معلولا هي البرهان الجيش السوريّ يدعم الدولة الوطنيّة

د. وفيق ابراهيم

يفرُّ «الظلام» من بلدة معلولا منكفئاً تحت ضربات الجيش العربي السوري وحلفائه، باحثاً عن أهداف أخرى في مناطق ثانية، لها أيضاً رمزيتها. وفي سياق تدميريّ لا يفرِّق بين المسجد الأمويّ ومساجد الصحابة وأضرحة الأئمة والقديسين والأولياء ورجال الفكر والعلم.

هذا ما عنته زيارة الرئيس بشار الأسد إلى البلدة قبل عدة أيام، فبهذا هذا التحرير يندرج في إطار انشطار النور على الظلام والاعتدال على التطرف والولاء الوطني والعربي على العمالة والارتزاق، أليس الإسلام دين الاعتدال والوسطية؟

كلمة الرئيس الأسد في معلولا تكشف مدى ارتباط السوريين بعضهم ببعضهم الآخر، لا تركعهم الخطوب والنائبات، ولا تهزمهم مشاريع التكفير والتدمير… بذلك يوجه الرئيس تحذيراً إلى المشاريع الإقليمية المختبئة خلف تنظيمات الإرهاب، وهي ثلاثة، الوهابي والعثماني و«الإسرائيلي». أما المثير للرعب فهو وجود ناظم وحيد خلف هذه المشاريع يرمي إلى تدمير الإقليم العربي بتدمير قلبه سورية. وهو بالطبع الناظم الأميركي المستفيد الفعلي مما يجري.

جيش سورية بما هو مكون طليعي يضم التنوع السوري بمناطقه وأهله وتاريخه، ولا ينفك يبذل عظيم التضحيات للدفاع عن الدولة، إيماناً منه بأنها دولة كل السوريين والمستهدفة حصراً لأدائها دوراً وطنياً. من هنا صلابة هذا الجيش وقوته ورفضه الانقسام أو الفرار، مستعداً في كل حين لتلقين الدروس القوية للمتطرفين. إنه الجيش الوحيد الذي نجح في مراحل التاريخ كافة في مجابهة تدخلات نحو تسعين دولة أو أكثر، مترافقة مع غزو تركي و«إسرائيلي» للحدود وتسهيلات من بعض القوى الأردنية واللبنانية. لذلك يحق للرئيس بشار أن يفتخر بجيشه وشعبه ويعلن من قمة معلولا ثقته بالانتصار ضد تيارات ظلامية بدأت تلملم أذيال الخيبة، ورمية معلولا الضاربة جذوراً في عمق الآرامية ـ السريانية والسيد المسيح والسيدة مريم، هي بالنسبة إلى الأسد بأهمية المسجد الأموي ومساجد الصحابة وأضرحة السيدة زينب وحجر بن عدي، وتليها أضرحة العلماء والمفكرين وشعراء القرون الخاليات. ماذا يقول أبو تمام وأبو فراس لمن دمر ضريحيهما؟

عندما يرد الجيش السوري الهجمات عن كل مقدسات سورية، فإنه يمثّل الدولة الوطنية التي تؤيد الدين المعتدل وتتبناه، وتردّ على كل من يعادي الوحدة الوطنية السورية.

هذه الدولة السورية تواتر على حكمها رئاسة ووزارة وجيشاً ومديرين ونواباً من 1947 آلاف المسؤولين، مقابل أقل من مئة من السعودية وقطر والكويت والإمارات مجتمعة… فأين الحراك السياسي والاجتماعي إذن أتراه في الفكر الديكتاتوري الظلامي أم في الدولة السورية؟

فالنظام السوري نظام وطني كان يتجه نحو بناء نظام ديموقراطي عادل، لكنه جوبه بحروب «إسرائيل» والعسف التركي وانهيار الاتحاد السوفياتي الذي أدى إلى تراج دور روسيا وتفرد أميركا بشؤون العالم وغزوها العراق. لذلك أعطى النظام السوري الأولوية للبناء الداخلي، مخصصاً الجيش بعناصر القوة وقطاعات الطبابة والتعليم المجانيين كوسائل لتحسين صمود الناس. وكان له ما أراد… جيش قوي وشعب لم يستسلم لإغراءات الإرهابيين وتهديداتهم وملياراتهم.

يتضح بالاستنتاج أن ثمة هجوماً خارجياً على سورية تندمج فيه بعض الفئات الداخلية الظلامية، ويريدون بناء دولة «تورا بورا» السورية، أو «قندهار» حيث التخلف والقتل والجهل، وتجابهم دولة تقدم برامج تحديثية على أسس مستنيرة عمادها العلم، تطبيقاً لقوله تعالى؟ «أعقل وتوكل» و«أطلب العلم ولو في الصين». فأين هو نموذج التكفيريين؟ السعودية أو أفغانستان، قطر أو الكويت… ودولة الإمارات «القاعدة» أو «الإخوان».

أيها الإرهابيون، معلولا جاوبتكم بكنائسها وأضرحتها، وأهالي حلب لفظوكم متمسكين بإسلامهم المعتدل ومعهم أهالي الشام وحمص وجبل العرب وجميع أنحاء سورية. فكيف نقطع عروبة سورية عن سريانيتها وآراميتها؟ وكيف ندمر المساجد لنتهم النظام وحده أنه هو المدمر؟

معلولا هي إذن البرهان على الدولة الوطنية المنتصرة والجيش الباسل الذي يواصل تطهير البلاد من شر العباد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى