سيغلب الجمع ويولون الدبر…!

محمد صادق الحسيني

أن يجبر ملك رمال الصحراء العربية في زمن ما بعد الربع الخالي على تقديم بندر بن سلطان على مذبح الشام… يعني إقراراً من القبيلة السعودية بأنها خسرت المعركة مع الأسد وجيشه وشعبه وحلفائه…

أعرف أن لا فرق جوهرياً بين من ضحّى به ومن أوتي به… لكن في السياسة وقواعد الحرب والسلام يعني ذلك أنّ الجماعة باتوا يتناحرون، ويأكل بعضهم بعضاً. جزء منه بسبب الهزيمة النكراء، وجزء منه إرضاء لعيون الأميركي المسرع نحو الانكفاءة الاستراتيجية على عقبيه للأسباب نفسها…

بالأمس، تمّ التخلص ممن بقي من الذين يُسمّون بـ«إخوة فهد» أو «السديريين»…

وآخر من بقي منهم هو ولي العهد سلمان بن عبد العزيز إثر تعيين مقرن ملك الظلّ استعداداً لتولي متعب بن عبد الله زمام الأمور بعده…

واليوم أطلقت رصاصة الرحمة على «البندريين» من خلال إخراج آخر أولاد سلطان…

وغداً ستتمّ تصفية «الفيصليين» من خلال إعفاء سعود من وزارة الخارجية…

ذلك كلّه إقرار بالهزيمة أمام سورية المنتصرة وحلفائها في محور المقاومة…

ملك الرمال يشرب من كأس السمّ نفسها التي شرب منها أوباما ليلة الثالث من أيلول الفائت، عندما اضطر إلى التراجع عن عدوانه على دمشق.

كان ذلك بسبب ثلاثية الصمت القاتل أو الناطق لحزب الله والديبلوماسية المحنكة لفريق المعلم الأسدي والعصا الإيرانية الغليظة…

بالأمس قلنا إنّ في نصر «باب عمرو» رسالة واضحة بأن غَلَبَتْ الروم فأصبح بقاء الأسد محتوماً…

واليوم نقول إنّ في رسالة اكتمال النصر في القلمون رسالة مفادها أن غَلَبَتْ الأعراب فأصبحت الشام محكمة الأبواب…

وغداً سيُهزم في كسب ومعها حلب العثمان فتصبح الشام سيدة الأكوان…

لقد هزم الجمع وسيولون الدبر…

أميركا تتراجع وتحضر للخروج الهادئ، أو بالضجيج لا فرق كثيراً، من الملف السوري، وقد أبلغت ذلك إلى عدد من ملوك القبائل ومشايخ ما بعد الفراغ…

بعد إغلاق الحدود اللبنانية بالضربة القاضية في رنكوس على يد رجال الله والجيش العربي السوري، التقط صاحب الجلالة الأردني الرسالة وقرّر رفع التنسيق مع الجارة سورية من المستوى الأمني الى المستوى السياسي…

وغداً سيجبر أردوغان، رغم كلّ الضجيج الذي رافق نصره المنقوص في الانتخابات البلدية، على التفكير جدياً في استجداء كوريدور آمن نحو قصر الشعب السوري، بعد إذعان سيده الأميركي بأنّ الدولة الوطنية السورية انتصرت واللعبة الاستراتيجية انتهت ولم يبق سوى تظهير الانتصار وتظهير المهزومين…

وحده التابع اللبناني لساكن الإليزيه أو البيت الأبيض لا يزال مصرّاً على الإنكار مرة، أو تائهاً في رمال الربع الخالي مرة أخرى، غير قادر في الحالتين على استيعاب درس اقتراب نهاية المعركة الكونية ضدّ قصر الشعب السوري…

بين ما يحصل في الميدان السوري وما يحصل في أروقة السياسة الدولية، ثمة حبل سري يشي بعض عقده أو قطبه الظاهرة بأنّ ثمة عالماً ينهار، فيما ثمة عالم ينهض…

معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية تتراجع من الخريطة الجيوسياسية العالمية، فيما يستعدّ العالم لخريطة متفاوتة ستساهم في رسمها للمرة الأولى قوى لا تملك سلطات دولة لكنها شريك أساسي في صناعة الخرائط…

إنه حزب الله صاحب المثلث الذهبي الذي لا يصدأ: جيش شعب مقاومة…

في هذه الأثناء سيظلّ ملك الرمال العربية المتحركة في حيرة من أمره: أينكر ذلك كله ويدسّ رأسه في الرمل وهو من يراه بأم عينيه… أم يقدم على مزيد من خطوات التغيير التي تنبئ بانقراض عصر القبائل…

المقبل من الأيام يحمل المزيد من التغيير المخيف…

القدر المتيقن من كلّ ما تقدم هو: سيغلب الجمع ويولون الدبر…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى