أردوغان «أبو الطيّب الكيماوي»… من حفر حفرة لسورية وقع فيها

د. سليم حربا

تتوالى حبال الكذب القصيرة والطويلة تقطّعاً، ويسقط معها غسيل أردوغان وحكومته الوسخ والملوّث بالكيماوي، وتتكشف خيوط الجريمة الأردوغانية التي ارتكبها أردوغان «أبو الطيب الكيماوي» مثل ثورٍ هائج على احمرار الخط الأحمر الذي أطلقه أوباما للتدخّل العسكري وتنفيذ عدوان على سورية. هذه الأكذوبة تصلح لموسوعة غينس كأكبر وأخطر كذبة في القرن الحادي والعشرين، ولولا الحكمة السورية والحسابات الأميركية وغلبة منطق العقل والحسابات على نزعة الجنون والمقامرة لكان من شأنها أن تحوّل المنطقة والعالم إلى ما لا يستطيع أن يتخيّله أو يتحمّله أحد.

أردوغان وحكومته واستخباراته هم رأس الحربة والنسق الأول للعدوان على سورية، جامعاً معشر الإرهابيين من أربع رياح الأرض ومدرّباً ومسلّحاً وراعياً لهم، ثم قائلاً لهم في اتجاه سورية سيروا فعيني وعين استخباراتي ترعاكم فلا تتركوا نفطاً إلاّ وتنهبوه ولا معملاً إلاّ وتسرقوه ولا كنيسة إلا وتدمروها ولا مسجداً إلا وتحطموه ولا شجراً ولا حجراً إلا وتحرقوه ولا قلباً أو كبداً سورياً إلا وتأكلوه، ولا تتركوا شعاراً «إخونجياً» وهّابياً إلاّ وترفعوه ومعشر أصدقائنا في قطر والسعودية ومرسي مصر ومعشر «الإخوان» المسلمين في اسطنبول وطالبان كابول وتنظيم «القاعدة» من الفروع والأصول، وأصدقاؤنا في أوروبا وأميركا يدعمون وينتظرون، وسورية هي الجنة التي بها توعدون.

لكن رياح الميدان السوري جيشاً وشعباً وقيادة جاءت بما لا تشتهيه سفن الصحراء السعودية أو سفن الأسلحة التركية أو البوارج الأميركية، وسقط الرهان، وبما أن الميدان هو الميزان، رجحت كفة الجيش العربي السوري وأخذت إنجازاته تحطم أشرعة ومراكب وتسحق قطعان الإرهاب والعدوان فأصيب أردوغان وفريقه بالإحباط والإفلاس والإرباك وتحطمت أمانيه بالصلاة في الأموي، وبدأ عدّاد الزمن الذي أطلق مؤشره خلال شهرين يطوّق عنقه ويديه وقدميه وهو يرى عصاباته تنهار ومشروعه من بردى إلى النيل يتهاوى فدخل دائرة المحظور والممنوع وبدأ يفتح أوراق هتلر وموسوليني وجدّه جمال باشا السفاح وموروث أجداده في حروب الإبادة ضدّ العرب والأكراد والأرمن وتجارب صدام حسين في الكيماوي، ولمعت في ذهنه مقولة نيوتن وسقوط التفاحة وقال «وجدتها»، وكان استخدامه للكيماوي من قبل عصاباته في خان العسل خطوة أولى، ولأنّ المجتمع الدولي صمت على الجريمة ومنع لجنة التحقيق التي طالبت بها سورية بعد أقلّ من 18 ساعة من جريمة خان العسل، ولأنّ القرائن الفاضحة التي قدمها الواقع والحكومة السورية والخبراء الروس وخبيرة الأمم المتحدة كارلا بونتي كلّها تؤكد جريمة إرهابيي جبهة النصرة الأردوغانية، أرادت أميركا طمس الحقيقة، ما أغرى أردوغان وإرهابييه بتكرار السيناريو في الغوطة الشرقية في آب 2013 متسلقاً ومسلّحاً بالخط الأحمر الأميركي. وبعدما أحكم خطته بنصب الباتريوت في تركيا وطمس وأخفى فضائح امتلاك إرهابيي جبهة النصرة على غاز السارين وتجريبه وتدريبه في غازي عنتاب، وأطلاق الإرهابيين الذين ألقي القبض عليهم في تركيا وهم في طريقهم إلى سورية وبحوزتهم كيلوغرامين من مادة السارين.

لكن لا بد من الليل أن ينجلي، وها هي اليوم تتقطع حبال الكذب بمقصات الحقيقية، وكانت بواكيرها فضيحة «أردوغان ليكس» وتسريبات فحوى الاجتماعات الأمنية والسياسية التركية في مطابخ العصابة والذرائعية المليشوية لتنفيذ عدوان على سورية، وليس آخرها ما قدمه الكاتب الأميركي سيمور هيرش على لسان أجهزة الاستخبارات الأميركية حول مسؤولية أردوغان عن استخدام الكيماوي في الغوطة الشرقية، وما قدمته مختبرات بريطانيا وفرنسا، وما أكده موقع «فيترانزتوداي» من أن الغاز المستخدم من مصادر وزارة الدفاع الأميركية، وما قدمه الكاتب البريطاني روبرت فيسك في «الإندبندنت»، وما قد يفرزه «بندر ليكس»… والحبل على جرار الحقيقة.

الآن، بعد نيف وثلاث سنوات من الصمود الأسطوري والانتصار السوري في الميدان العسكري والشعبي والرسمي، وتظهير الانتصار الاستراتيجي السوري التي بدت مؤشراته ومبشراته من القصير والقلمون والغوطة والسفيرة، وجملة الإنجازات وامتلاك الجيش العربي السوري زمام المبادرة بقوة واقتدار، وتحوّل الشعب العربي السوري إلى جيش يلتف حول جيشه وقيادته ويقبض ويحافظ على ثوابته الوطنية وهويته وقيمه وقيمته وخياراته، وبعد ظهور الهزيمة الاستراتيجية وتداعي مشروع الإرهاب والعدوان نفسياً ومعنوياً ومادياً والهجرة المعاكسة لإرهابييه في اتجاه مرابعهم وربوعهم وقواعد انطلاقهم، وبعد هذا المشهد الذي يقرأه كل من يهمه الأمر، يبرز السؤال العنقودي: ألن يقع أردوغان في شرّ أعماله ويُلدغ من سموم أفاعي الإرهاب الذي رعاه ويقع في الحفرة التي ليس لها قرار والتي حفرها لسورية؟ ألا يجب أن يُساق إلى محكمة الجنايات الدولية كمجرم حرب؟ ألم يعتبر من سقوط مرسي والحمدين وساركوزي وبندر وبني سعود في الحفر التي حفروها؟ ألم يتعلم من تكتيك الحمار الذي إن وقع في حفرة تجاوزها لاحقاً؟ أم أنه بغبائه وحقده أو بدهاء أميركا التي أوصلته إلى منتصف البئر وقطعت الحبل فيه سيحصل على لقب «أبو الطيب الكيماوي»؟ في كل الأحوال، الجواب الذهب يقول: إن أردوغان بما تقدم من أقواله وأفعاله وما قد يتأخر، هو إرهابي مثل الظواهري والبغدادي والجولاني، والمؤكد أن حكم العدالة سيطاله، رغم دعوات القرضاوي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى