كلمات يجب قولها في زيارة الرئيس الأسد لمعلولا

د. سليم حربا

عندما تكون في معلولا يكون التاريخ بجلاله بين يديك وأمام ناظريك، وتكون بين يدي التاريخ والحضارة، وترى بأم العين شلالات النور تمتد بين السماء والأرض. ومهما استنفرت كلماتك ولسانك وعقلك تبق قاصراً عن وصف هذه الأيقونة السورية الإنسانية الحضارية التي خلقها الله تحفة ربانية، الأيقونة التي ضربها الإرهاب الهمجي الوحشي غير المنتمي إلى دين أو عرف أو قيم إنسانية والذي حاول قطع صلتها بلغة السيد المسيح عليه السلام ونسف موروثها وكنوزها الحضارية والإنسانية والثقافية السريانية والآرامية والعربية، ولكنّ حماة الديار وحماة التاريخ والثقافة والحضارة والدين، رجال الجيش العربي السوري ومن حولهم ومعهم الشعب العربي السوري، طهّروا هذه البلدة وأعادوها إلى سمّوها وعلوها وطهارتها وحضارتها ونضارتها وأهلها في سياق النصر الذي حققه الجيش العربي السوري في القلمون. وكانت زيارة الرئيس الأسد لمعلولا زيارة واثقة بخطواتها وكلماتها ومحطاتها وتفاصيلها الإنسانية الحضارية الأخلاقية القيمية في الأديرة والكنائس والاستراتيجية الأمنية العسكرية والسياسية والاجتماعية الشعبية بجميع محطاتها والاستراتيجية المركبة بكامل معانيها ودلالاتها وزمانها ومكانها التي ظهّرت الإرادة والإدارة والمبادرة والانتصار الاستراتيجي وأضاءت وأضافت على الإنجاز الإعجازي لانتصار سورية .

ففي أبعادها ومعانيها الإنسانية تتمّ الزيارة لتؤكد لأصحاب مشروع القتل والتكفير والتدمير والهمجية والوحشية والغرائزية أنه ينحسر ويندحر، ولا يمكن لهمجيته أن تمحو تاريخ سورية، ولا يمكن لهذا المشروع أن يصمد أمام مشروعنا الحضاري الإنساني الذي يمثل مشروع الحياة والعلم والعقل والدين والوطنية والإنسانية، وها هو مشروعنا ينتصر، وها هو مشروعهم يتحطم ويندحر. وتؤكد في توقيتها في عيد الفصح أن سورية قامت حقاً وأن مباركة العيد هي بطعم النصر، وتتمّ الزيارة لتبارك لهذه الأرض الطاهرة المطهرة أرواح الشهداء الذين دفعوا الإرهاب عنها ودافعوا عن ترابها وارتقوا إلى العلياء من عسكريين ومدنيين وإعلاميين، وآخرهم شهداء «المنار»، وتدشّن في أبعادها الاستراتيجية الأمنية والعسكرية فتأتي الانتصار الاستراتيجي في القلمون ووضع حجر الأساس في الوقت نفسه لما بعد القلمون، وتشدّ على أيدي أبطال الجيش العربي السوري والدفاع الوطني الذين حققوا هذا الإنجاز ومن خلالهم كل مقاتل ومواطن مقاتل يتصدى لما تبقى من فلول الإرهاب على امتداد مواقع المواجهة مع الإرهاب. كما تؤكد على استراتيجية وطنية ثابتة راسخة حققت المعجزات هي قوة الجيش والشعب ووجدتهما في مواجهة الإرهاب، وأظهرت دور الأهالي في الدفاع عن بلداتهم وحولت كل مواطن إلى مقاتل، وحولت الدولة السورية كلها لمواجهة هذا الإرهاب والانتصار عليه وهزيمته. أكدت أيضاً وأيضاً على سلامة وصوابية والحزم في متابعة الحرب ضد الإرهاب وضربه بيد من حديد حتى اجتثاثه، وهذا بمثابة أمر عمليات وطني وقرار وخيار وطني لا رجعة ولا مراجعة فيه. كانت رسالة بليغة لكل من يدّعي الحضارة والديمقراطية والحرية نفاقاً ويدعم هذا الإرهاب الذي دمّر البشر والشجر والحجر وأكل لحوم البشر، بأن يلملم ويلجم وحوشه وضباعه وأن يعرف ويعترف بأنه يدعم إرهاباً ولا يدعم «معارضة» يسميها «معتدلة» ولا يدعم أو يريد «حرية» أو «ديمقراطية». وكانت الزيارة رسالة إلى من كان يراهن على مجاميع الإرهاب في القلمون التي كانت تعتبر أخطر مجاميع الإرهاب على امتداد الجغرافيا السورية بأسلحتها ومرتزقتها ومتزعميها وداعميها من السعودية والكيان «الإسرائيلي» وتركيا وقطر وما وراء المحيط، وها هي الآن تتلاشى ويوقّع الجيش العربي السوري بأقدامه على خواتيم معركة القلمون، وتبارك زيارة الرئيس الأسد هذا التوقيع، كأنها تقول للإرهابيين وداعميهم: كفاكم وهماً وحلماً. وهي رسالة تطمين لأهلنا الذين هجّرهم الإرهاب من بلداتهم وقراهم ومزارعهم أن يعودوا إلى ديارهم في القلمون، ولأهلنا في بقية المناطق بأنهم سيعودون إلى ديارهم، وبأننا عازمون وقادرون على دحر الإرهاب وتطهير كل شبر من أرضنا. وتدل هذه الزيارة بأبعادها الأمنية المطمئنة على أن الطريق إلى الاستحقاقات القائمة والقادمة معبدة ولا يمكن أحداً أن يعوقها من الناحية الأمنية، والقادم أفضل.. وفي الأبعاد والدلالات الإجتماعية الوطنية كانت لهذه الزيارة مفاعيل كبيرة وسريعة انعكست من خلال عودة الأهالي إلى ديارهم وتحملهم المسؤولية بالدفاع عنها وتحصينها ضد أي إرهابي. لكن الدلالة الأكبر في الزيارة بعدها الإجتماعي الشعبي الوطني، من خلال اللقاء العفوي للرئيس الأسد مع أهالي بلدة عين التينة التي تبعد نحو كيلومترين عن معلولا في طريق عودته، راسماً مشهداً وطنياً يمكن سحبه على سائر بلدات سورية عندما التف حوله المواطنين كباراً وصغاراً ونساءً ورجالاً ليحيوه ويباركوا له الانتصار ويبايعوه كقائد انتصار وقائد إعمار ويبارك لهم وبهم دفاعهم عن بلدتهم كنموذج ينسحب على كل بلدة. ويؤكد المشهد الثقة المتبادلة بين القائد وبين شعبه بلا حدود ولا قيود، لا سيما أنها تمّت في وقت تتحضر فيه سورية لاستحقاق تاريخي عبر انتخاب رئيس للجمهورية، ويعتبر الحدث سفراً جديداً في العمل السياسي وانتصاراً دستورياً وقانونياً وشعبياً لا يقل أهمية عن الانتصار العسكري بل يكمله ويكلله. هذه الزيارة تؤكد وترسخ وتظهّر أن الرئيس الأسد قائد استراتيجي تاريخي حضاري عسكري سياسي شعبي ووطني قائم وقادم، وهذا ما يريده ويحتاج إليه الشعب السوري ليكتمل الانتصار والإعمار، فما أكثر الرؤساء والملوك والأمراء، وما أقل القادة. والزيارة بجميع معانيها أثبتت أن الأسد قائد ورئيس .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى