معايير الأمن القومي الخليجي… وتحية للمشنوق وباسيل

ناصر قنديل

– ليس لدى مجلس التعاون الخليجي لائحة للإرهاب، وهي لائحة مستحدثة وتضمّ حزب الله فقط، وليس فيها تصنيف لتنظيم «القاعدة» ولا لـ«داعش»، بل هناك لدى كلّ دولة من دول الخليج لوائح عقوبات قانونية للجرائم بينها جرائم الإرهاب والاعتداء على أمن الدولة ونظام عمل أمني يعتمد على ملاحقة الأفراد، وليس بعد هناك لديها مجتمعة ولا منفردة معايير مكتوبة لمفهوم الأمن القومي وبالتالي تصنيف الجماعات والحكومات، وفقاً لهذه المعايير بين عدو وصديق، بل مواقف سياسية وإعلامية تبنى بالتتابع والتقسيط على الطريقة التقليدية للحكومات، والطريقة الأميركية التي توحي بها عملية تصنيف طرف ما إرهابياً أو مصدراً لتهديد الأمن القومي، والقائمة على لوائح ومعايير، ليست لها أيّ من مقدّماتها ومكوّناتها في الخليج ودوله، والإعلان عن شيء اسمه التصنيف في أميركا يمرّ بمراحل منها قياس درجة العداء لـ«إسرائيل» كمكوّن من مكوّنات منظومة الأمن القومي الأميركي، ومنها قياس الخطاب السياسي العدائي للسياسات الأميركية، ومنها المساهمة في أنشطة تعطل هذه السياسات، بينما كلّ هذا يجري بالنسبة للخليج على طريقة التقليد الساذج للأميركي دون مقدّمات متشابهة.

– لو لم يكن الإعلان عن تصنيف حزب الله إرهابياً عملية تقليد سطحية، لكان العمل بالطريقة التقليدية لمنظومة الأمن الخليجية، قد اشتغل بطريقة أخرى، وهي منظومة تشتغل على الأفراد، فيتمّ ضبط الأعمال التي نسبت لحزب الله عبر الأفراد المسؤولين عنها، ومنفذيها، وتحقيقات الأجهزة الأمنية الخليجية معهم، وتتمّ مراسلة القضاء اللبناني بمذكرة متكاملة عن اعترافاتهم ومَن نظَّمهم ومَن وجَّههم ومَن أعطاهم الأوامر ومَن موَّلهم، وتطلب شراكة محقق لبناني وتكوين ملف قضائي مزدوج بين الدولة الخليجية المعنية ولبنان، وتتمّ متابعة الملف بالأقنية الدبلوماسية ويُدعى وزراء الداخلية والخارجية والعدل العرب، وفي طليعتهم لبنان، لوضع قواعد تنسيقية تلاحق الجرائم التي يجري الحديث عن مسؤولية حزب الله عنها بحق دول الخليج، كلها أو بعضها، ووضع حلول للثغرات التي يمكن أن تعقد أو تحول دون تعاون مثمر لتحصل الدول الخليجية على الأمن الذي يشغل بالها وتخشى عليه، وينال المتطاولون عليه جزاءهم، ويلاحق في لبنان الذين حرّضوا وموّلوا وشغّلوا وأعطوا الأوامر، فلماذا نسمع جعجعة ولا نرى طحناً، وما الحاجة إلى خوض الدفاع عن «الحقوق» بالتهجّم السياسي والإعلامي، والتهرّب من شيء بسيط معلوم في مجالات الأمن والجزاء والمخابرات والقضاء، اسمه تكوين ملف، أليس غريباً أن ليس لدى أحد من دول الخليج ملفّ؟

– يسأل أحد وزراء الداخلية العرب وزيراً خليجياً عن «جبهة النصرة» ومشاركتها في الهدنة في سورية، فيجيب أنّ ظلماً لحق بـ«جبهة النصرة» وتصنيفها تنظيماً إرهابياً، ويضيف أنّ دول الخليج لن تصنّف «النصرة» على لائحتها المستحدثة للإرهاب، ومعلوم أنّ «النصرة» هي الفرع الرسمي المعلن والمعتمد لتنظيم «القاعدة»، وفي الوقت نفسه كانت دول الخليج تطلب تصنيف حزب الله إرهابياً في هذا الاجتماع نفسه، فما هو معيار الأمن القومي الخليجي، طالما ليس درجة الخطر على أمن دول الخليج التي يستهدفها تنظيم «القاعدة»، ولا ملف يبرز أو يثبت أو جرى تقديمه عن استهداف حزب الله لهذا الأمن؟

– هل يمكن القول إنها فوضى المعايير، والاحتكام للمزاج الغاضب، أم يجب أن يلفت انتباهنا أن ليس هناك من يشارك حكومات الخليج في تصنيف حزب الله إرهابياً ورفض تصنيف «جبهة النصرة» بالإرهاب في آن واحد… إلا «إسرائيل»؟

– تحية إلى وزيرَيْ الخارجية والداخلية اللبنانيين جبران باسيل ونهاد المشنوق، رغم تباينهما السياسي لتبنّيهما موقفين متطابقين من «البيان» و«القرار» و«التحفظ»، في اجتماعين عربيين وزاريين مختلفين، عندما اتصل الأمر بتصنيف حزب الله إرهابياً… لتظهر الدولة اللبنانية دولة معايير، رغم الصخب والضجيج الداخلي عن الخلافات والانقسامات، فيبدو أنّ شبه الدولة لدينا أشدّ خجلاً من انتهاك المعايير من الدول الخليجية التي تدّعي مهابة الدول الكبرى… ووحده وزير العدل عندنا خليجي فطال رذاذ خطابه الاعتراضي ما قام به الوزيران في مجال اختصاص كلّ منهما، بينما لم يقم هو بشيء من اختصاصه بالمبادرة فور سماعه بالتصنيف بالتقدّم بطلب إيداعه نسخة من… «الملف»!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى