جولة للحريري إلى عرسال؟
ناصر قنديل
– لقيت جولة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في الجنوب إثر الجولة الإعلامية التي نظمها حزب الله وأوصل خلالها رسائل الردع التي يريدها، اهتمام «الإسرائيليين» خصوصاً بتعليقاتها الخجولة على ما قاله حزب الله، بعدما كانت قناته التلفزيونية قد قالت كلاماً قاسياً بحق الجولة واعتبرتها خرقاً خطيراً للقرار 1701 وانتظر «الإسرائيليون» سماع ذلك من الحريري فلم يسمعوه، لتصير الجولة من موقع تجاهل ما قام به حزب الله نوعاً من التغاضي المبتادل على البارد لقضية خلاف، أنهتها مأدبة غداء بدعوة من رئيس المجلس النيابي في صور، حضرها الحريري والوزير محمد فنيش ممثلاً حزب الله، و«يا دار ما دخلك شرّ».
– أُحبط «الإسرائيليون» وما بقي إلا ما قاله وما فعله حزب الله، فسقف اهتمام مَن راهنت أنهم سيقفون بوجه حزب الله، هو مخاطبة المجتمع الدولي بمعادلة، مهما فعل حزب الله، فالحكومة ملتزمة بالقرار 1701، وطالما «إسرائيل» التي تنتهك القرار لا تجرؤ على المراجعة بما تسمّيه انتهاكات لحزب الله، فرئيس الحكومة لن يفتح معركة مجانية مع الحزب، ليحقق الحزب بواسطة رئيس الحكومة بنداً من بنود أهداف الجولة، وهو ربط كلّ نقاش حول القرار الأممي بالانتهاكات «الإسرائيلية» بداية، وبقيت سائر الرسائل التي تقصّدها حزب الله من الجولة تفعل فعلها وتشغل الإعلام والسياسة والأمن في كيان الاحتلال، وضاعت كلمات قناة المستقبل وأخواتها والعزف المنفرد الذي رافقها لرئيس القوات، في الهواء.
– لبنانياً، بدت زيارة رئيس الحكومة غير المقرّرة، بمثابة دعوة وجّهها حزب الله للمشاركة بجولته تمّت بتأخير يوم واحد لتلتقي مع موعد دعوة مأدبة غداء رئيس المجلس النيابي في صور، بينما الوضع في الجنوب بحكم جهوزية الجيش والمقاومة لا يؤذن بمخاطر قريبة أو جدّية، فمعادلات الردع التي تحكم المواجهة هناك تجعل الحرب خطراً بعيداً، بينما الحرب خطر داهم على جبهة عرسال، بعدما أتمّ الجيش السوري تقدّمه في جبهات القتال المحيطة كلّها، سواء من ناحية حي الوعر في حمص أو من ناحية الزبداني، ويتهيأ الجيش للتقدّم لحسم الوضع في بقية القلمون، حيث التداخل الحدودي يفترض خطر نزوح مسلحي النصرة وداعش نحو عرسال اللبنانية، ويفرض لمنع المحاذير تنسيقاً لبنانياً سورياً وحضوراً فاعلاً بغطاء سياسي للجيش اللبناني، لا يحتاج الجيش أيّاً منهما جنوباً.
– جولة لرئيس الحكومة برفقة وزير الدفاع وقائد الجيش إلى الحدود الشمالية الشرقية إيذاناً بمرحلة جديدة في التعامل مع الوضع السائد في عرسال تبدو ضرورية، ولا أحد يعلم ما إذا كانت مشروطة بجولة ينظمها حزب الله إعلامياً على تلك الجبهة ومأدبة غداء في اليوم الثاني يدعو إليها رئيس المجلس النيابي. ولا مشكلة في أن يُسأل رئيس الحكومة عن رأيه بجولة ينظمها حزب الله على مواقعه في القلمون، وأن يقول هناك لا علم لنا بالجولة ولا نؤيدها، لكن الحكومة حاضرة هنا، كما في البيان الوزاري للحكومة أمام المجلس النيابي؟