ثلاثون دقيقة أسقطت جعجع مرشحاً رئاسياً ولاعباً سياسياً برّي يأمل في عدم انتظار «الترياق الخارجي» وحسم الخيارات لبنانياً

محمد ابراهيم

ثلاثون دقيقة كانت كافية لإسقاط ورقة التوت الانتخابية التي حاول سمير جعجع إخفاء «عورته السياسية» بها، وطمس تاريخه الأسود في الحياة اللبنانية.

ثلاثون دقيقة أنهت مهزلة ترشيح جعجع للانتخابات الرئاسية وأعادته إلى حجمه كملحق سياسي لا يصرف بالحسابات الانتخابية كرقم في المعادلة الرئاسية.

بعد نصف ساعة على فتح صندوق الاقتراع الرئاسية، أكدت محصلة الجلسة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية أن «14 آذار» عاجزة عن الاستمرار في تقديم مرشح عنها يملك واحداً في المئة من الحظوظ للوصول إلى بعبدا، بل عاجزة عن فرض جعجع مرشحاً جدياً طالما أن 8 أصوات منها ذهبت إما لهنري حلو أو إلى الأوراق البيضاء أو الملغاة.

هكذا تحوّل جعجع أمس من مرشح للرئاسة إلى عبء لم يعرف فريق الحريري وأعوانه كيف يتخلص منه بسرعة، لدخول المرحلة الثانية من الاستحقاق، أي مرحلة التفاوض على المرشح الجدّي للرئاسة.

في قراءة أولى لما جرى يقول مصدر نيابي بارز إن المعطيات التي أفرزتها جلسة الأمس تؤكد أن التفاوض حول الاستحقاق الرئاسي سيأخذ في الاعتبار سقوط ورقة ترشيح جعجع، وإن أصرّ على القول إنه مستمر في معركته، وسيتمحور حول خيارين: إما السير بالعماد عون كمرشح غالبية متمثلة بـ8 آذار و»المستقبل» والوسطيين، أو اختيار مرشح توافقي من الأسماء غير المحسوبة على فريقي 8 و14 آذار. ويضيف المصدر أن المعطيات المحلية والإقليمية والدولية لا تؤشر إلى إمكان حسم الخيارات قبل الجلسة الثانية التي أعلن عنها الرئيس بري الأربعاء المقبل.

ينقل عن رئيس المجلس في هذا المجال أن السفراء والدبلوماسيين الأجانب لم يطرحوا أمامه أسماء معينة للرئاسة، وإن حرص بعضهم في الوقت نفسه على السؤال عن المنحى الذي تتخذه الرياح المحلية في شأن الاستحقاق الرئاسي. ويرى أيضاً أن هناك فرصة جدّية للبننة الاستحقاق، معتبراً أن الجلسة الأولى قد تكون حافزاً لتفعيل هذا المنحى إذا ذهب الجميع باتجاه حسم خياراتهم من دون انتظار «الترياق الخارجي».

ينوي الرئيس بري الدعوة إلى جلسات انتخابية متتالية حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مؤكداً أنه إذا لمس أن هناك عناصر متوافرة يقرّب موعد الجلسة. ووفق المعلومات المتوافرة فإن ما وصل إلى مسامع المسؤولين في لبنان من واشنطن والدول الأوروبية حتى الآن، هو رغبة جامعة في تجاوز الاستحقاق الرئاسي من دون مضاعفات أو تداعيات سلبية، انطلاقاً من الحرص على الاستقرار في لبنان. لكن هذه الرغبة لم تقترن حتى الآن بإشارات واضحة وجدية حول هوية الرئيس الجديد واسمه، ما يعني أن هذه الدول تفضل عدم حسم خياراتها في هذا الشأن من الآن وربما تنتظر بلورة خياراتها على وقع التطورات في المنطقة.

لذا يرى المصدر النيابي أن ساعة الحسم لم تحن بعد، وأن اكتمال مشهد الاستحقاق الرئاسي يحتاج إلى مزيد من الجهد المحلي والمتابعة الخارجية. ولذلك يعتقد أن انتخاب الرئيس الجديد يحتاج إلى أكثر من أسبوع، علماً أن جلسة الأمس قد تحفّز اللاعبين في الخارج على الانخراط في بلورة الخيارات وحسمها قبل 25 أيار لتفادي الوقوع في الشغور الرئاسي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى