الترجيحات تؤكّد أن بعبدا ستشهد فراغاً في 25 أيار

حسن سلامه

بعد الجلسة الانتخابية الأولى وما تخلّلها، يبقى السؤال الأساس: ما هي الخيارات المطروحة بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي؟ وهل يمكن انتخاب رئيس قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان في 25 أيار المقبل؟

المعطيات التي تجمّعت لدى مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع تفيد بأن لا إمكان للتوافق على شخص الرئيس الجديد إذا استمرت الأجواء الخارجية على ما هي عليه راهناً، وإذا استمرّ رهان القوى الداخلية، تحديداً مواقف قوى «14 آذار»، على إيصال شخصية غير متوافق عليها مثل سمير جعجع.

من هذا المنطلق، كيف تنظر المصادر الدبلوماسية إلى التوجهات الإقليمية والدولية حيال انتخابات رئاسة الجمهورية؟

في تقدير المصادر، أنه رغم محاولات قوى «8 آذار» الدفع نحو انتخاب «رئيس صنع في لبنان» إلاّ أن المعطى الأهم حتى الآن هو المعطى الخارجي، لذا لا شيء يشي بإمكان حصول توافق إقليمي ـ دولي خلال الشهر المتبقي من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس يرضي جميع الأطراف، وتردّ المصادر هذا الاستبعاد إلى أكثر من مؤشر:

ـ أولاً، يعطي الغرب الأولوية اليوم لمسار الاستحقاقات الكبرى في المنطقة من الملف النووي الإيراني، إلى ما يسمى بالتسوية الفلسطينية ـ «الإسرائيلية» وصولاً إلى الوضع في سورية والانتخابات الرئاسية فيها وانتهاءً بانتخاب مصر والعراق.

ـ ثانياً، لا شيء يشي بأن العلاقة الإيرانية ـ السعودية تذهب نحو توافقات على القضايا الخلافية في وقت قريب. رغم المعلومات التي تحدثت عن أن السفير السعودي في طهران وجّه دعوة باسم قيادة بلاده إلى رئيس مجلس تشخيص النظام هاشمي رفسنجاني لزيارة السعودية.

ـ ثالثاً، إن سفراء الدول ذات التأثير بالوضع اللبناني لم يقوموا بأي تحرك أو تساعد فيت قريب المواقف بين القوى اللبنانية، رغم تحرّك السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل في اتجاه بعض القيادات اللبنانية. وتشير المعلومات إلى أن سفراء هذه الدول لا يعطون الأولوية لتوافق اللبنانيين على شخصية الرئيس الجديد، وإن تحدثت المصادر عن وجود رغبة خارجية في حصول الاستحقاق الرئاسي في موعده.

طالما أن المعطيات الخارجية غير ناضجة، ترى المصادر أن إمكان انتخاب الرئيس قبل 25 أيار، أي تمكن القوى السياسية من انتخاب «رئيس صنع في لبنان»، غير متوافر حتى الآن، ولا يبدو أن الأسابيع المقبلة قد تفضي إلى ذلك، ويرد هذه الصعوبة بحسب المصادر إلى:

ـ عدم وجود رغبة أو إرادة لدى قوى «14 آذار» ـ على الأقل حتى الآن ـ لدخول مشاورات واتصالات جدية مع القوى السياسية الأخرى بدءاً من قوى 8 آذار قد تؤدي إلى الاتفاق على رئيس توافقي، إما العماد ميشال عون أو شخصية يرضى عنها ويكون له القرار الحاسم في تسميته. وتضيف المصادر: إذا أصرت قوى «14 آذار»، خاصة «حزب المستقبل»، على الاستمرار في دعم ترشيح جعجع سيؤدي ذلك إلى إدخال المزيد من التعقيدات ليس في ملف الاستحقاق الرئاسي بل أيضاً في معالجة العديد من الملفات الساخنة.

لذلك، تؤكد المصادر على أن انتخاب رئيس «صنع في لبنان» لا يمكن أن يحصل إلاّ في حال توافق الكتل النيابية، أو معظمها على الأقل، على شخصية توافقية. لذا تقول المصادر إن «المستقبل» أمام امتحان جدي في الأسابيع المقبلة، بدءاً من جلسة الأربعاء المقبل، لناحية قدرته ورغبته في إنجاز الانتخابات قبل 25 أيار، وهذا يفترض إما التخلي عن دعم جعجع أو إقناعه بأن إصراره على الاستمرار بالترشح رهان خاسر.

ـ لا إمكان للسير في ما يسمى اللعبة الديمقراطية في انتخاب رئيس جديد من خلال جلسات تصويت مكتملة النصاب، وتقول المصادر: طالما أن لا أحد قادراً على تأمين ثلثي عدد أعضاء المجلس لتأمين النصاب، وطالما أن فوز المرشح يحتاج إلى النصف زائداً واحداً، فلا إمكان لدى أي قوى من 8 أو 14 آذار لتأمين النصاب أو حتى تأمين الأكثرية المطلقة، حتى إذا لم يتم تطيير النصاب، علماً أن النائب وليد جنبلاط يمثّل «بيضة القبان» في هذه اللعبة ويتضح جلياً أنه لن يسير في دعم مرشح لأي من الفريقين، إذا لم يكن هناك توافق على اسم الرئيس الجديد.

في خلاصة القول، تؤكد المصادر أن «14 آذار» تدرك تماماً أن تمسكها بترشيح جعجع أو حتى تبنّي مرشح آخر من هذا الفريق، فالنتيجة ستكون نفسها، أي لا نصاب، وفي الحد الأدنى لا إمكان لها لإيصال رئيس من دون التوافق مع قوى 8 آذار والنائب جنبلاط، خاصة أن لا مصلحة وطنية في إيصال رئيس تحدّ أو رئيس يخرج على الثوابت الوطنية، تحديداً ما يتعلق بالمقاومة ودورها، فوصول مرشح معادٍ للمقاومة وخارج على الثوابت يدخل البلاد في أزمات كبرى، وهذا ينطبق على رئيس «القوات» وربما أسماء أخرى من فريق «14 آذار».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى