الله ـ الدين ـ الإسلام ـ الإنسان ـ الدولة – 2

الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون

مفتي الجمهورية العربية السورية

ـ الدين ـ

الدين هو المنهج والخطة والخريطة التي أعطاها الله للإنسان حين اسكنه الأرض ليلتزم بها، ليضمن سعادة في الأرض والعودة لموقعه في السماء، مهمة الدين ليست قيد الإنسان وتقييده إنما الحفاظ على الإنسان وإسعاده، وهذا ما جاء في كتاب الله في سورة البقرة حين ذكر قصة آدم «وإنما يأتيني منك هدى» والهدى هو الدين أي ما يسعدك في الدنيا ويسعدك بعد الدنيا.

ما ذكره بالقرآن من اتبع هداي فلا خوف عليه ولا من يحزنون، أي لا يخافون من الدنيا ومن أتعابها ومن شرورها ولا هم يحزنون بعد خروجهم من الدنيا إلى الآخرة لأنهم اتبعوا المنهج والهدى الذي وضعه الله.

إذا أقيم الهدى أقيم العدل والسلام والأمن فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، إذ أخرجهم من الجنة لأنه سيعيدهم إليها، فالدين هو المنهج الذي يعيدك إلى الجنة، ولذلك حين أنزل آدم من الجنة قال الله «وتلقى آدم من ربه كلمات» الكلمات هي المنهج والدين «فتاب عليه انه التواب الرحيم».

فالدين مجموعة القيم التي إذا تمسك بها الإنسان فلا خوف ولا حزن.

يكتمل المعنى في قوله تعالى «من اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى» لا يضل طريق العودة إلى الجنة ولا يشقى في الدنيا.

الهدى ككتيب الاستعمال الذي يأتي مع الجهاز الكهربائي إن طبقت التعليمات يبقى الجهاز سليماً، وإن لم تتبعها لا يعطي النتيجة المرجوة، ومن هنا أجد أن الدين هو القيم والعقائد التي إذا تمسك بها الإنسان سلكت به طريق السلامة والأمان والسعادة، فهو تشريف وليس تكليف.

العلماء يقولون إن الدين تكليف وأنا اعتبره تشريفاً، فحين يدعوك الله في الصلاة لتقف بين يديه سواء بالإسلام أو المسيحية، هذا الوقوف تكليف أم تشريف؟

حين تدعى من أي عظيم لتزوره، هل الدعوة تكليف أم تشريف؟

المشكلة عندما نعتبر الدين تكاليف والله يقول «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها»، أي لا يعطيك الله شيئاً أكثر مما تستوعبه، وبالتالي لا يبقى تكليفاً ما تستوعبه، بل معرفة وعلماً.

حتى نوصل الدين للناس يجب أن يكون له شرط واحد أن نوصله عبر الحب لا عن طريق الإكراه، والله قال «لا إكراه في الدين» وهذا هو الفارق بين الدين والقانون.

القانون الذي وضعه الخلق وضعوه لمصالحهم الظاهرة، والدين الذي وضعه الله وضعه لسعادة الإنسان الظاهرة والباطنة، يمكن أن التزم بالقانون وأنا أكرهه، ولكن لا يمكن الالتزام بالدين من دون الحب، فمحور الدين الحب والطاعة، ومحور القانون الالتزام ولو كرهته، وهذا الفارق بين الدين والدولة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى