تقرير إخباري

باتت منطقة شمال أفريقيا بؤرة جماعات إرهابية متعددة أكثر من أي وقت مضى بأسماء مختلفة عن «داعش» و«القاعدة» و«أنصار الشريعة»، لكن حمى الخلافات والصراعات بين التنظيمات انتقلت بسرعة من سورية إلى الجزائر، بعد أن قرر عدد من أعضاء مجلس أعيان تنظيم القاعدة الجهر بالولاء لتنظيم «داعش»، ما يعني بداية صراع المشروعية بين «داعش والقاعدة» حول الزعامة في رقعة المغرب العربي، حيث امتدادات تنظيم القاعدة أكثر انتشاراً، وحيث المتعاطفون مع التنظيم أكثر عدداً.

ويبدو أن قيادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لا تريد خسارة سيطرتها على الجماعات المسلحة، بخاصة في مناطق الجنوب والساحل الصحراوي وحتى في تونس وليبيا.

في ظل تراجع النشاط الإرهابي في الجزائر إلى حدوده الدنيا وصعوبة التحرك والقيام بعمليات إرهابية نوعية، مع نجاح قوات الجيش والأمن من القضاء على العديد من رؤوس هذا التنظيم والإيقاع بعدد آخر وتفكيك أغلب خلايا الدعم والإسناد، وتشديد الخناق في مختلف أرجاء البلاد على معاقل الفرع المغاربي لـ«القاعدة»، خصوصاً في منطقة القبائل التي يوجد بها أكبر معقل لهذا التنظيم الإرهابي.

ونشر مسؤول تنظيم القاعدة في المغرب العربي قبل أشهر تسجيلاً مصوراً تناقلته بعض وسائل الإعلام أعلن من خلاله ولاءه لـ«داعش» موجهاً انتقادات ضمنية لتنظيم القاعدة الأم، وهذا نابع من تشابه واضح بين تنظيم أبو بكر البغدادي والفرع المغاربي لتنظيم القاعدة اللذين يتقاسمان الاستراتيجية الدموية نفسها.

ويشكل إعلان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ولاءه لـ«داعش» تحولاً مهماً في ظاهرة الإرهاب العالمي، من حيث خريطة توزيع النشاط الإرهابي والتنظيمات التي تسمى بـ«الجهادية» وحتى من حيث الاستراتيجية في مجال الدعاية، فضلاً عن الأهداف وإن كانت تبدو متقاربة مع تنظيم القاعدة الذي يعتبر أصل هذا التنظيم ويتقاسم معه الأفكار نفسها والإيديولوجيا.

وأكد مصدر أمني جزائري أن «الموقف الجديد المنسوب إلى ما يسمى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، من تنظيم «داعش» والتطورات السريعة في العراق، تأتي في إطار ما يمكن تسميته التعاطي الإعلامي المستمر، والحضور الصحافي لهذا التنظيم والاستثمار في الجديد من الأحداث، حتى يضمن البقاء في الساحة وكسب صخب إعلامي».

وأوضح المصدر أن «بيان التأييد لم يشر إلى إمكان التواصل الفعلي أو المساندة الميدانية بين الطرفين، نظراً إلى بعد المسافة وصعوبة التواصل والموانع الكثيرة القائمة، من دون تحقيق ذلك وهو يدرك ذلك، ولا يمكن له أن يستخف بعقول الناس والمتابعين له، كما أنه لا يريد أن يجلب عليه المزيد من الضغوط وبالذات الدولية، كونه بحاجة إلى فترة اشتغال الغرب بأخطار تنظيم «داعش» وتضخيم الإعلام الغربي لها، ويستفيد منها في المنطقة حتى ينظم صفوفه من جديد بعد تكبده خسائر كبيرة من ضربات الجيش له في الجزائر وتضييق الخناق عنه في ولايات الوسط والجنوب التي ينتشر فيها».

وقال المصدر إنّ الجزائر «سجّلت في السنوات الأخيرة تراجعاً كبيراً في تجنيد الشباب في صفوف فلول الجماعات الإرهابية، وفشلت «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» في استقطاب «مقاتلين» في صفوفها، وأفرغت مساعي خلاياها النائمة بالمدن على رغم محاولاتها اليائسة تعزيزَ كتائبها ببؤر توتر عدة، في شمال مالي خاصة.

كما أن الجماعات المتطرفة والمسلحة لاقت الفشل نفسه، إذ خابت مساعيها في تجنيد جزائريين في صورة الحركات التّي ظهرت في سورية وليبيا وحتّى وتونس، ليصبح شلّ حركة تجنيد مقاتلين جزائريين ملفتاً للعيان».

ويؤكد محللون أن خبرة الجزائر في مكافحة الإرهاب ودحر بقايا الإرهاب جعلت تنظيم داعش يبحث عن استراتيجية أخرى تمكنه من إرساء إقدامه في منطقة شمال أفريقيا ومن هنا بدأ يتقرب من تنظيم أنصار الشريعة في ليبيا وبعض التنظيمات الصغرى في تونس من أجل اختراق الجزائر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى