كيري للإبراهيمي: حمص تحسم الرئاسة السورية للأسد هنري حلو مفاجأة رئاسية؟

كتب المحرر السياسي

فيما بدأت تتضح ملامح اللقاء الرباعي الذي ضمّته العاصمة السويسرية جنيف بين وزراء خارجية كلّ من روسيا وأميركا وأوروبا وغرب أوكرانيا، نقلت التقارير الواردة من موسكو أنّ الرئيس بوتين أعطى وزير خارجيته سيرغي لافروف الصلاحية لمقايضة تهدئة تتدخل روسيا لدى المتحدرين من أصول روسية لمنحها حتى نهاية الشهر الجاري، مقابل تعهّد أميركي ـ أوروبي بقيام كييف ببدء حوار جادّ مع الأوكرانيين من أصول روسية الذين تلتزم موسكو بالدفاع عن حقوقهم مهما كانت التكلفة، على أن يعلن برنامج الحوار ومواعيده ومن ضمنها تأجيل الانتخابات الرئاسية المعلنة من طرف كييف في الخامس والعشرين من أيار المقبل، من دون موافقة الشركاء الآخرين في الدولة، وهم الأوكرانيون الشرقيون الذين يرون أولوية إعادة تنظيم شكل الدولة على أساس فيديرالي يحترم خصوصية المكوّنات المتعدّدة لأوكرانيا قبل أيّ استحقاق انتخابي، وتضيف التقارير انه ما لم يحدث ذلك فالتهدئة ستنهار والجيش الأوكراني الذي تفكر كييف باللجوء إلى تحريكه في وجه العصيان المدني في شرق أوكرانيا سيتفكك.

مقابل هذه الرؤية الروسية ارتباك غربي يكتفي بالمياومة، فيروّج لما جرى بلغة التهديد والعقوبات بحق روسيا، ما يعني العودة للانفجار الأوكراني قريباً، وبصورة تستعيد المشهد السوري على إيقاع المساعي العربية والغربية تحت عناوين التهدئة، والتي كما في سورية تتباين فيها لغتا التفاوض والإعلام جذرياً، بين الاستجداء في قاعات التفاوض والعنتريات خارجها.

ما كاد وزير الخارجية الأميركي المياوم جون كيري ينهي اجتماعاته الأوكرانية حتى عقد لقاء ثنائياً مع المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، وكانت حمص وأوضاعها عنوانه الوحيد، ومما تسرّب عن الاجتماع في ضوء المعلومات العسكرية المجمع عليها من أطراف المعارضة والدول الحليفة لواشنطن، أن مسألة وقوع حمص بيد الجيش السوري صارت مسألة وقت، سواء بالدخول العسكري أو التفاوض السياسي أو كليهما معها.

لم يخفِ كيري خشيته من أن يكون مصير حمص المسمّاة عاصمة الثورة والمدينة الوحيدة التي خصّتها بالاسم قرارات صادرة عن مجلس الأمن لتأمين صمود المسلحين فيها تحت عناوين إنسانية، بداية لمرحلة جديدة عنوانها حمص نموذج لحلب، وحمص مدخل لحسم الرئاسة للرئيس بشار الأسد.

الإبراهيمي الذي دعاه كيري إلى فعل شيء تحت عنوان المساعدات الإنسانية لتخفيف الضغط العسكري في حمص، عبّر عن شعوره باليأس من القدرة على فعل شيء طالما لا يوجد أيّ تفاهم روسي ـ أميركي لمفهوم مشترك لإنعاش العملية السياسية، متوقعاً إذا بقيت الأمور على هذه الحال أن تسقط الثورة التي أحبّها من قلبه كما قال، ويصبح على العالم الاعتراف بنتائج الانتخابات السورية التي تبدو محسومة لمصلحة الرئيس الأسد بمنافس ومن دون منافس، كما يحدث في الجزائر بلد الإبراهيمي، والتي طلب من كيري أن تضع إدارته بعض الشروط للتعامل مع نتائجها، وأن تثير حولها بعض الشكوك منعاً لاعتبار التسليم بالنتائج والانتخابات الجزائرية نموذجاً لما سيحدث مع الانتخابات السورية.

تفاهم كيري والإبراهيمي على تحرّك عاجل تحت عناوين إنسانية للضغط على سورية لوقف العمليات في حمص مع قناعة بصعوبة الرهان على تحقيق نتائج.

مع الأميركي المياوم لم يحن بعد يوم لبنان الذي يأتي الأربعاء المقبل، وثمة مزيد من الوقت للانتباه نحو المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية ليومين، وبعدها يمكن مقاربة الاستحقاق الرئاسي للجلسة التي لن تنتج رئيساً.

اللبننة لمشهد الفراغ مسموحة إذا كانت ممنوعة للمشهد الرئاسي، والنائب وليد جنبلاط يبدو خير من يستفيد من هذه اللبننة في ظلّ ارتباك فريقي الثامن والرابع عشر من آذار في تسمية كلّ منهما لمرشح واحد للجلسة التي لن تنتج رئيساً.

في الرابع عشر من آذار سيمنح سمير جعجع صفة المرشح الرئيسي وليس الوحيد كما تقول المعلومات الأولية، مما يعفي الحريري من دفع الأثمان المنتظرة من المرشحين الآخرين الذين سيحصلون على أصواتهم فقط في هذه الحالة، لتصبّ أصوات تيار المستقبل والقوات اللبنانية لحساب سمير جعجع.

الثامن من آذار سيكون وضعها أكثر سيولة ومرونة ما لم يترشح العماد ميشال عون وفي حال إصراره على عدم منحه أي صوت في الجلسة بانتظار الجولات التي تلي، لاهتمامه بأن يكون رئيساً منتخباً لا مرشحاً رئاسياً قوياً أو ناخباً حاسماً، وهما ميزتان لا تحتاجان نيله أصوات الجولة الأولى لنيلهما.

في الثامن من آذار سيكون توزيع للأصوات على مجموعة مرشحين في هذه الحالة لكن لا حزب الله ولا الرئيس نبيه بري وكتلتيهما سيسمّيان مرشحين لهما.

جنبلاط قرّر تسمية النائب هنري حلو مرشحاً رسمياً له ويخوض مع سمير جعجع سباق نيل الأصوات الأعلى في حال عدم تصويت الثامن من آذار للعماد عون في الجولة الأولى.

السؤال هو هل يحمل الأربعاء مفاجأة هنري حلو رئيساً إذا حصل على أصوات جنبلاط والثامن من آذار وعشرين صوتاً من الرابع عشر من آذار؟

استعدادات واتصالات لجلسة الأربعاء

في هذا الوقت وعلى رغم دخول البلاد في عطلة الفصح يُتوقع أن تشكل مناسبة لتكثيف الاتصالات على المستويات المختلفة بين الأطراف الداخلية استعداداً لجلسة انتخابات رئاسة الجمهورية المقررة يوم الأربعاء المقبل، وإن كان من المؤكد أن هذه الجلسة لن تُفضي إلى أي شيء حاسم في ما خص انتخاب رئيس جديد، على رغم أن مصادر نيابية تصفها بأنها ستكشف بعض الأوراق حيال مسار الاتجاهات لبعض المرشحين، خصوصاً رئيس حزب القوات سمير جعجع الذي سيخرج ضعيفاً بعد التصويت بعكس رهاناته بأن يحصل على أصوات حلفائه في 14 آذار .

وبحسب مصادر نيابية، فإن مسار تصويت نواب قوى 8 آذار يتوقف على ما يرغب به العماد ميشال عون، وما إذا كان يريد التصويت لمصلحته أم أنه سيتفادى الظهور كمرشح في مواجهة جعجع، وتضيف أنه إذا ارتأى عون بألا يدخل بازار التصويت في الجلسة الأولى، فأصوات قوى 8 آذار قد تُوزّع باتجاه أكثر من مرشح.

أما بخصوص أصوات 14 آذار فالمصادر النيابية لا تعتقد بإمكانية وصول هذا الفريق إلى موقف موحّد للتصويت لمصلحة جعجع، وتضيف أنه إذا استمرت البلبلة تواصلت الترشيحات داخل هذا الفريق بين أربعة مرشحين وأكثر، فالمرجح ألاّ يحصل جعجع على أكثر من 35 صوتاً، بينما الأصوات الأخرى ستتوزع في اتجاه المرشحين الآخرين.

وأما من حيث تصويت كتلة جبهة النضال والنواب الآخرين الذين كانوا قد خرجوا منها فالمرجح ـ بحسب المصادر ـ أن يصوّت هؤلاء للنائب هنري حلو أو ربما مرشح آخر يدفع باتجاهه النائب وليد جنبلاط.

وفي كل الأحوال تقول مصادر عليمة في قوى 8 آذار إن هذا الفريق حسم خياره بأن يكون مرشحه العماد عون وهو الأمر الذي أكده الرئيس بري، بل إنها تركت له الحرية في القيام بكل ما يمكن من أشكال المناورة والاتصالات لكي يحصل توافق أو شبه إجماع حول التصويت له لرئاسة الجمهورية، وعلى هذا الأساس جاء اللقاء الذي حصل قبل فترة بين عون ورئيس المستقبل سعد الحريري واللقاءات الأخرى التي تبعت ذلك، خصوصاً بين الوزير جبران باسيل ومدير مكتب الحريري نادر الحريري. وأشارت المصادر إلى أن التواصل مستمر بين عون والحريري مباشرة أو برقياً.

أوساط الحريري: لن يلتزم بمرشح 14 آذار في الدورة الثانية

وبحسب معلومات المصادر فإن الحريري أبلغ الذين التقوا به أخيراً أنه ملتزم في الجلسة الأولى بالتصويت لمصلحة جعجع: ولكن في الجلسات اللاحقة سيكون محرراً من أي التزامات وأن التصويت لأي مرشح آخر يتوقف على مصير الاتصالات التي ستتم بعد الجلسة الأولى. وتلاحظ المصادر أنه إذا كان الحريري أبلغ هؤلاء بأنه قد يسير في مرشح توافقي، إلا أنه لم يُعطِ موقفه النهائي حيال المرشح الذي سيدعمه ليكون توافقياً.

وفي المعلومات أيضاً أن قيادة تيار المستقبل وبالأخص فؤاد السنيورة ومدير مكتب الحريري نادر الحريري اللذين أجريا اتصالات أخيراً مع عدد من القوى السياسية في 14 آذار ومع النائب وليد جنبلاط يُرجح أن يلتقيا رئيس المستقبل سعد الحريري قبل أن يقوم الأخير بإجراء اتصالات معه عدد من رموز فريق 14 آذار قبل جلسة الأربعاء لاتخاذ الموقف المناسب من الجلسة.

وبحسب المعلومات فإن المستقبل أمام موقف حرج من ترشح جعجع والجميل وهو لذلك قد يقسّم كتلته في جلسة 23 الجاري للتصويت للاثنين على أن تصوّت أكثرية الكتلة لمصلحة جعجع.

وفي هذا السياق كشفت شخصية سياسية في حزب الكتائب، أن رئيس الحزب أمين الجميل مستمر في ترشحه وأنه ليس في وارد الانسحاب أو التراجع، وأن الجميل يرى أن هناك إمكانيات كبيرة لحصول توافق حوله بعكس باقي المرشحين من 14 آذار.

بري: سأسعى لانتخاب الرئيس قبل 25 أيار

وفي سياق متصل، أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمام زواره أمس، أنه سيبذل قصارى جهده لكي يكون هناك انتخاب للرئيس في المهلة الدستورية، وتوقع بري أن يكون هناك نصاب في الجلسة الأولى لمجلس النواب أما في الجلسة الثانية فرجح بري فقدان النصاب.

وكشف رئيس المجلس أن أحداً من الخارج بما في ذلك السفراء لم يتحدث مع المسؤولين اللبنانيين بموضوع الاستحقاق الرئاسي والرئيس الجديد. وأكد أن في ذلك فرصة لكي يأخذ اللبنانيون دورهم في اختيار الرئيس الجديد بعيداً عن التدخلات الخارجية.

جوجلة المرشحين بعد الجلسة الأولى

وفي هذا السياق رجحت مصادر سياسية ألاّ تفضي الاتصالات التي ستسبق جلسة الأربعاء إلى أي توجهات توافقية بين الكتل النيابية، ولذلك تقول المصادر إن الاتصالات الجدية ستُترك لما بعد جلسة الأربعاء، حيث تكون معظم الكتل قد كشفت عن أوراقها، وعلى الأقل بدأ تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، لكن المصادر تؤكد أنه ما لم تظهر كلمة السر الإقليمية والدولية فالاتصالات الداخلية ستبقى تُراوح مكانها، خصوصاً إذا لم يتبلور موقف خارجي في اتجاه دفع بعض الأطراف السير بمرشح توافقي من الأسماء المطروحة.

وتضيف المصادر، طالما أن إمكان تعطيل نصاب الجلسة الثانية ستوفر ليس فقط لكل من فريقي 14 و8 آذار، بل لتوافق كتلتين أو أكثر على مقاطعة الجلسة، فذلك سيؤدي حكماً إلى تطيير النصاب الذي يحتاج إلى ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب ما يعني أنه من دون توافق أكثرية الكتل النيابية على مرشح معيّن فلا يمكن عقد جلسة انتخاب ثانية بنصاب قانوني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى