كي مون يشيد بالهدنة… والرياض وجماعتها يتحدّثون عن انهيار قريب؟ محاولة فرنسية فاشلة لضمّ «النصرة» إلى وقف النار ضمن دفتر شروط لستة أشهر

كتب المحرر السياسي

ينفرد السعوديون وجماعتهم من المعارضة التي باتت تحمل اسم مجموعة الرياض التي يقودها رياض ورياض، واحد بحجاب، وآخر نعسان، بما يطابق الحال السعودي، ويغرّدون خارج السرب الدولي في التعاطي مع الهدنة المعلنة في سورية، ففيما يجمع الأميركيون والروس على نسبة التزام تفوق المتوقع، ويشيد بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تلوّح الرياض ورياضاها الحجاب والنعسان، بانهيار قريب للهدنة، ويعيد إعلامها التبشير ببدائل للهدنة، فيما بدا أنّ الرهان السعودي كان مجرد وهم لما قد يترتب على كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن خطة «ب»، قال الأميركيون إنهم أرادوا منها من جهة إظهار تشكيكهم بفي الدولة السورية وجيشها، وعدم ثقتهم بالتزامها بهدف الحث على المزيد من الضبط، كما نقلت مصادر روسية إعلامية عن أوساط دبلوماسية روسية استوضحت خلفيات التصريح الأميركي، وأضافت أنّ الروس شرحوا للأميركيين، أنّ الدولة السورية مقتنعة بما ورد في البيان الروسي الأميركي المشترك لجهة استثناء «داعش» و»جبهة النصرة» من أحكام وقف النار وتخيير الجماعات المسلحة بين الالتحاق بـ»داعش» و»النصرة» أو الانضمام إلى مسار الهدنة، وأنّ الخطاب السياسي ليست له وظيفة على جبهة الدولة السورية لحثها، بل على جبهة الجماعات المسلحة، لتشجيعها على الانضمام إلى مسار الهدنة، والحديث عن خطة بديلة يشجعها على العكس. وقالت المصادر إنّ اتفاقاً روسياً أميركياً تمّ في النهاية على خطاب موحَّد يقول إنّ الهدنة فرصة لا يجوز تفويتها، لأنّ البديل سيكون سيئاً لكلّ مَن يحاول تعطيلها. وبعد الكلام السعودي الذي كرّر ما قاله كيري تقول المصادر إنّ مراجعة جرت بين موسكو وواشنطن أكدت أنّ تصريح كيري كان بمردود سلبي على الهدنة.

الخطة «ب» الفعلية، حملتها فرنسا عبر اجتماع لجنة متابعة الهدنة في باريس أمس، حيث نقلت تقارير جماعة الرياض، لتقول إنّ الهدنة تتهاوى، وأنّ الطريق الوحيد لضمان تنفيذها وتوسيع نطاقها، هو ضمّ «جبهة النصرة» إليها وحصر الحرب بـ»داعش» فقط، وهذا ما كان يدأب عليه رموز الرياض بالقول إنّ التشابك بين مواقع «النصرة» والجماعات المسلحة يجعل التمييز صعباً والتاريخ المشترك بينها يجعل الفرز والانفصال أصعب، وأنّ دفتر شروط تتولاه جماعات الرياض لضمّ «النصرة» إلى مسار العملية السياسية بضمّها إلى الهدنة لستة أشهر يمكن أن يشكل طريقاً في الوسط، يمكن بعده ضمّ «النصرة» إلى جانب «داعش» في الاستهداف إذا فشلت في تلبية الشروط، أو يجري دمجها في العملية السياسية. وعلمت «البناء» أنّ الفرنسيين فشلوا في تمرير مشروعهم، وأنّ الأميركيين قد تصدّوا لهم في الاجتماع، وذلك أنه بالرغم من كون الأميركيين قد حاولوا الشيء نفسه على امتداد السنة الماضية وحتى عشية إقرار بيان الهدنة، إلا أنهم يعلمون أنّ تغيير شروط الهدنة يعني سقوطها، بعدما كان استثناء «النصرة» منها شرط ولادتها، ضمن مشروع ترتيب وضع الجماعات المسلحة التي استعصى وضع لوائح تصنيفها بين مقبول في العملية السياسية، ومَن يجري ضمّه إلى لائحة الإرهاب، فكانت الهدنة طريقاً اختيارياً لهذا التصنيف، وفتح طريق العملية السياسية، خصوصاً أن لا أحد يُنكر أنّ «النصرة» هي الفرع الرسمي لتنظيم «القاعدة».

بانتظار حوار جنيف الاثنين المقبل، ومَن سيمثل المعارضة فيه، ستتواصل حالة التصعيد والمناورات، كما يقول مصدر دبلوماسي على صلة بالتحضيرات للحوار المرتقب بين الحكومة السورية ووفد المعارضة، ويرى المصدر أنّ التمثيل الكردي صار محسوماً، وأنّ الرسالة الروسية للأكراد التي بدأت بالحديث عن فرضية بحث السوريين في ما بينهم صيغ حلّ للمطالب الكردية تحفظ وحدة سورية، بما فيها الفدرالية، أرادت التأشير إلى محورية التمثيل الكردي في الحلّ السياسي، رغم ما أثارته من تعليقات وتأويلات مصدرها الرياض تتصل بالحديث عن تفاهم روسي أميركي على تقسيم سورية، بدا أنها جزء من حرب إعلامية. فتقسيم سورية وخصوصاً انطلاقاً من البعد الكردي، كان يستدعي توفير العمق السكاني والجغرافي للكيان الكردي المفترض، وهذا يفترض منح العنوان الكردي للبيشمركة وزعيمها مسعود البرزاني، وهذا ما لم يحدث رغم الرغبة التركية بذلك وعدم الممانعة الأميركية، بينما وقفت روسيا بقوة لمنع ذلك قناعة بخطورته على وحدة سورية، أصرّت على حصر التمثيل الكردي بلجان الحماية الكردية، لغياب مقوّمات كيان انفصالي في الجغرافيا الكردية في سورية، ووضعت روسيا ثقلها حتى وافق الأميركيون على نظرتها، رغم ما في ذلك من استفزاز لتركيا.

السعودية التي تجهد لتجميع أوراقها قبيل حوار جنيف السوري، واستعداداً لقمة منتصف الشهر التي ستجمع الملك سلمان بن عبد العزيز بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تعجز رغم التبشير الإعلامي بانتصارات في جبهات اليمن، عن تحقيق تقدّم حقيقي يُذكر، ويغيّر المشهد العسكري، وترمي بثقلها الإعلامي مجدّداً في لبنان وتواصل الضغط والابتزاز والاستفزاز، وتراقب ارتفاع منسوب التوتر، بما فيه توتر حلفائها المذعورين من غموض وضبابية خياراتها تجاههم، وفي مقدّمتهم الرئيس سعد الحريري.

الرئيس الحريري كان ضيف العشاء على مائدة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وعلى المائدة كلّ المخاوف والمخاطر، وهاجس بري مساعدة الحريري على امتصاص الضغوط السعودية، والحصول منه على المساعدة في امتصاص ضغوط الشارع، ما دعا سياسياً مقرّباً للقول، يفترض أن تكون مائدة بري للحريري قد تضمّنت، جمعاً ذكياً للكبسة السعودية والفراكة الجنوبية، لتتمكّن من أن ترمز لتقبّل إشاداته بالـ»الكبسة السعودية» بالرغم مما فيها من غرابة مذاقها القاسي بسبب استخدام حبّ الهال بكميات مفرطة، وما تستدعيه من عادات وتقاليد في كيفية التناول والمجلس، وفي المقابل دعوته معها إلى تذوّق وتعلّم أصول «الفراكة الجنوبية» التي يعرف البرغل واللحم فيها كيف يمتزجان ويقدّمان نكهة مميّزة.

عشاء بين برّي والحريري في عين التنية

في ظل التصعيد في المواقف السياسية وتهديد تيار المستقبل بالانسحاب من الحوار الثنائي وموجة الغضب التي تشهدها بعض المناطق اللبنانية على خلفية الإساءة إلى شخصية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يستمر رئيس المجلس النيابي نبيه بري منذ عودته إلى بيروت بمساعيه مع جميع الأطراف لمحاولة تهدئة الأمور وعدم انزلاقها في اتجاه التصعيد والانفجار.

وتتويجاً للاتصالات التي أجراها بري في الساعات القليلة الماضية، التقى مساء أمس الرئيس سعد الحريري في عين التينة واستبقاه إلى مائدة العشاء، ودار الحديث حول الأوضاع والتطورات الراهنة.

وصدر عن الاجتماع بيان أكدوا فيه أن «قادة الرأي في لبنان والقيادات الدينية والسياسية ومختلف مؤسساته الإعلامية والثقافية مطالبة بالتصدي لهذه الحملات المشبوهة ومواجهة كل محاولة لإشعال نار الفتنة حرصاً على لبنان واللبنانيين».

«المستقبل» سيعود إلى الحوار

وأكدت مصادر عين التينة لـ«البناء» أن «المشاورات دائمة ومستمرة بين الرئيس بري وقيادة تيار المستقبل والرئيس الحريري ولم تتوقف»، وشددت على أن «الحوار هو مطلب ولا أي جهة تستطيع الهروب منه، لأنه إذا توقف البعض عن الحوار فما هو البديل؟». وأكدت المصادر أن «تيار المستقبل سيعود إلى طاولة الحوار مع حزب الله وذلك بعد منتصف الشهر الحالي»، ولفتت إلى أن «هذا الحوار يحقق نتائج إيجابية رغم أنها تبدو غير ملموسة أحياناً».

وحذرت المصادر من اللعب بالوضع الأمني «فذلك ليس لمصلحة أي جهة»، وتحدثت عن «مساعي تبذل لضبط ردة فعل الشارع الأخيرة على ما قامت به إحدى الفضائيات تفادياً لأي احتكاك مع الشارع الآخر».

العودة إلى الحوار قيد النقاش

وقالت مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ«البناء» إن «عودة المستقبل إلى طاولة الحوار مع حزب الله قيد النقاش»، مشيرة إلى أن «المستقبل يدرس جدوى الاستمرار في هذا الحوار بمعزل عن تأكيد مشاركته في طاولة الحوار الوطني».

هل يصبح الحوار أملاً؟

ولفتت المصادر إلى أن «الحوار الثنائي ليس إلا لجنة ارتباط لحل المسائل الهامشية على طرف الخلاف الأساسي الإقليمي والذي لبنان بات من ضمنه». واعتبرت أن «محاولات التخفيف من عبء هذه المواجهة على الشارع قد تنجح لبعض الوقت، لكن الوضع في المنطقة يتجه إلى حسم الخيارات ومن الممكن أن ينفلت الوضع ولا أحد يستطيع أن يضبطه ولا يعرف إلى أين يتجه».

وأوضحت المصادر نفسها أن «جلسات الحوار بين المستقبل وحزب الله تعالج الأمور الخارجة عن الخلافات الإقليمية ويعالج أي حدث لا يراد له أن يتفاقم، لأنه إذا وصل حد الاشتباكات في الشارع يصبح الحوار حينها أملاً لا يمكن التعويل عليه».

لحود: السعودية مرتبكة لخسارتها في سورية

ولفت الرئيس العماد إميل لحود في حديث إلى قناة «المنار» أمس، إلى «أن رئيس الحكومة تمام سلام رجل صالح ولكن يريدون أن يدخلوه في المعمعة»، متسائلا: «اذا حدثت استقالة سلام من الحكومة هل سيخرب لبنان؟»، قائلاً: «لو استطاعوا أن يخربوا البلد لكانوا فعلوا ذلك منذ وقت طويل». واعتبر لحود «ان السعودية أرادت أن توصل رسالة للبنانيين بان من دونها لا يوجد لبنان»، معتبراً أنه «عندما يكون هناك هجوم على لبنان يجب ان ندافع عن أنفسنا لا أن ننأى بأنفسنا». وشدد على «أن لبنان لم يخرج عن الإجماع العربي بل العرب هم مَن فعلوا ذلك والحل هو في أن يراجعوا ضمائرهم»، مشدداً على أن «السعودية مرتبكة لأنها خسرت في سورية».

أبو فاعور إلى المملكة

وغادر وزير الصحة وائل أبو فاعور موفداً من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط إلى المملكة العربية السعودية للقاء المسؤولين السعوديين والبحث في الموقف السعودي الأخير والإجراءات المتخذة بحق لبنان.

الكويت: مساعداتنا للبنان مستمرة

وفي موقف متمايز عن موقف السعودية وبعض دول الخليج التي اتخذت إجراءات عقابية بحق لبنان، أكدت الكويت استمرار مساعداتها إلى لبنان، وأشار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح «أن المساعدات الكويتية للشعب اللبناني الشقيق مستمرة»، مشيراً إلى «أن المطلوب من لبنان أن يكون في أجواء محيطه العربي وهمومه ومشاكله».

السعودية أفرغت ما في جعبتها

واستمرت ردود الفعل الغاضبة على البرنامج الذي بثته قناة الـ»أم.بي.سي» يوم السبت الماضي، حيث قطع شبان مدخل بعلبك الجنوبي، بالقرب من دوار بلدة دورس، وحاولوا إشعال الإطارات، إلا أن تدخل القوى الأمنية حال دون ذلك.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «السعودية أفرغت معظم ما في جعبتها من الأوراق التي تستطيع استخدامها ضد لبنان للضغط على حزب الله وستلعب آخر هذه الأوراق، لكن لا قدرة لديها على فعل أكثر مما فعلته من خلال تقليد شخصية السيد نصرالله على إحدى وسائل إعلامها».

وأشارت المصادر إلى أن «حزب الله لن يتراجع في خطاباته السياسية ضد السعودية، بل هو مستمر بتصعيد أعلى ولن ترهبه الإجراءات السعودية». ورفضت المصادر أن تكون تظاهرات جمهور المقاومة في الشارع رسائل أمنية من حزب الله، «لأن حزب الله لا يلجأ إلى هذا النوع من الرسائل ولا قرار لديه بذلك»، موضحة أن «ما حصل هو فلتان تلقائي للشارع إزاء عمل قامت به السعودية ضد رمز كبير كالسيد نصرالله».

وتحدثت المصادر عن «اتصالات استمرت إلى ما بعد منتصف ليل الأحد بين جميع الأطراف للتعاون لإعادة الوضع إلى نصابه، خصوصاً أن لا أحد يتحمل مسؤولية تفجير الوضع الأمني في هذه الظروف بالذات». واستبعدت المصادر أن تذهب السعودية إلى ابعد من ذلك، «لأن ذلك سيرتد عليها وعلى جماعتها في لبنان وسيكون ثمنه كبيراً، هذا إن كان لديها القدرة على ذلك».

فنيش: الحملات على المقاومة لتشويه صورتها

وفي الإطار، اعتبر وزير الدولة للتنمية الإدارية محمد فنيش أن «الحملات التي تشن على المقاومة هي من الافتراءات والتجني والتشكيك لتشويه صورتها»، موضحاً أن «ليس من سبب يستدعي مثل هذه الضغوط والحملات، إلا أن ما راهنت عليه السلطة الجديدة في السعودية، سواء في اليمن أو في سورية أو البحرين، فشل فأصاب هذه الجماعة بالغيظ فارتدوا إلى لبنان ليضغطوا عليه بذرائع مختلفة».

الولايات المتحدة حريصة على الاستقرار

وفيما عاد الوفد النيابي اللبناني المكلف من الرئيس بري من واشنطن، والذي بحث تداعيات القرارات والإجراءات المالية الأميركية على لبنان، يتوجه وزير المال علي حسن خليل في منتصف هذا الشهر إلى واشنطن للغاية نفسها.

ونقلت مصادر الوفد لـ«البناء» أن «الأجواء إيجابية والموقف الأميركي مغاير تماماً لما أشاعته بعض المصادر عن تشديد العقوبات على لبنان».

وأكدت المصادر أن «الولايات المتحدة حريصة على الاستقرار الأمني والاقتصادي والمالي»، ونفت أي قرار أميركي بفرض عقوبات مالية ومصرفية على لبنان، موضحة أن «هناك عقوبات على بعض الأفراد المحددين يجري النظر في أوضاعهم».

كي مون إلى لبنان

في ظل تفاقم أزمة النازحين في لبنان والمنطقة، يزور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لبنان في 27 أو 28 آذار المقبل، وستكون هي المحطة الأخيرة بعد الأردن وفلسطين في زيارته للشرق الأوسط، حيث سيبحث مع المسؤولين كافة، شؤون المنطقة الساخنة وأهمها تداعيات الأزمة السورية على كل البلدان.

حزب الله استعاد جثمان أبو العلاء

على صعيد آخر، نجحت قوات خاصة من حزب الله والجيش السوري في عملية نوعية باستعادة جثمان الشهيد في المقاومة الإسلامية القائد علي فياض الحاج علاء بعد استشهاده ومجموعة من المقاومين في تلة الحمام في ريف حلب الجنوبي الشرقي.

وقد وصلت أمس جثامين الشهداء إلى مستشفى بهمن في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق، وتمّ تشييعها في مقام السيدة زينب قبل نقلها إلى لبنان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى