راسموسن يتصرّف كمقامر

جاء في صحيفة «ترود» الروسية:

بعد أن بحّ صوت الدبلوماسية الأميركية في اتهام موسكو بكافة المشاكل التي تواجهها أوكرانيا، انضمّ الناتو إلى هذه العملية. فكتب سكرتير عام الناتو آندرس فوغ راسموسن في الموقع الإلكتروني للحلف مقالاً حول الأزمة الأوكرانية. بعد أن يعلن راسموسن توبته، عن نيّته في بداية عمله في هذا المنصب، إقامة حوار مع الروس، يشير إلى أن استفتاء القرم كان تحولاً فاصلاً، لم تعد موسكو بعده تتصرف كشريك، بل كعدو.

التهمة الرئيسية التي يوجّهها راسموسن إلى موسكو، أن روسيا دائماً تنتهك الوعود لا الناتو. ويحاول راسموسن هنا دحض الأطروحة المعروفة لدى الجميع، بشأن التعهدات الغربية التي جاءت على لسان هيلموت كول مستشار ألمانيا الغربية عام 1990 ووزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك جيمس بيكر، أنه مقابل توحيد شطرَيْ ألمانيا، لن يتوسع الحلف باتجاه الشرق. يبدو أن هذا ليس سوى بدعة من جانب السياسيين في الكرملين، لأن أي تعهد بعدم التوسع نحو الشرق كان يتطلب التثبيت في وثيقة موقعة من قبل جميع أعضاء الحلف. لكن لا وجود لمثل هذه الوثيقة، لذلك لا يمكن للكرملين تقديم ما يثبت ذلك، وهذا يعني أن الأمر ليس سوى دعاية، لذلك فإن طلب روسيا من كييف توثيق وضعها كدولة محايدة، «تدخّل في الشؤون الداخلية لأوكرانيا المستقلة».

الكلام جميل، لكن راسموسن نسي بعض المواقف، منها مثلاً قمة الناتو عام 2008 في بوخارست، عندما ضغطت واشنطن على يوشينكو وسآكاشفيلي لإجبارهما على الانضمام إلى الناتو، والموقف الحازم لمستشارة ألمانيا آنجيلا ميركل منع انضمام جورجيا وأوكرانيا إلى الحلف. ومن جانب آخر، أعلنت وزيرة الدفاع الالمانية، أورسولا فون دير لاين، أن مناقشة مسألة انضمام أوكرانيا إلى الحلف أمر سابق لأوانه، لأنها لا تستجيب للمتطلبات الضرورية، فهي تعاني من مشاكل اقتصادية معقدة، كما أن عليها بناء دولة ديمقراطية أولاً.

هنا لا بد من تذكير السيد راسموسن، بأن روسيا لم ترسل قواتها إلى القرم، ولم تسفك الدماء، ولم تحتل شبه الجزيرة، بل استجابت لرغبة مليوني شخص. كما انه من غير الممكن حتى بالتهديد إجبار أكثر من 80 في المئة من السكان على المشاركة في الاستفتاء، وهذا عكس ما جرى في كوسوفو تماماً. تجدر الإشارة إلى أنه لم يحصل أي استفتاء في كوسوفو، بل ما جرى كان انتهاكاً لوثيقة هلسنكي وضدّ رغبة اليوغسلافيين.

ويؤكد راسموسن أن الحلف كان يتمنى الخير لروسيا عندما قرر نشر منظومة الدرع الصاروخية في بولندا ورومانيا وتشيكيا بالقرب من حدودها، لكن موسكو لم تصافح اليد الممدودة. هنا يجب أن نقول إن موسكو طلبت إعطائها وثيقة قانونية تؤكد أن هذه المنظومة ليست موجهة ضدها، لكن واشنطن رفضت هذا الطلب. نعود إلى أوكرانيا، ونقول إن تهدئة الأوضاع يجب أن تتم بالفعل لا بالكلام. لا وجود لأي تحشيد للقوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا، لعدم الحاجة إلى ذلك. لقد انتفض الشعب في جنوب شرق البلاد، لأنه لا يريد أن يقاد بالقوة نحو الاتحاد الأوروبي. وروسيا تصر على ضرورة الحوار بين السلطات والشعب، خصوصاً أن دعم مسألة الفدرالية يزداد يوماً بعد آخر، بين الذين يريدون الحفاظ على وحدة أراضي أوكرانيا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى