحددها فريق من تيار المستقبل وآخر من حزب الله في لقاء سيعقد على الأرجح في عين التينة». ورأت المصادر «أن التيار يهمه مصلحة البلد التي تكمن في انتخاب رئيس للجمهورية»، في حين أن حزب الله يريد الاستمرار في الستاتيكو الحاصل».

وفي الموازاة، لفت السفير السعودي علي عواض عسيري أنه لمس إصراراً لدى بري لينجح الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» وإرادة سياسية تصب في مصلحة لبنان.

ودعا عسيري في حديث تلفزيوني، الأفرقاء اللبنانيين إلى «عدم استحضار الأزمات الخارجية إلى الداخل»، معتبراً أنه «حان الوقت بعد التطورات والتغيرات إقليمياً ودولياً أن ينتبهوا إلى بلد اسمه لبنان».

ولفت إلى أن «الخلافات بين اللبنانيين كبيرة ولكن هناك أولويات في لبنان هي ملء الفراغ الدستوري الذي نعيشه اليوم وهو الفراغ بموقع رئاسة الجمهورية».

وفي حديث تلفزيوني آخر، أكد عسيري «دعم السعودية لاستقرار لبنان، وللحوار السياسي بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، وكذلك الحوار بين كافة الفرق والأطياف السياسية، وتنفيذ الخطة الأمنية وإعادة الثقة إلى لبنان»، موضحاً أن «السعودية لها كامل الحرية في قراراتها لكونها دعت إلى إدراج «حزب الله» ضمن لائحة الجماعات الإرهابية»، مشيراً إلى أن «الموضوع يختلف بين نشاط «حزب الله» خارج لبنان عن نشاطه داخل البلد، فكل ما يدعم الحوار اللبناني نحن ندعمه ونؤيده».

واعتبر أن «الأولوية تعود للمسيحيين في انتخاب رئيس»، مؤكداً أن «السعودية لم ترشح ولن تسمي أحداً»، نافياً «ترشيحه لرئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون كمرشح للرئاسة.

تصعيد

على خط آخر، وبعدما أرخت عملية تحرير حزب الله أسيره من ميليشيا «الجيش السوري الحر» بظلالها على ملف العسكريين المحتجزين لدى داعش و«جبهة النصرة»، أعلن أهالي هؤلاء عن تصعيد تحركهم يوم الجمعة المقبل وإقفال مداخل العاصمة، لافتين إلى أن حزب الله استطاع استرجاع أسيره خلا فترة قصيرة «بينما الحكومة اللبنانية تلعب».

وبعد هذا الموقف، ترأس رئيس الحكومة تمام سلام اجتماعاً في السراي الحكومي لخلية الأزمة الوزارية المكلفة متابعة ملف العسكريين المخطوفين. وأوضح بيان صدر بعد الاجتماع أن المجتمعين «تابعوا تطورات الملف وآخر المعلومات المتوافرة حوله. وأعطى سلام توجيهاته للمتابعة وفق المعطيات الجديدة، مع ما يتطلبه الأمر من تحفظ على الإعلان عن الخطوات والإجراءات المتبعة، بما يضمن الوصول إلى النتائج المرجوة».

إطلاق الحجيري

في غضون ذلك، أفرجت المجموعات المسلحة عن المعاون الأول المتقاعد في الجيش اللبناني علي محمد الحجيري الذي كانت خطفته ليل أول من أمس، من دكانه في منطقة السرج في عرسال واقتادته إلى الجرد.

اجتماع أمني لبناني فلسطيني في شأن المولوي

من جهة أخرى، لا تزال قضية الفار شادي المولوي تشغل القيادات الأمنية اللبنانية والفلسطينية ولا سيما بعدما تردد عن لجوئه إلى مخيم عين الحلوة.

ومتابعة لهذا الموضوع عقد اجتماع لبناني – فلسطيني، في ثكنة محمد زغيب في صيدا بين مدير مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور ووفد اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا، في وقت واصل الجيش ملاحقة عناصر مجموعة الفار أحمد الأسير في صيدا وجوارها.

وفي هذا السياق، دهمت مخابرات الجيش منطقتي عبرا ونزلة صيدون بحثاً عن مطلوبين من أنصار الأسير.

بدورها ضبطت شعبة معلومات الجنوب في المديرية العامة للأمن العام، في منطقة شرحبيل وبالتنسيق مع مخابرات الجيش، أسلحة وذخائر تعود للموقوف هشام الدنب والمضبوطات هي: أربع قنابل يدوية وأربع مماشط ذخيرة وجعبة ومسدسان حربيان.

إلى ذلك، حذّرت وزارة الخارجية الأميركية، رعاياها من التوجه إلى لبنان « بسبب المخاوف من عمليات إرهابية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى