لا تدنّسوا شرف البندقية المغربية

المغرب ـــ منعم وحتي

قرار خطير آخر تقدم عليه الأدوات التنفيذية للمملكة المغربية، يؤكد بالملموس أنه حين يتعلق الأمر بالمصالح الضيقة والمرضية لدول الخليج، يفقد حكام المغرب بكارتهم واستقلال قرارهم، وينزوون طوعياً ضدّ مصالح وتطلعات وتاريخ الشعب المغربي.

لسنين طويلة، والمغرب خاضع قسراً لإملاءات دول البترودولار الخليجية، هم مَن وضع مناهج تدريسنا وخصوصاً الدينية، راجعوا من أطر بدايات كتبنا المدرسية للتأكد، هم مَن كلما اشتدت أزمة عربية ـــ عربية أمروا متسلّطين لذبح جنودنا على مقصلة مطامعهم المتأسلمة بالمنطقة، هم مَن لوث سياحتنا تحت أعين لا تنام، هم مَن رغم فضهم بكارة استقلال قرارنا لم يستطع متسلطو الحكم في المغرب حتى استمالتهم لقرار عربي حول وحدة أراضينا حول الصحراء المغربية.

لسنين طويلة وهم يجيّشوننا وراء نزواتهم المريضة لتحقيق حلم حكم المنطقة بعد تفتيت أوصالها، وللأسف فمثقفونا نيام وفيروس الإرهاب يستشري في مجتمعاتنا، بمشروع تكفيري هم مَن وضع أسسه احتضاناً وتمويلاً، وتشريعات النصوص النجدية الغارقة في ظلاميتها، هي مقومات دولتهم الوهابية، والتاريخ يفضح عورة من يدّعون خدمة الحرم بهتاناً.

منذ تأسيس أجنحة «القاعدة» واستيطانها في شرايين بلداننا، وما فرّخته من تنظيمات موازية، لم يسجل قط أنّ دول الخليج دفعت في اتجاه تجييش الجامعة العربية لإدانة هذه التنظيمات، رغم تنكيلها بشعوب المنطقة، ذبحاً وتقطيعاً للرؤوس وتصفية للأقليات المغايرة، ببساطة لأن الذئبة لا تأكل أبناءها.

حتى موقع النأي بالنفس، عن تأجيج الصراعات العربية ــــ العربية، الذي طالما لوّح به حكام هذا البلد، رموه في سلة القمامة، بدءاً بزجّ الجيش المغربي في أتون تقتيل الشعب اليمني، وصولاً إلى تحريك الجيش المغربي للمناورة على حدود الشعب السوري، إنه انتهاك مزدوج لسيادة الشعب المغربي، أن لا يستفتى في دعارة سياسية من هذا النوع مع أمراء الخليج، وسند صهيوني بين، لم يعُد يستحي أن يُخفيه سلاطين البترودولار.

رغم اختلاف المرجعيات والتوجه، يجب الاعتراف وفي واضحة النهار، أنه لولا تدخّل قوات حزب الله لوقف المدّ التكفيري، لأصبحت مقصلة داعش تتوسّط قلب بيروت، وأصبح الوضع أكثر كارثية، لقد وقفوا في وجه مدّ تكفيري بلغة الدم لم يُخفِ الخليج التورط في صناعته، وما الاستصدار السري لموقف عزل حزب الله في بيان وزراء الداخلية العرب إلا امتثال لأمر صهيوني ـــ خليجي في هذا الاتجاه، لكن الأكيد أنّ إرادة الشعوب أصلب من بيانات الغرف المظلمة، وما يُذكي هذه النزعة الوهابية أنّ رأس الأدوات التنفيذية المغربي متورّط إلى ركبه في مؤامرات التنظيم الدولي ومحوره التركي المدمّر في الاتجاه نفسه دائماً.

انتبهوا، فالخليج يريد إحراقنا، في لعب آخر أوراقه بالمنطقة، بعد انفضاح وتراجع مدّه الدموي إقليمياً، لن نسمح لمن يريد تلطيخ شرف البندقية المغربية في بحر دماء الأشقاء بالمنطقة تحت ذريعة إرهاب، بعد انحساره، محاولة لبعث الروح في جثة ميتة.

لا تدنّسوا شرف جنودنا الراقدين في مقابر جبل الشيخ والجولان في معركة الكرامة بسورية، ذات زمن مشرق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى