من يسعى لدفع حزب الله إلى زواريب بيروت؟

د. وفيق ابراهيم

تؤدي قوى تاريخية في بعض الأحيان أدواراً عظيمة لها مفاصل استراتيجية في الدفاع عن الأمة وهي تنهار.

الدفاع لا يكون عادة بالصدفة، إنه ثمرة تخطيط إنما بقوات متواضعة تولّت القتال حين فرّ الآخرون، وتقدمت حين انهار النظام العربي العام. ووجدت نفسها أمام مسؤوليات تقع عند مفارق الحركات الكبرى.

هذا بالطبع ترميز واضح إلى حزب الله، وجد نفسه يقاتل القوات المتعددة الجنسية، فعجّل بفرارها إلى خارج لبنان ببضع عمليات استشهادية فعلية على النسق الإسلامي الفعلي، واندمج في حرب ضروس استمرت ثماني عشرة سنة وتجددت في 2006 حتى انقطع دابر «إسرائيل» من الجنوب إلى غير رجعة.

والمناوشات التي تندلع بين الفينة والأخرى في مناطق الحدود، إنما هي ربط نزاع بانتظار معارك أخرى. لأنّ الطرفين لم يقبلا بالنتيجة، الحزب يريد إنشاء مؤسسة مقاومة دائمة تدافع عن البحر والأرض وتستعيد ما بقي محتلاً. و«إسرائيل» تتحيّن الفرص للعودة مجدّداً إلى قلب لبنان. وهكذا تستمرّ باحتلال الجولان وتفتح على موضوع الغاز والمياه.

لا تذهب هذه المقالة نحو تمجيد حزب الله على رغم أحقيته في وقفة عربية صادقة وكبيرة توجه تحيات صادقة إلى هذا الحزب ذي الدور الرسولي في زمن البلاء الأسود. أي عصر الدفع في اتجاه حروب الطوائف والمذاهب.

وكأن مذاهب الأمة تختلف على مواد فقهية رفض حزب الله الانخراط في هذه الحرب الداخلية العبثية. وسكت على ظلم ذوي القربى مؤثراً تحديد «إسرائيل» عدواً أساسياً للمنطقة.

فحين أخرج السادات مصر من عروبتها وأفريقيتها ملتصقاً بـ«إسرائيلية» لعينة. وحين صالح فلسطينيو محمود عباس «الإسرائيليين» في مشيختهم في رام الله. وأعلن ملك الأردن صلحاً مع «إسرائيل» في وادي عربة، كان معقوداً بشكل سري منذ نصف قرن.

أبى حزب الله الاستسلام، تحالف مع غزة ودعم مع سورية وإيران أهلها ومسلحيها في حركة مقاومة غير مسبوقة على رقعة صغيرة لا يمكن القتال فيها إلا للمجاهدين القديسين.

هذه بعض مواهب هذا الحزب الذي رماه القدر في قلب قضايا العرب، فكان جريئاً في تحمّل مسؤولياته.

وفيما يحتفل حزب الله بأعياد التحرير يسجل المراقبون حذراً في إمكان استفزازه وجذبه نحو معارك الزواريب في العاصمة اللبنانية، وما جرى في عمشيت من تظاهرة «مستقبلية» وأخرى من مسيحيّي 14 آذار يشير إلى أنّ وراء الأكمة ما وراءها.

ويُخشى أن يستفيد بعض الإرهابيين من تحالفات حزب المستقبل أو من المنتسبين إليه إلى تفجير أوضاع أمنية بهدف توريط حزب الله وتحميله مسؤوليات هو بغنى عنها، خصوصاً في البقاعين الأوسط والغربي وبعض أحياء طريق الجديدة حيث ينتشر الأصوليون التكفيريون كالفطر وجهات الشمال في عكار وزواريب طرابلس.

وهناك في حزب المستقبل من يسعى إلى اعتقال كلّ المتورّطين السابقين عمر بكري وقادة الأحياء وذلك لإعادة إنتاج شبكات جديدة غير معروفة تستطيع تنفيذ عمليات بسهولة.

إنّ أيسر الحلول لمنع تفجر محاولات اغتيال واشتباكات أمنية، لا يكون إلاّ بتعزيز دور السلطة وبإيلائها الحق المشروع في ضبط الأمن حيث يجب أن يُضبط. وحزب الله أول الداعمين، وقد كان السيد حسن نصر الله واضحاً وإلى حدود القساوة حين أعلن أنّ الحزب ليس في حاجة إلى رئيس يحميه بل يحتاج إلى رئيس للبلاد، لأنّ حزب الله يستطيع حماية الدولة والجيش… والشعب، والتفسير هنا أنّ المقاومة هي الشعب، خرجت من أحشائه، فهو يدافع عنها وهي تقدم له الغطاء والدعم.

فهل يرعوي أصحاب المشاريع المذهبية؟ فيعودون إلى رشدهم القويّ مع إعادة تصويب للبندقية نحو العدو «الإسرائيلي»، وهذا يتطلب دوراً أكبر لولي الأمر في حركة إعادة العقل لمن فقده.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى