الأديب والشاعر القوميّ فيليب سليم مسلّم… سيرة نضال وإبداع
لبيب ناصيف
بتاريخ 10/5/2007 نعى الحزب السوري القومي الاجتماعي أحد مناضليه الأفذاذ الذين تميّزوا في عالم الأدب والرواية والمسرح والشعر، باللغات العربية والإنكليزية والبورتغالية، هو الأمين فيليب مسلم 1 ، الذي وافاه الأجل في مدينة ريو دو جانيرو البرازيل، وفيها شيّع إلى مثواه الأخير، معرّفاً عنه أنه من مواليد جديدة مرجعيون 1921، انتمى إلى الحزب عام 1952 وتحمّل فيه مسؤوليات عديدة، منها عميد دون مصلحة ورئيس لمكتب عبر الحدود.
ويوم السبت 12 أيار أقيم في الكنيسة الإنجيلية في بيروت قداس وجناز عن نفس الأمين الراحل بحضور الأهل والرفقاء والاصدقاء، بينهم الأمناء مسعد وناديا حجل، أليسار سعاده، نصري خوري، توفيق مهنا، لبيب ناصيف، رضا كبريت، عبود أبو جودة، وعبود آسيو.
ترأس القداس القس حبيب بدر الذي ألقى كلمة تعريفية بالأمين الراحل وبمسيرته الأدبية والوطنية، ثم ابنته روزي التي ألقت كلمة بالإنكليزية، فديانا باللغة العربية، وتكلم باسم العائلة شاكراً الحضور متحدثاً عن مزايا الأمين فيليب ومآثره، ابن اخته الرفيق حليم رزوق.
كان الأمين فيليب مسلم أمضى الأربعينات من القرن الماضي في فلسطين، في حيفا والقدس وأماكن اخرى، يدرّس في كلية النهضة وكلية الامة، يدرس الحقوق، يطالع ويكتب، وقد كانت تعاليم سعاده الرابط الأكبر والأهم في وعيه للمسألة الفلسطينية ومواضيع الصهيونية العالمية والاستعمار. يقول: «كان لي الحظ أن أسجل كل تلك الأحداث وأشترك عملياً في المقاومة وأكتب. وكنت آخر إنسان ترك حي «البقعة الفوقا» في القدس ليلة الرابع عشر من أيار عام 1948، ليلة ارتقاب دخول الجيوش العربية القدس، الامر الذي لم يتم لها، بل تم للهاغانا والميليشيات اليهودية». يومها ترك إلى عمان، فدمشق، فبيروت، واستقر في طرابلس حيث بدأ يدرّس في مدرسة طرابلس للصبيان، وهناك راح يسجل احداث فلسطين في قصص نشر منها في مجلات أدبية في لبنان وأذيع منها من دار الإذاعة السورية في دمشق ومن اذاعة الشرق الاوسط، ومن الـ BBC البريطانية، ثم ظهرت في كتاب «حفنة غيم»، « في تدارس مع الرفيق سعيد تقي الدين، صاحب «حفنة ريح». يقول: بعد وقت قصير، وفي الثامن من تموز 1949، استشهد سعاده، وكان بدءٌ على بدء. ورحت أكتب وأخطب وأعلّم مبادئ سعاده في الصفوف وفي النوادي، وأنا بعد، غير منتمٍ للحزب. أدخلت للحزب عدداً كبيراً من الطلاب المتفوقين ومنهم، اليوم، وزراء ونواب وسفراء وأساتذة وأطباء ومحامون ومهندسون ورجال أعمال في بقاع الأرض كلّها . انتميت للحزب عام 1952، في اجتماع في بيت الأمين جبران جريج في رأس بيروت، بحضور عدد كبير من الأمناء والرفقاء.
عيّنت مذيعاً في مديرية التل في طرابلس، ثمّ ناظراً للإذاعة في المنفذية.
صدر لي كتاب آخر « الهزيع الأخير» وهو قصة طويلة تحكي حكاية بطولات، الفصل الأخير منه سيمفونية قصصية لمصرع سعاده. وقد طبع منه ثلاثة آلاف نسخة قدّمت جميعها للحزب.
ثم صدر كتاب آخر «هتاف الدرب»، وقد طبع منه أربعة آلاف نسخة. وهو مجموعة قصص قومية اجتماعية. وكان كل ريعه للحزب.
ثم، بسبب حوادث العام 1958، انتقلت إلى ضهور الشوير، ثم إلى بيروت، وبدأت أدّرس في كلية الجامعة الأميركية وفي الجامعة. وهنا كلفت بمهام مكتب عبر الحدود ومنحت رتبة الأمانة.
صدر لي كتاب آخر «ثرى وبذور»، وهو قصص، وصور مرحلية للنضال الفلسطيني بشكل خاص، والوطن كلّه بشكل عام.
بعد الثورة الانقلابية، وكنت عميداً رئيساً لمكتب عبر الحدود، بقيت متوارياً في بيتي في رأس بيروت تسعة أشهر كاملة. درست فيها كثيراً وقرأت كثيراً. وكتبت كثيراً تسعة كتب كبيرة قصص وروايات ومسرحيات وشعر. وكلّها أعمال أدبية رائدة تعبّر عن حضارة الأمة السورية ومآثر الوطن السوري.
بعدها انتقلت إلى عمّان وهناك جهدت كثيراً في القيادة الموقتة للحزب 2 ، وساهمت في مساعدة المنتقلين منّا هناك… إذ أنني، منذ أيام فلسطين تلك، وأيام الدراسة الجامعية، كانت لي صداقات مع كثيرين، منهم الرئيس وصفي التلّ الذي كان رفيق الدراسة طيلة أربعة أعوام.
مع الرفيق علي غندور ساهمت في تأسيس شركة عاليه الملكية الأردنية .
ثم انتقلت إلى أوروبا، فيمن انتقل. وسكنت في لندن، أسجل قصصاً للـ«بي بي سي»، وأذيع فلسفة سعاده في صفوف نوّاب من حزبَي «العمال» و»المحافظين». وخلال أشهر قمت بنشاط كبير مع رفقاء في باريس وجنيف للاتصال بهيئة العفو الدولية والصليب الأحمر الدولي، بالاضافة إلى حملات إعلامية في تلك الأوساط، الأمر الذي ساهم في تبديل الأحكام على الاسرى القوميين الاجتماعيين في لبنان.
ثم سافرت إلى البرازيل… وفي مدينة ريو دي جانيرو تابعت التدريس والدراسة استعداداً للدكتوراه في الآداب، وتابعت الكتابة بالعربية والبرتغالية. وقد كتبت قصصاً جديدة وروايات ومسرحيات وقصائد من وحي تاريخنا ونضالنا، ووضعت في عروق الكلمات كل ما نعرفه من أساطيرنا… وقد كنت على اتصال دائم بالرفقاء.
عام 1972 عدت إلى لبنان، لأبقى. لكن الظروف لم تكن مؤاتية. فتوجهت لعمّان والتقيت الرفيق علي غندور الذي كان قد أصبح رئيساً ومديراً عاماً لعاليه الملكية الأردنية وقد صار عمرها عشرة أعوام. وانتدبت لأمثل هذه الشركة في البرازيل، واميركا الجنوبية.
في البرازيل وأميركا الجنوبية، نشطت من جديد. وتابعت دراساتي وكتاباتي، آملاً أن يصار إلى طباعتها ونشرها مع الأيام.
عام 1980، في عودة لبيروت وكنت كل عام أعود اتصلت بحضرة المسؤولين في مركز الحزب. وتركت في عمدة الثقافة ثماني مخطوطات أدبية قصصية وروائية ومسرحية وووفِق عليها جميعاً للمباشرة في طباعتها ونشرها.
ثم في عودة أخرى… تركت مخطوطات أخرى. لكن سني الحرب الاحداث كانت مانعاً قسرياً لما أردت… في عام 1996، اصدرت كتاباً «صراخ الجذور» قصص- وهي عبارة عن لحظات متفجّرة في صبرا وشاتيلا وعين الحلوة ومطارح أخرى في الارض المحتلة من فلسطين.
مجموع المؤلفات الصادرة حتى الآن هو سبعة وثلاثون: منها اثنا عشر موافق عليها… وهي كلّها ثمانٍ وعشرون مخطوطة بالعربية، وأربع عشرة مخطوطة بالانكليزية، وكلّها انتفاضات مجنحة سورية قومية اجتماعية، منها:
اليوم السابع قصة طويلة
نداء الأفق قصة طويلة
متى يطلع النهار … متى يجيء الربيع؟ – قصة طويلة
غداً قصة طويلة
يا ليل احترق قصة طويلة
خيّم الليل قصة طويلة ليلة صبرا وشاتيلا، وذكرى ليلة دير ياسين.
أشلاء قصة طويلة ليلة قانا، وذكر صفد وطبرّيا
شتيّ يا دنيا قصة طويلة ليلة القدس، وذكرى الخليل.
الظلال الزاحفة قصة طويلة ليلة جبل غنيم، وذكرى البلدة القديمة.
طوفان قصة طويلة الوطن في المنفى، في البرازيل.
بعد الغروب قصة طويلة البرازيل والوطن.
ملح الأرض قصص قصيرة مع يسوع الناصري.
مع الفجر قصة طويلة المجدلية ويسوع.
شموخ قصص قصيرة أسر… وسجون.
لهذا قصة طويلة اسر …. وسجن.
رجّعي يا رياح قصة طويلة في لبنان.
لِمن ترقص التّلة… لِمن تغني؟! قصة طويلة لبنان والعالم.
انتفاضة الرماد حكايا أساطير.
الكهف حكاية اسطورة.
شهقة الأعماق قصص قصيرة في الوطن.
هنيهات مسرحيات قصيرة في الوطن.
هفّات شعر عامّي.
زيادة على ما ورد ذكره، وخلال السنتين الماضيتين، كتبت أشياء أخرى:
نوال – قصة طويلة، رواية، البرازيل ولبنان… والحروب شمالي لبنان
من زمان – قصة طويلة، رواية، البرازيل ولبنان، ضهور الشوير والأحداث والكورة
سَهَر قصة طويلة، رواية، فلسطين ولبنان، الناقورة وعكا وحيفا، وصور وصيدا، قرب الحدود، الأحداث كلها
حقل ظل وصدى قصة طويل، رواية، الأسر في البيت تسعة أشهر، الخروج، إلى دمشق وعمان، والعالم والعودة
جبال الأطايب- قصة طويلة، رواية، عودة أخرى إلى الجنوب، مرجعيون، وإعادة خمسين ستين سنة، من هناك إلى بيروت وطرابلس وحيفا والقدس وعمان ودمشق… وكل الحروب، واللقاءات… إلخ
يوضح الأمين فيليب مسلم أن أعماله الأدبية نالت جوائز وتنويهات عديدة، منها:
في مباراة للقصة القصيرة لأدباء العالم العربي، نال الجائزة الأولى عن قصة « قال لي الطبيب».
كتاب « ثرى وبذور» قُيّم ككتاب العام.
قصيدة قصيرة باللغة الإنكليزية نالت الإعجاب الكبير، ووصفت بأنها عمل فني رائع متفوق في الشعر الإنكليزي العالمي المعاصر كما كان أفادنا الأمين فيليب شخصياً .
ويضيف أنه انضم إلى جمعية «أهل القلم»، وإلى جمعيات أدبية وفنية أخرى. منها: جامعة الكتاب العالميين، جمعية الشعراء العالميين. حاضر في جامعات وكليّات وندوات: في التاريخ والادب والميثولوجيا، عامةً، وخاصةً في سورية الطبيعية، وبلدان الشرق الأوسط الأخرى.
كان مستشاراً للفنون الجميلة خاصةً الرسم والنحت في مؤسسات ونوادي عرض في ريو دي جانيرو.
وينتهي إلى القول: «أقرأ ساعتين كل يوم، وأدرّس ساعتين، وأكتب ثماني ساعات».
« كل هذه الأعمال، كل أعمالي الأدبية، نابعة ومعبرة عن حقيقة الوطن السوري والأمة السورية».
اقترن الأمين فيليب من السيدة جوليانا كنزفينش، وأنجب منها : ديانا وروزانا
من أشقائه الرفيق المناضل فؤاد مسلم،
من أقربائه: ابن شقيقته سميه، الرفيق الشهيد فؤاد الشمالي،
وابن شقيقه رزق، الرفيق الشهيد سمير مسلم .
هوامش :
كانت رتبة الأمانة قد سقطت عن الأمين فيليب مسلم بعد مؤتمر ملكارت، كما عن جميع حامليها، ومنهم الأمين علي غندور، إنما استمر الرفقاء والأصدقاء يتوجهون إليهما بالأمين، تقديراً لنضالهما الحزبي.
تولت الإدارة العامة الموقتة قيادة الحزب في الوطن وعبر الحدود وكانت تضم عمداً وأعضاء في المجلس الأعلى وأمناء، ممن تواجدوا في الأردن في السنين التي أعقبت الثورة الانقلابية.
رئيس لجنة تاريخ الحزب