هيكل: أميركا تراجعت عن قصف سورية بعدما اكتشفت أن تركيا دبرت الكيماوي

في اختتام مجموعة حلقات «جسر إلى مستقبل»، والتي تُذاع ضمن حلقات «مصر أين… ومصر إلى أين؟» على قناة «سي بي سي» الفضائية، تحدث الكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل، في حوار مع الإعلامية لميس الحديدي، عن التحديات التي تواجه الرئيس المصري المقبل على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، وسط تغيّرات كبيرة تشهدها المنطقة والعالم، قائلاً إن الغرب أدرك أن الرهان على التيار الإسلامي خطأ وليس مأموناً. معتبراً أن فشل «الإخوان» صدم الغرب، فيما تحدث عن تغييرات تطاول التفكير الأوروبي والأميركي.

وتطرق هيكل إلى الانتقادات التي وجهت إليه بشأن تصريحات فهمت خطأ أعلن فيها أن مرشحي الرئاسة في مصر لا يحتاجون إلى برنامج انتخابي، معتبراً أنه لم أقل ذلك، شارحاً: «قلت إنهم ليسوا في حاجة إلى برامج هذه المرة، وإنما هم في مواجهة أزمة لها ضرورات ولها ظروف لم يسبق لمصر أن تعرضت لمثلها… لم أقل لأحدهم لا تقدم برنامجاً، ولم أقل إن أحدهم هو البرنامج نفسه، لكني قلت هنا إن الأزمة هي البرنامج».

وجدد الكاتب الصحافي الكبير تأكيداته أن المشير عبد الفتاح السيسي هو «مرشح الضرورة»، من منطلق أن مصر مُهددة بأخطار عدة لم تكن متصورة، وأنه خلال السنوات الأخيرة ضعفت ثم تحولت إلى «دولة رخوة» ثم أصبحت تقريباً «دولة تتفكك». متطرقاً إلى خلفية المشير العسكرية بالقول إن «القوات المسلحة في الدساتير هي الضامن لسلطة الإجبار النهائية».

لا تكافؤ

وبينما أكد هيكل ثقته في تجاوز مؤسس التيار الشعبي المرشح الرئاسي المحتمل حمدين صباحي عقبة التوكيلات التي أقرها القانون، أشار إلى أن الفرص بين المرشحين المحتملين للرئاسة عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي تبدو غير متكافئة، لأن «الأول له شعبية جارفة إذ جُرِّب في موضوع معين، وكل الأنظار موجهة إليه، فضلاً عن أن لديه خلفية عسكرية، ولأنه مرشح ضرورة الاختيار».

وشدد على أن «الاستقرار سيأتي بعد الانتخابات الرئاسية، لأنه إذا جاء رئيس وبرلمان منتخبين على الأقل سنُمنح بعض الاستقرار والاطمئنان»، مؤكداً أن «لا خيار لدينا سوى النجاح، فالفشل ليس خياراً».

صدمة للغرب

وحول زيارة ممثلة الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إلى مصر، قال هيكل: «هناك تغيرات أساسية في التفكير الأوروبي والأميركي، قد لا يكونون قد عبروا عنها بطريقة واضحة، إذ كانوا يتصورون أن الإخوان هم البديل الطبيعي لنظام حسني مبارك أو للأنظمة التي لطالما ساعدوها في الفترة الماضية، لكنهم اكتشفوا أنهم لم يستطيعوا أن يحكموا، ووجدوا أنهم في كثير من البلاد صالحون للقتال لكن ليسوا جاهزين للحكم. إن فشل الإخوان وخروجهم بهذا الشكل مثّلا صدمة للغرب، وبريطانيا بالذات، التي وجدت أن هناك نشاطاً إخوانياً أكبر مما تتوقع»، لافتاً إلى أن «الغرب أدرك أن الرهان على التيار الإسلامي ليس مأموناً، كما أنهم وجدوا أن الناس الشعب المصري لا يقبلون العودة للوراء أبداً».

إدراك أفريقي

وأوضح هيكل أن الغرب تعود أن تكون له كلمة مسموعة باستمرار في المنطقة، لكن في الوقت الراهن وفي ظل قوة الأطراف المحلية اختلف الأمر، لدرجة أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري عندما طلب لقاء السيسي لمدة دقيقتين قبل استقالته من منصبه، وسأله: «هل يعتزم الترشح؟»، وأخبره السيسي أنه يسمع مطالب الشارع ولم يتخذ قراره بعد، نصحه كيري بعدم الترشح، لكن المشير أعلن ترشحه ولم يقل للأميركيين شيئاً.

وحول موقف الاتحاد الأفريقي من جماعة الإخوان والتطورات التي تشهدها مصر، قال هيكل: «الأفارقة أكثر إدراكاً للمخاطر التي تعنيها التيارات الإسلامية أكثر منا، لأن هناك مثلاً جماعة الموقعين بالدم في مالي، وبوكو حرام وشباب الجهاد في الصومال، وغيرها».

استحقاقات انتخابية

وتطرق هيكل إلى الاستحقاقات الانتخابية في المنطقة العربية، متناولاً في البداية الجزائر بالقول إن «الجزائر لم تنج من الربيع العربي، لأنها مرت بانتخابات بعد سقوط جبهة التحرير الشعبية وما ترتب عليها من اختفاء رموز أنظمة سابقة مثل هواري بو مدين».

أما حول الانتخابات اللبنانية، فقال الكاتب المصري الكبير إن «أي مرشح يستطيع الترشح، لكن القوى اللبنانية لن تستطيع الإقدام على أي مرشح، من دون أن توافق سورية عليه، على الأقل من عام كان بالإمكان، لكن الآن بات الأمر صعباً».

واستبعد أن يحصل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على تأييد فريق 14 آذار، مستبعداً كذلك إجراء انتخابات في سورية، وهي في حالة حرب أهلية، فضلاً أن هناك نحو 22 ألف مقاتل إسلامي في سورية، قائلاً: «المناخ السياسي لا يسمح بذلك» على حد وصفه.

الأزمة الأوكرانية

وتطرق هيكل إلى الأزمة الأوكرانية، موضحاً أنها بمثابة الشاشة التي تنعكس عليها أوضاع كثيرة جداً في المنطقة، قائلاً: إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يؤمن أن الاتحاد السوفياتي لم يكن من الواجب أن يسقط بهذا الشكل، وأن السقوط المهين بهذه الطريقة كان جرحاً معلقاً لدى القيادة السوفياتية، وأن ألمانيا تتحد مرة أخرى، والصين تبرز، والقوة الروسية أصبحت تحتاج لإعادة تصحيح، وبالتالي أنا أعتقد أن هذا التصحيح هو ما حدث الآن وشاهدناه في أوكرانيا أخيراً».

وعن الدور الروسي في سورية قال: «روسيا لعبت في سورية دور المعطل، وهو الدور الذي وضع الولايات المتحدة في مأزق. السياسة الروسية تحاول أن تمنع أميركا من تنفيذ ما تريد والرئيس الأميركي فعلاً بدأ يستجيب».

وأكد هيكل أن «الرئيس الأميركي باراك أوباما وأجهزته تراجعت عن قرار ضرب سورية لأنه كان مضطراً خصوصاً بعد اكتشاف أن السلاح الكيماوي الذي استخدم فيها كان من تدبير تركيا لضرب النظام السوري».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى