الرياض من «رأس المالكي مقابل رأس داعش» إلى «الثلث المعطل للحكومة»… وواشنطن تترقّب

كتب المحرر السياسي

مع كلام العماد ميشال عون ليلة أمس باتت خريطة طريق الفراغ الرئاسي أوضح، حيث لا وقف للحوار مع الرئيس سعد الحريري ولا نتائج قريبة متوقعة، وحيث لا فرص توافقية قريبة ولا إدارة أحادية للحكومة وصلاحيات الرئاسة، بل اللجنة السباعية التي قاربت من الوصول إلى تحديد مهامها لتسهيل انعقاد مجلس الوزراء، والجنرال لن يترشح إلا عندما تتبلور الصورة السياسية الرئاسية، ولن يشارك وتكتله في الجلسات الانتخابية لسحب ورقة يانصيب بلا توافق مسبق، والرئيس بري حليف وعبارة حليف حليفي مزحة.

لبنان سينتظر من دون تحديد ماذا ومن؟

لبنان سينتظر والمعلوم أنّ الانتظار يتوقف قطاره عندما تصل الإشارة السعودية الخضراء إلى التيار الأزرق بسحب مرشحه سمير جعجع والدخول في البحث التوافقي لرسم الصورة النهائية للرئاسة.

السعودية كانت تراهن على مقايضة رحيل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بحلّ لبناني يسمح بوصول العماد عون إلى الرئاسة لو جاءت رياح الانتخابات العراقية بما تشتهي سفن الرهانات السعودية، وهي اليوم تعلن خيارها العراقي وتنتظر نتائج الردّ الإيراني.

إيران ليست جاهزة لمفاوضة أحد لا في واشنطن ولا في الرياض ولا في أنقرة حول العراق، وكلّ جهودها لدعم رئيس الوزراء العراقي، وخطته التي بدأت تعطي ثمارها بتحصين بعقوبة عاصمة محافظة ديالى الحدودية مع إيران، واسترداد أحياء كانت بيد تنظيم داعش، ومصادر المالكي تتحدث عن نصف مليون متطوّع سيكونون على خطوط المواجهة مطلع الشهر المقبل لبدء الهجوم المعاكس، وأن «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».

الرياض التي تنتظر منها واشنطن إشارات واضحة حول مستقبل البحث السياسي، وتمنحها فرصة تحقيق مكاسب قبل الدخول في دعم معلن وكامل لحكومة المالكي، لا تزال مربكة بعد فشل مشروعها الذي رفضته طهران بمقايضة رأس المالكي برأس داعش، وفق معادلة تقوم على تنحّي المالكي عن رئاسة الحكومة والمجيء بشخصية أخرى تختارها طهران ولا مشاكل لها مع السعودية، تشكل حكومة ائتلافية تضمّ مكوّنات ترتاح لها السعودية في محافظات الوسط التي سقطت بيد داعش وحلفائها، مقابل تعهّد السعودية بدعم الحكومة في المواجهة العسكرية بعد سحب العشائر والشخصيات المحسوبة على السعودية إلى دعم الحكومة الجديدة وطي صفحة التمرّد وتغطيته.

انتقلت الرياض بحسب مصادر مواكبة للمفاوضات والعروض التي تنتقل بصورة غير مباشرة عبر وسطاء إلى معادلة جديدة، عنوانها الثلث المعطل في الحكومة لمحافظات الوسط بأسماء ترضاها السعودية ولا مانع أن تكون الرئاسة للمالكي، فجاء ردّ المالكي فلتهتم الحكومة السعودية بشؤون بلدها وتنهي التهميش والإقصاء بحق شرائح واسعة من مواطنيها، وصولاً إلى اتهام السعودية بتمويل الحراك الانقلابي الذي تعرّض له العراق قبل أيام.

التشنج التفاوضي يعني أنّ المواجهات العسكرية ستتواصل بلا سقف سياسي لإنهاء اختبارات ورهانات القوة، خصوصاً بعدما نقلت مصادر بحرينية حكومية إلى ديبلوماسيين عرب معلومات عن مفاوضات كانت قد أجريت قبل أسبوع من الانفجار العراقي بين الحكومتين العراقية والسعودية على مستويات ديبلوماسية واستخباراتية، لصفقة مقايضة أمنية تتضمّن رجال دين في السعودية والبحرين تهتمّ المرجعية لأمرهم، مقابل تحديد طلبات سعودية من العراق، وأنّ الصفقة تعطلت بسبب تقدم السعودية بأسماء لسعوديين معتقلين في العراق بسبب تورّطهم مع «القاعدة» من مواقع قيادية في التمويل والتخطيط من جهة، وبعدما ذهبت الحكومة السعودية إلى تصعيد وتسريع الملف القضائي للشيخ السعودي المعارض نمر النمر نحو استصدار حكم بإعدامه، لوضع العفو عن طارق الهاشمي الذي طلبته السعودية ورفضه المالكي مقابل البحث بالعفو الملكي عن الشيخ النمر.

بري: جلسة اليوم كسابقاتها

بقيت الساحة الداخلية في حالة جمود وترقب، لا سيما أنه لم يطرأ على ملف الاستحقاق الرئاسي أيّ جديد، وقد توقع رئيس المجلس النيابي نبيه بري عشية جلسة اليوم أن يكون مصيرها كسابقاتها في ظلّ عدم بروز أية معطيات جديدة، وقال إنه سيبقى يدعو إلى الجلسات المتتالية سعياً إلى انتخاب الرئيس، لكنه ألمح إلى «أن الفترات ستكون أطول بين الجلسة والجلسة».

جنبلاط سيطلب من الحريري عدم دعم عون

وفي هذا السياق، دعت مصادر نيابية إلى ترقب نتائج اللقاء المتوقّع بين رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، علماً أن جنبلاط غادر بيروت أمس إلى باريس للقاء الحريري.

وقالت المصادر إنّ جنبلاط سيحاول إقناع الحريري بإعلانه موقفاً نهائياً من موضوع الحوار مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، وتحديداً إعلانه أنه لا يدعم ترشحه لرئاسة الجمهورية، وأوضحت المصادر أنّ الهدف الأساس الذي يريده جنبلاط من وراء اجتماعه مع رئيس تيار المستقبل أن يحسم الحريري موقفه من موضوع الانتخابات الرئاسية بما يتيح المجال لبدء حوار سياسي يؤدي إلى التوافق على مرشح لرئاسة الجمهورية مع استبعاد عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.

إلا أنّ المصادر رجّحت أن لا يحسم الحريري موقفه، لأنّ الأخير يريد إبقاء التواصل في هذه المرحلة مع العماد عون لأكثر من سبب، منها أنّ السعودية لم تحسم موقفها حتى الآن من الملف الرئاسي.

عون: لن تبكوا على موقع الرئاسة بعد اليوم

أما رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون فأكد أنه يستطيع أن يكون رئيساً وفاقياً، داعياً من يمكنه ذلك إلى أن يقدم ترشيحه أيضاً، وفيما شدّد عون على أنّ الرئاسة للمسيحيين ولا يشحذها من أحد، لافتاً إلى أنه الأقوى بمن يمثل، توجه للمسيحيين بالقول: «لن تبكوا على موقع الرئاسة بعد اليوم»، وللمسلمين قال: «إنّ الانتظار ليس لمصلحة أحد».

وفيما أكد أنه لا يعترف بالمجلس النيابي مشيراً إلى أنه طعن بشرعيته ولم يحصل على نتيجة الطعن حتى الساعة، قال: «من حقّ المجلس النيابي التشريع لإعادة تكوين السلطة حتّى في ظلّ غياب رئيس الجمهوريّة». واعتبر عون أنه «لا يمكن للحكومة أن تحكم وكأنّ رئيس الجمهوريّة موجود».

وأشار إلى أنه تكلّم مع الحريري عن تهدئة الوضع وتأمين الاستقرار في لبنان وعن قانون انتخابي جديد، وهو قانون النسبيّة مع تقسيم لبنان إلى 15 دائرة، ولكنّ الحريري لم يعطِ جواباً حتّى الساعة. وردّ عون على كلام جنبلاط بأنه لن ينتخبه، قائلاً: «حتّى الساعة لم أطلب من جنبلاط دعمي للرئاسة، ولذلك لا لزوم لكلّ هذه الضجيج الإعلامي».

تقدم جزئي في «السلسلة»

أما في موضوع سلسلة الرتب والرواتب، فمعلومات مصادر نيابية مواكبة لحركة الاتصالات حولها أن تقدماً جزئياً حصل خلال اليومين الماضيين من حيث بتّ بعض البنود العالقة والخلافية، لكنها لاحظت أنّ كتلة المستقبل لا تبدو حتى الآن جاهزة لتليين اعتراضاتها على بعض البنود، خصوصاً ما يتعلق بالدرجات الست للمعلمين وبعض حقوق العسكريين.

بين بهية والمستقبل

وتحدثت مصادر مطلعة لـ»البناء» عن أنّ الرئيس سعد الحريري يحاول إلزام النائب بهية الحريري بأن تسير بموقف الرئيس فؤاد السنيورة من سلسلة الرتب والرواتب.

وأكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ»البناء» أنّ إقرار السلسلة ينتظر الاتصالات التي ستجرى اليوم بين كلّ الكتل السياسية، وإذ لفتت إلى أنّ التنسيق دائم مع النائب بهية الحريري المتضامنة مع الأساتذة، أكدت ضرورة أن تتوازن الايرادات مع النفقات، ومقاربة الأمور بحكمة بعيداً عن الغوغائية والشعبوية، لأن من شأن الضرائب أن تثقل الاقتصاد.

وأشارت مصادر النائب بهية الحريري لـ«البناء» إلى أنّ الاتفاق تمّ بين الكتل السياسية على تجزئة الدرجات الست، مشيرة الى أنّ وزير التربية الياس بوصعب سيجتمع اليوم مع هيئة التنسيق للتشاور معهم في هذا الشأن.

في المقابل نفى عضو هيئة التنسيق النقابية نعمة محفوض لـ«البناء» أن يكون أي من الكتل النيابية قد تشاور معهم أو اتصل بهم في هذا الشأن، لافتاً إلى أن الدرجات الست تختلف بين صيغة وأخرى، فالدرجة التي تحسب على راتب مليوني ليرة تختلف عن درجة تحتسب على أساس راتب مليون ونصف، معتبراً أنّ التعديلات التي أدخلتها لجنة النائب ابراهيم كنعان على صيغة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي كانت إيجابية، إلا أنها تحوّلت إلى سلبية في لجنة عدوان. وحمّل السياسيين الذين سيمتنعون عن حضور الجلسة غداً مسؤولية استمرار الاضراب ومقاطعة التصحيح.

اتصالات متوقعة اليوم

ومن المنتظر أن يشهد اليوم مزيداً من المحاولات والاتصالات الجادة لإنجاح جلسة السلسلة غداً، حيث ستترأس النائب الحريري اليوم اجتماعاً للجنة التربية، على أن تلتقي أيضاً الرئيس نبيه بري بعدما زارت عقب اجتماعها مع رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع.

وجرى تواصل أمس بين وزير المال علي حسن خليل ورئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة، وقالت مصادر مطلعة لـ»البناء»: «إنّ الأمور بين ـ بين، ولم ينته النقاش حول بعض البنود، لا سيما حول الـT.V.A ودرجات المعلمين»، مشيرة إلى «أنه لا يمكن القول إنّ الجو إيجابي أو سلبي». وأضافت أنّ أروقة مجلس النواب ستشهد اليوم مزيداً من التواصل والتداول في هذا الموضوع، آملة في أن يحصل تعديل إيجابي في موقف «المستقبل» التي لا تزال تطلق مواقف ضبابية وغير ملموسة وقد تمتنع عن حضور الجلسة غداً كما فعلت في الجلسة السابقة.

أما الرئيس بري فقد أكد أمس على مناقشة الهيئة العامة للسلسلة، مشدداً مرة أخرى على عدم العودة إلى اللجان أو غير ذلك.

مؤتمر روما لدعم الجيش

في سياق آخر أكد مؤتمر روما الذي انعقد بمشاركة 43 دولة بالإضافة إلى هيئات دولية وإقليمية لدعم قدرات الجيش اللبناني، استعداد المجتمع الدولي لمساعدة الجيش اللبناني. وأشار المجتمعون إلى أنّ مجموعة الدعم الدولية عملت على حشد المزيد من الدعم للبنان في مجالات أساسية، بما في ذلك ما يتعلق بمساعدة النازحين من سورية ودعم المجتمعات المحلية المستضيفة والبرامج الحكومية التي تأثرت من جراء الأزمة السورية، فضلاً عن دعم القوات المسلحة اللبنانية وهي تعمل على مواجهة التهديدات المتزايدة لأمن لبنان.

أمنياً

إلى ذلك، عادت الإجراءات الأمنية من القوى المولجة تنفيذ الخطة الامنية إلى الضاحية الجنوبية، وعلمت «البناء» أنّ هذه الإجراءات ستتكثف وتتصاعد في الأسبوعين المقبلين مع تطوير العمل التعقبي لاجتثاث الخلايا النائمة التي تمّ اكتشافها. وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أنّ هذه الخلايا الإرهابية النائمة كانت تنتظر بعض المتغيّرات الاقليمية لكي تستطيع من خلالها تنفيذ عمليات انتقامية في الضاحية باستهدافها مراكز انسانية ومستشفيات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى