المصالحة الفلسطينية فرصة لا عقبة!

كتب كل من تسفي برئيل وعموس هرئيل في صحيفة «ها آرتس» العبرية:

يمكن اعتبار اتفاق المصالحة بين فتح وحماس، فرصة لا عقبة، على رغم أن طريق المصالحة ما زال طويلاً ومليئاً بالعثرات. وبالتالي يجب النظر إلى الاتفاق باعتباره فرصةً لا تهديداً.

بعد أن ادّعى نتنياهو بأنه لا يمكن التقدّم في التسوية، لأن عباس لا يمثّل كل الفلسطينيين كون السلطة لا تسيطر على غزة، فإن الاتفاق في حال نجاحه يشكل جواباً على ادّعاء نتنياهو هذا.

إن الطريق نحو تشكيل حكومة وحدة طويلة فلسطينية، محفوفة بالألغام، لكن الظروف السياسية التي تواجهها السلطة الفلسطينية وحركة حماس من شأنها أن تساهم في المصالحة.

إن موقف حكومة نتنياهو من المصالحة كان عدائياً وأهوجَ، على رغم أن الاتفاق يواجه عقبات تحول دون تطبيقه. مع ذلك، فإن المصالحة بين فتح وحماس لا تعني خراب الهيكل الثالث، خصوصاً أنّ الجانبين أظهرا في الماضي موهبة خاصة في نسف الاتفاقات بينهما، لكن المصالحة الحالية توفر لنتنياهو ذخيرة دعائية تخدم جهوده الهادفة إلى إثبات أنّ الفلسطينيين هم من تسبّبوا في انهيار المفاوضات.

لم تكد تمرّ دقائق على إعلان التوصل إلى اتفاق المصالحة، حتّى شنّ مكتب رئيس الحكومة هجوماً على كل الجبهات، كان أكثرها هيستيرية، تصريحات المتحدث بِاسم نتنياهو أوفير غندلمان، الذي قال إنّ «إسرائيل» قادرة على سحق حماس وفتح.

مواقف نتنياهو وبعض وزرائه كانت عدائية ومتوقعة، وهذا هو ردّ الفعل الذي يميّز حكومة «إسرائيل» إزاء أيّ تغيير يحصل في الشرق الأوسط. هذا ما كان حين أطيح بحسني مبارك، وحين فاز حسن روحاني في الانتخابات الإيرانية، وحين التوصّل إلى اتفاق موقت بين الدول العظمى وإيران حول برنامجها النووي، وها هو يتكرر اليوم، ما يشير إلى ارتباك «إسرائيلي» يرى في أيّ تغيير للوضع القائم تهديداً لا فرصة.

إنّ ردّ الفعل هذا لم يكن متوقعاً فحسب، بل منافقاً أيضاً، فخلال وجود نتنياهو على رأس الحكومة، أجرى محادثات مع حماس، وتوصل إلى اتفاقين مكتوبين، الأول حول تبادل الأسرى، والثاني حول وقف إطلاق النار.

إنّ نتنياهو الذي استنزف عباس خلال عملية إطلاق سراح ثمانين أسيراً قضوا أكثر من عشرين سنة في السجون «الإسرائيلية»، وأدّى رفضه إطلاق سراح 14 أسيراً فلسطينياً من «عرب 48» إلى تفجير المفاوضات. كان على استعداد لإعطاء حماس ألف أسير بكامل لياقتهم البدنية، بمن فيهم «عرب 48». لكنه رفض في المقابل، إعطاء عباس أيّ رمز من رموز السيادة في الضفة الغربية.

وأيضاً، تجاوزت وزيرة القضاء تسيبي ليفني حدود النفاق، بتماهيها مع خطّ نتنياهو، وادّعائها أنّ اتفاق المصالحة الفلسطيني من شأنه أن يمسّ بجهود التسوية وفرصها. لكن فات ليفني أن تقول إنّ إحياء المفاوضات لو تحقق، لن يكون أكثر من استمرار للمحادثات العبثية التي اضطلعت بها طوال الأشهر الثمانية الأخيرة.

كان يُتوقع من «إسرائيل» التي تقول إنها تسعى إلى دفع حلّ الدولتين، أن تعبّر عن سرورها بتوقيع الاتفاق بين حماس وفتح، وترى فيه فرصةً لا تهديداً. إذ إنّ نجاح الاتفاق يعطي إجابة على ادّعاءات نتنياهو وليبرمان، ومن شأنه أن يدفع باتجاه حكومة تمثل كل الفلسطينيين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى