زيارة الملك السعودي إلى روسيا وتحديد اسم الرئيس…

روزانا رمّال

يتحدّث مصدر ديبلوماسي غربي عن نية سعودية بزيارة العاصمة الروسية موسكو للقاء الرئيس فلاديمير بوتين، لكنه يشدّد على أنها مرفقة بتردّد التأجيل وتحديد موعد انطلاق طائرة الملك لأسباب تتعلق بسرعة تطورات الشرق الأوسط من جهة، وحسابات داخلية سعودية من جهة أخرى، وبعدما كان من المفترض أن تتمّ الزيارة في وقت مبكر بداية العام 2016 تأجلت ليعود مجدّداً كلام روسي رسمي عن موعد للزيارة في الشهر الحالي بعدما كان قد أعلن مساعد الرئيس الروسي، يوري اوشاكوف، أنّ زيارة العاهل السعودي إلى روسيا قد تجري بداية عام 2016.

معاون الرئيس الروسي يتحدّث اليوم عن زيارة مقرّرة منتصف آذار من دون تحديد جدول أعمال الزيارة المجمع على مفصليتها، والتردّد السعودي في هذا الإطار ليس إلا ترجمة لخطورة ما يمكن أن يشكله أيّ فشل في الخروج من قمة ثنائية بهذا الحجم من دون تقاطع في ما من شأنه أن يحقق مصلحة البلدين اللذين يشكلان رأس حربة الاشتباك في الشرق الأوسط، خصوصاً حول سورية وباقي المصالح والعلاقات، فبينما تطغى السلبية على شكل العلاقة التركية – الروسية يطغى مثلها على العلاقة السعودية – الإيرانية.

الموقف الروسي يشكل ضمانة سعودية لجهة تطوّر الموقف مع إيران على الرغم من أنها أسهمت في إيصاله إلى حائط مسدود حتى وقت قريب، فالرياض تدرك أنّ تصعيد الموقف مع إيران يمكن تداركه بضمانة قوة عظمى حليفة لطهران مثل موسكو بشكل يمكن الرياض من العودة إلى المربع الأول والدخول من بوابة التعاون بالمفاوضات بضمانات روسية لا يمكن أن تؤمّنها السياسة الخارجية الأميركية، وعليه فانّ الحرص على العلاقة الروسية الخليجية في وجه إيران هو ضرورة حيوية للسعودية ومعها دول خليجية حرصت على العلاقة الجيدة مع القيادة الروسية وعلى زيارات توالت طيلة الأزمة السورية. وقد أسهمت القيادة الروسية في النجاح بتعزيز الاتصالات مع حكام الدول العربية الخليجية منذ بدء دورها بشكل أكبر، وكان ذلك واضحاً باستقبال بوتين في منتجع سوتشي ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان وزيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني لثلاثة أيام بحث فيها مستجدات الأزمة السورية وقضايا التعاون الثنائي والتنسيق مع روسيا، خصوصاً في مجال الطاقة، إضافة لزيارة أخيرة لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، في 7 شباط الماضي وهي الزيارة رقم ثلاثة له…

تفرض روسيا اليوم نفسها محجّة وبوابة لا بدّ من دخولها لتمرير الحلول أو تعطيلها بما يتماهى مع مصالحها التي توقفت عندها كثيراً بعد مراجعتها أوائل الأحداث العربية، وكلّ ذلك بقناعة أميركية على ضرورة الشراكة، وبالمفاتيح التي تملكها موسكو في أكثر الملفات دقة مثل تعاطيها في الأزمة السورية والعلاقة مع إيران والعراق إذ باتت العلاقة مع حلفاء الدول المذكورة من قوى سياسية أساسية وحركات تحرّر ومقاومة تحصيلاً حاصلاً بلعبة العلاقات السياسية والخارجية للأحلاف.

في الظروف المترافقة لزيارة الملك السعودي، خصوصاً بعد مرور سنة على حرب اليمن، وتحقيق تقدّم جدي في الميدان السوري لمصلحة النظام وحلفائه، تشكل هذه الزيارة نقطة انطلاق مرحلة جديدة سعت الرياض كثيراً لتفاديها، وتردّدت في التعجيل بالزيارة فاسحة للمجال إلى مساحات ونقاط ممكن أن تؤجل موعد انخراطها في مفاوضات تحتم عليها التنازل مثل أن تتقبّل دور إيران في العراق واليمن والمنطقة واقتسام سياسي للسلطة في سورية في ظلّ وجود الأسد وفوز سياسي لفريق حزب الله في لبنان.

تخوض المملكة العربية السعودية قبل هذه الزيارة بشكل مكثف حرباً سياسية واضحة على حزب الله تبدو أنها محسوبة من الوقت الضائع لموعدها والهجوم على الحزب ضمن سياسة عزل وتصنيفه إرهاباً وسحب أيّ إمكانية لفوز سياسي يتجسّد بإيصال مرشحه للرئاسة وضغطه بما أمكن لينزلق في أتون فتنوي داخلي أكد أمينه العام استحالة السماح بمروره.

أحد أبرز الملفات المطروحة بين بوتين وسلمان سيكون الملف الرئاسي في لبنان الذي دخل مرحلة حساسة تفرض عقد جلسات متتالية بعد عودة الحريري والإعلان عن مرشحين رئاسيين تدرك المملكة أنهما من فريق حزب الله فوافقت على تسميات تعرف أنها لن تتحقق من دون تعاونها وبأنها لا يمكن أن تبقى مناورة تعرضها على فريق حزب الله الذي ينتظر رفع الفيتو على مرشحه الرئيسي وهو العماد ميشال عون رسمياً.

ومن لبنان وعلى خط روسيا التقى العماد ميشال عون في دارته في الرابية وفداً روسياً، بحضور مسؤول العلاقات الدبلوماسية في التيار الوطني الحر ميشال دي شادارفيان في 25 شباط من المرجح أنه ناقش فكرة زيارة يقوم بها عون إلى العاصمة الروسية للقاء قيادات روسية، ما لبث أن تناقلت معلومات صحافية عن أنّ هناك حديثاً عونياً جدياً عن زيارة قريبة واردة للعماد عون إلى موسكو لطرح الملف الرئاسي بشكل أساسي، ومناقشة أوضاع المسيحيين في المنطقة بعد الدور الروسي وما يمكن أن يشكله عون بعد طرحه كممثل لأكبر حزبين مسيحيين في لبنان التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية كمرشح ضمانة للمسيحيين في المنطقة.

ومن دون الدخول بالمواعيد يبدو أنّ زيارة من هذا النوع بتزامن الحديث عنها مع زيارة الملك السعودي لروسيا أيضاً والتداعيات التي سترخيها نتائجها، منتجة جداً وحاسمة لاسم الرئيس اللبناني العتيد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى