رغم المعوقات التي تقف في طريق عمله… إنفانتينو يطمح إلى تطوير كرة القدم
أكد الرئيس الجديد للاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جاني إنفانتينو بعد انتخابه لهذا المنصب خلفاً لمواطنه المستقيل جوزيف بلاتر أن ترميم صورة الفيفا وسمعة الاتحاد الدولي وتطوير كرة القدم هما من أبرز أهدافه.
وقال الرئيس الجديد للاتحاد الدولي لكرة القدم: «في عام 2020، أريد أن أرى تطوراً كبيراً في كرة القدم في كل أنحاء العالم، في كل البلدان، وأريد أن أرى أعمالاً ملموسة يقوم بها الفيفا وكل اتحاد وطني في ما يتعلق بتنمية كرة القدم».
وتوجه إنفانتينو الى الشركاء التجاريين للفيفا والرعاة وناقلي المباريات، ودعاهم الى استعادة الثقة بالاتحاد الدولي، مشيراً الى أنه سيختارُ أميناً عاماً غير أوروبي.
المطلوب استعادة الثقة بالفيفا…
وسيدشن جياني إنفانتينو أول أيام عمله كرئيس جديد للاتحاد الدولي اليوم الاثنين بالمشاركة في مباراة لكرة القدم مع موظفي الفيفا الذي لا يزال يترنح من أسوأ أزمة عبر تاريخه.
وتجسد المباراة فكرة عودة الفيفا إلى اهتمامه وتركيزه الأول وهو كرة القدم وهي أولوية ضاعت وسط فضائح فساد طالت مسؤولين بارزين في المنظمة الدولية وتسببت في إيقاف الرئيس السابق سيب بلاتر لست سنوات.
وعندما يدخل إنفانتينو مكتب الرئيس في مقر الفيفا في زوريخ سيتعين عليه التعامل سريعاً مع مشاكل مالية وإدارية والعمل على استعادة ثقة الرعاة والعاملين في المؤسسة الذين نالت المشاكل الأخيرة من حماسهم وكذلك الأندية واللاعبين الذين شعروا بخيبة أمل شديدة لما جرى.
وسيتعين على الأمين العام السابق للاتحاد الأوروبي أيضاً إزالة أي شكوك حول أنه انتخب للدفاع عن مصالح قارته.
ويواجه مسؤولون في الفيفا تحقيقات جنائية في الولايات المتحدة وسويسرا لكنها أمور تأتي في خلفية المشهد أكثر منها مصدر قلق فوري للمسؤول السويسري.
وستكون من أولى مهام الرئيس الجديد تعيين أمين عام لإدارة الشؤون اليومية وهو منصب أشار إنفانتينو إلى أنه سيذهب إلى مسؤول غير أوروبي.
ومن أولوياته أيضاً رفع معنويات موظفي المؤسسة الذين يبلغ عددهم نحو 400 شخص كثير منهم يتمتعون بمؤهلات على أعلى مستوى، لكنهم حاولوا على مدار آخر ثمانية أشهر تجاهل الفوضى التي ضربت أعلى الهرم القيادي.
وقال إنفانتينو في المؤتمر صحافي عقب انتخابه: «لقد مرّوا بفترة عصيبة وأريد أن أبلغهم أني أعول عليهم وأؤمن بقدراتهم وسنفعل أشياء رائعة سوياً».
استياء اللاعبين
وتسببت المشاكل التي ضربت الفيفا في إخفاق المنظمة في إبرام عقود رعاية جديدة وتواجه عجزاً بلغ 108 مليون دولار في 2015 طبقاً لسوكيتو باتل عضو لجنة الامتثال والمراجعة المستقلة.
وقال باتل إن هناك عجزاً يبلغ 530 مليون دولار بين الإيرادات المتوقعة والعقود الفعلية الموقعة حتى الآن للفترة بين 2015 و2018.
وسيتعين على إنفانتينو الوفاء بالتعهدات السخية بزيادة الدعم للاتحادات 209 الأعضاء في الفيفا والتي قطعها على نفسه أثناء حملته الانتخابية.
وعن ذلك قال المسؤول السويسري: «يتعين استعادة ثقة الرعاة في الفيفا. لو نجحنا في تحقيق ذلك ستزيد الإيرادات ولن يشعر الاتحاد الدولي بالقلق على مستقبله». وتابع: «أتمتع بخبرة كبيرة في هذا المجال. من واقع خبرتي لم يتعرض الاتحاد الأوروبي للإفلاس في أي فترة بل على العكس زادت الإيرادات».
وسيكلف أيضاً بمهمة إصلاح الجسور مع الأندية واللاعبين الذين اشتكوا من تهميشهم خلال وضع بنود عملية إصلاح أدت إلى الموافقة على حزمة قرارات قبل انتخاب إنفانتينو.
وتعتمد المسابقات التي ينظمها الفيفا على اتفاق هش جرى التوصل إليه مع الأندية تترك بموجبه لاعبيها لخوض المباريات مع منتخباتهم الوطنية في مواعيد محددة سلفاً تعرف بجدول المباريات الدولية.
وتقدم اتحاد اللاعبين المحترفين العام الماضي بشكوى قانونية إلى المفوضية الأوروبية ضد نظام الانتقالات في كرة القدم قد يكون لها تداعيات واسعة.
وبدلاً من تهنئة إنفانتينو بانتخابه أصدر اتحاد اللاعبين المحترفين بياناً غاضباً قال فيه: «إن لديه نظره قاتمة للعملية برمتها». وتابع: «الطريقة التي يدار بها الفيفا تقوم على أساس تبادل المصالح وتقديم إغراءات مالية إضافة إلى تدخلات القوى الرئيسية والحكومات».
وأضاف اتحاد اللاعبين المحترفين: «تم تجاهل اللاعبين مثلهم مثل الأندية وروابط الدوري والجماهير في عملية الإصلاح الأخيرة».
وأشار البيان إلى أن حقوق 65 ألف لاعب محترف في جميع أنحاء العالم «غالباً ما يتم تجاهلها بشكل صارخ واستغلالها نتيجة للطبيعة الاحتكارية للفيفا».
وستكون المحافظة على وحدة الفيفا من أولويات فترة رئاسة إنفانتينو.
في الإطار ذاته، صوتت أجزاء واسعة من قارتي أفريقيا وآسيا لمصلحة البحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة كما أقر حلفاء إنفانتينو في أميركا الجنوبية أن لديهم بعض الاعتراضات على تكالب الأندية الأوروبية على تفريغ دولهم من المواهب الواعدة.
وقال فيلمر رئيس اتحاد كرة القدم في أوروغواي للصحافيين: «أبلغنا إنفانتينو بصراحة أن هناك تعارضاً في المصالح بسبب الطريقة التي تعمل بها سوق الانتقالات الأوروبية».
وبلاتر يحذر ويعرض «خدماته»
من ناحية أخرى وفي السياق نفسه، عرض السويسري جوزيف بلاتر الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا خدماته على الرئيس الجديد، لكنه أخبره بأنّ عليه أن يتوقع مواجهة «المعجزات وأنّ الأصدقاء باتوا نادرين».
وقال بلاتر في خطاب مفتوح نشرته صحيفة «جورنال دو ديمانش» الفرنسية أمس: «أهنئك، لكن عليك أن تتذكر أنّ المنصب الذي سعيت إليه لن يكون سهلاً، المعجزات متوقعة».
وأشار بلاتر إلى أنّ الإصلاحات التي تم تمريرها خلال الكونغرس الاستثنائي للفيفا في زيوريخ ستساعد خليفته إنفانتينو في مساعيه لاستعادة المصداقية للفيفا الذي تأثر كثيراً بفضائح الفساد المتتالية.
وأضاف: «المعجزات ستتحقق بفضل التصويت بغالبية ساحقة على إجراءات الإصلاح، التي بدأتها بنفسي». وتابع: «إذا بالصدفة احتجت إلى رأيّ أو نصيحة لا تتردد، بالنسبة للوقت الحالي عليك أن تتحلى بالهدوء، أمامك شهران لتنفيذ القرارات التي تمّ اتخاذها».
وأكّد بلاتر أنّ إنفانتينو ينبغي أن يتحلى بالحذر، مشيراً: «في الوقت الذي يدعمك فيه الجميع ويقول لك كلمات رائعة، فعليك أن تعلم بأنّه مجرد أنّ أصبحت رئيساً فإنّ الأصدقاء أصبحوا نادرين».
والعرب يأسفون…
لقد فشلت المنطقة العربية في الاتحاد خلف مرشح عربي واحد في انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا وترك المرشحان العربيان الباب مفتوحاً أمام السويسري جياني إنفانتينو ليخطف الفوز بعد أن حصل على 88 صوتاً بالجولة الأولى بفارق ثلاثة أصوات عن الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد الآسيوي في حين حصل الأمير الأردني علي بن الحسين على 27 صوتاً والفرنسي جيروم شامبين على سبعة أصوات.
وكانت فرص الشيخ سلمان ستبدو أفضل لو اتحد مع الأمير علي حيث حصل انفانتينو على 115 صوتا من 207 أصوات في الجولة الثانية – وهو ما يزيد عن الغالبية المطلوبة وهي 104 أصوات – في حين حصل الشيخ سلمان على 88 صوتاً والأمير علي على أربعة أصوات.
وقال الشيخ علي آل خليفة رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم في مقابلة تلفزيونية: «بعض الدول أعطت وعوداً لكنها لم تلتزم بها. كلنا عرب لكن للأسف البعض ساند المرشح الآخر ونتمنى أن يتغير ذلك في المستقبل. نحن كعرب كان يجب أن نوحد مواقفنا ونكون أكثر وضوحاً مع بعضنا البعض». وأضاف: «بدا من الجولة الأولى أن العديد من الدول مالت للطرف الآخر. علينا النظر إلى الأمام والمهم أن يخرج الفيفا من أزمته ويجب أن يقف الجميع خلف الرئيس الجديد».
ووعد الاتحاد الأفريقي بدعم للشيخ سلمان فيما أعلن الاتحاد الآسيوي مساندته أيضاً لكن يبدو أن بعض الدول في الاتحادين لم يصوت لصالحه.
وقال معتصم جعفر رئيس الاتحاد السوداني: «أفريقيا التزمت بما وعدت به لكن واضح أن هناك اختراقات في آسيا أدت إلى هذه النتيجة». وأضاف: «كان الاعتماد في المقام الأول على أفريقيا وآسيا إضافة إلى بعض الأصوات البسيطة حتى يصل إلى 100 صوت في الجولة الأولى وأفريقيا التزمت وعليه البحث داخل بيته».
فرصة ثانية
وكانت هذه الفرصة هي الثانية للمنطقة العربية للفوز برئاسة الفيفا بعد أن خسر الأمير علي أمام سيب بلاتر 133 صوتاً مقابل 73 في انتخابات أيار الماضي عندما أعلن الشيخ سلمان مساندته للمسؤول السويسري.
لكن بلاتر الذي تولى رئاسة الفيفا في 1998 أعلن بعد ذلك بأربعة أيام أنه سيتنازل عن منصبه ثم أوقفته لجنة القيم من ممارسة أي نشاط متعلق بكرة القدم لثماني سنوات، قبل أن تقرر لجنة الاستئناف في الفيفا تقليص العقوية إلى ست سنوات.
الآغا يغرّد
وكتب الإعلامي مصطفى الأغا على حسابه على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي: «هذا الرجل بات رئيساً لدولة الفيفا التي يتجاوز عدد أعضائها عدد أعضاء الأمم المتحدة… جياني إنفانتينو فاز بانقسام العرب، انقسم العرب كالعادة فضاعت فرصة تاريخية أعتقد أنها لن تتكرر». وأضاف: «حصل الشيخ سلمان بن إبراهيم في الجولة الأولى على 85 صوتاً وحصل الأمير علي على 27 صوتاً أي 112 صوتاً ولو حدث تنسيق فلربما كان الرئيس عربياً».
وكان يمكن أن يؤدي التعاون بين الشيخ سلمان والأمير علي إلى فوز أحدهم في الانتخابات إذا قررا تجاوز خلافاتهما في الماضي.
والملكة رانيا تعلق أيضاً…
وكتبت الملكة رانيا قرينة العاهل الأردني الملك عبد الله على تويتر: «بغض النظر عن النتيجة فكلنا فخورون بجهودك ونزاهتك في سباقك لرئاسة الفيفا… سمو الأمير علي ستبقى قيادياً ينير الدرب في لعبة كرة القدم».
والفهد يتحدّث عن إصلاحات الفيفا
من جهة أخرى، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية في الفيفا ورئيس المجلس الأولمبي الآسيوي الشيخ أحمد الفهد الصباح أن الإصلاحات في الاتحاد الدولي لكرة القدم لن تحصل بين ليلة وضحاها، وأن «عهداً جديداً» بدأ مع انتخاب السويسري جاني إنفانتينو رئيساً للفيفا.
وقال الفهد في بيان: «أود أن أهنئ صديقي إنفانتينو على انتخابه رئيساً للفيفا، إنه شخص شغوف بكرة القدم، وأنا أعرف أنه سيضع هذه اللعبة في صلب مهمته لترميم صورة الفيفا، ويمكنه أن يتأكد من دعمي الكامل له في المرحلة المقبلة».
وأثنى الفهد أيضاً على المرشحين الأربعة الآخرين «بعد الحملات القوية التي جرت بروح ديمقراطية حقيقية».
وكانت الجمعية العمومية غير العادية صوتت بأكثرية واضحة لمصلحة الإصلاحات التي اقترحتها لجنة كلفها الفيفا قبل أشهر برئاسة المحامي السويسري فرانسوا كرّار، وعضوية الفهد وإنفانتيتو وأعضاء آخرين مثلوا الاتحادات القارية الستة.
وقال الفهد في هذا الصدد: «إن موافقة كونغرس الفيفا الساحقة على الإصلاحات الواسعة النطاق التي اقترحتها لجنة الإصلاحات أظهرت الإيمان المشترك بضرورة التغيير». وتابع: «ساهمت بهذه الاقتراحات كعضو في لجنة الفيفا للإصلاحات، ولكن ما يزال بانتظارنا طريق طويل، فالإصلاح لا يمكن أن يحصل بين ليلة وضحاها». وأضاف: «ومع ذلك، بقيادة الرئيس الجديد إنفانتينو… أعتقد أننا أسسنا لقاعدة يمكننا الانطلاق منها إلى الأمام وإعادة الفرحة إلى كرة القدم مجدداً».
وأوضح الفهد: «أتطلع كثيراً إلى التغييرات الإيجابية في السنوات المقبلة والتي ستعيد التركيز على كرة القدم وتبشر بعهد جديد لرياضتنا العالمية».